الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يُغَير ولا يتَغَير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- عندما كُنتُ أستعد لأستقل سيارتى للذهاب إلى عملى، وقبل أن أنطلق بسيارتى في شوارع نيويورك الواسعة فتحت قائمة الأسماء على تليفونى لأتصل بصديق لى وإذا بى أتفاجأُ بأسماءِ قد حفظتها منذ سنوات لعددِ من الأصدقاء أو غير الأصدقاء كى أستخدمها في عملى، فهذا رقم مُحافظ كذا وهذا مُدير مركز كذا وهذه السيدة مساعدة وزير كذا والإعلامى صاحب البرنامج الشهير كذا والمُطرب الأشهر كذا.. إلخ ولم تكن المفاجأة في كمية الأرقام التى شملت كل النواحى الحياتية، حيث إن هذا يُعتبر من صميم عملى، بل إن الصدمة كانت في غياب مُعظمهم فالمحافظ لم يَعُد محافظًا والوزير بطاقمه كله حَل محله آخرون، والمطرب المشهور خَفت نجمه ورئيس الحزب الفلانى لم يعُد بيننا ونقيب الجهة الكبيرة خَلفه آخر، ورئيس الحى وصل لسِن التقاعد وآخر قُبضَ عليه مُتلبسًا برِشوة.
- الكل تبدل وتغير مات أو أُقيلَ أو لم يعُد صحيًا قادرًا على العطاء، تغيرت اللافتات على مكاتب هؤلاء الناس للافتاتِ بأسماءِ أُخرى هذه هى سُنة الحياة لكن مَن من هؤلاء فَكر في غدهِ؟ مَن منهم تخيلَ ولو لثوانِ أنه إلى زوال؟ مَن منهم كان على يقينِ بأنه مهما مَكثَ في كرسيه لن يكونَ إلى أبد الأبدين؟ فأستعدَ لهذا اليوم وأخلص في عمله وراقب الله فيه.
- إن آفة مُجتمعنا أننا ننبهرُ بما نحنُ فيه ونغُض الطرف على أننا في دُنيانا مراحل طالت أو قصُرت فإنها إلى نهاية، فكَم من ممثلِ أو مُطربِ أتاه الله الشهرة والمجد فيحسب أن هذا سيستمر إلى آخر يومِ في عُمره والحقيقة خلاف ذلك حتى إذا ما تمتعَ بهذا المجد لعددِ من السنين حتى يظهر مَن يأتى ليتفوق عليه وحينها يبدأ في خفوتِ نجم الأول وتنحصر عنه الهالة والبريق.
- هذه الحقيقة تنطبقُ على كل المهن والمراكز وفى كل العُصور ومع ذلك يقع بها كل يوم إنسان جديد غَرته الدنيا وسحرته بل وأوهمته أنها له للأبد ولكن الأمر بخلافِ ذلك صاحب المركز والجاه والسلطان لن يكون في مكانه حتى تقوم الساعة.
- إن هذه السطور القليلة ليست دعوة للإنغلاق والتقوقع وانتظار المصير المجهول، بل إنها عكس ذلك تمامًا إنها دفعة للأمام للتدبر والبحث، هى حافز أن الحال لن يَدوُم على سابق عهده، لذا فمن يحتل مركزًا لا بد أن يتقى الله ويعمل بجِدِ وإخلاص ليترك خلفه سُمعهً طيبة، ومَن أتاه الله العُمر والصحة لا يجب أن يتخذهما في إيذاء الناس أو التفاخر بهما بل أن يتواضع ويُهدئ من نَفسه، فلا شيء يدوم على حاله ووقتها سيجدُ من حوله عونًا له لا عليه لأنه قَدم لهذا اليوم.
- عِيشوا واجتهدوا، تفاءلوا واعملوا لمستقبلكم، تنافسوا بشرف، اتركوا خلفكم كل طيب، إذا أخطأتم سارعوا بالاعتذار، وإذا غَلبكم المنافس هنئه وأسعد لسعادته واجتهد لتتقدم عليه يومًا بشرف، لا تقنطوا من رحمة الله وفرجه وكرمه أبدًا، ولا تغتروا بما أتاكم من صحة أو مالِ أو جاه فالأعمار محدودة والأنفاسُ معدودة.
- الخُلاصة كن إنسانًا كُن واعيًا بأنها إلى زوال وأعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا وأعمل لآخرتك كأنك تموتُ غدًا هذا هو قمة الفهم ومبلغ الرضا والسعادة.