السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دولة سوق باب اللوق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يخطئ المسئول إذا اعتقد أن الصحفي قد ينسى ملفا قد فتحه وطالب من خلاله بضرورة المعالجة، حفاظا على المال العام وعلى وجه مصر الحضاري.. كتبت مقالا عقب عودتي من جولة آسيوية ورأيت هناك الاحتفاء بالأسواق التاريخية.. رأيت سعر الحجارة القديمة للسوق وهي تعطي ميزة تنافسية للسلعة المعروضة.. كتبت من أجل إنقاذ سوق باب اللوق التاريخى من فوضى الإهمال وسلطة الفئران التي ترمح بداخله فتصيب الزائر موجات الفزع لأن ذلك يحدث على بعد أمتار من ميدان التحرير.. كتبت ولكن الحكومة لا تقرأ.
اعتقدت الحكومة أن اليأس قد يصيبنى وأننى لن أكرر المطالبة ولكن ها أنا أعود إليكم من جديد لكى ألعن الإهمال والفساد والتواطؤ وإهدار المال العام.. التقيت مسئولًا بالمحليات تقع السوق في دائرة اختصاصه نفض يديه من الملف وأجاب بأن إدارة السوق لا علاقة للدولة بها باعتبار أن ملكيتها لا تعود إليهم.. وأن هناك ما يشبه الحارس أو المصفى -لا أتذكر بالضبط الصفة التى قالها- وأن هذا الحارس أو المصفى هو المسئول عن كل شبر في السوق ذات الطوابق الثلاثة والسقف الجمالونى الحديدى المبهر.
يدخل الأسمنت والرمل ولا تتوقف الإنشاءات والتعديلات داخل السوق، وكأن المقاول والتاجر يفهمان في التصميم أكثر ممن أنشأوا السوق بدايات القرن الماضي.. الفوضى في أكبر تجلياتها على بعد خطوات من ميدان التحرير.. حتى البوابات الثلاث للسوق تم احتلالها وبقدرة الجنيه المدفوع تحت الطاولة ترتفع اللافتات وتصل الكهرباء للمساحات المسروقة حتى إن السوق وإدارتها صارتا دولة داخل الدولة.
يعرف القاصى والدانى أننى أكتب ولا يشغلنى إلا التقدم والحداثة وهما في حال تحقيقهما سيعود النفع بشكل مباشر على خزانة الدولة، قال واحد من أصدقائى إن محافظ القاهرة يمتاز بالشجاعة واقتحام المسكوت عنه.. ولكننى لاحظت أن كل المتابعات الميدانية التى ينفذها مسئولو الأحياء وكذلك شرطة المرافق تلاحق محيط السوق فتغلق مقهى هنا وتصادر إشغالا هناك، لكنها أبدا لا تدخل بوابة واحدة من بوابات السوق الثلاث لترى العجب في الداخل.
رصد المشكلة والاعتراف بها هو أول طريق حلها.. الاعتراف بالخطأ هو أول خطوة للإصلاح.. لا نريد عصا سحرية لإنجاز المهمة بين عشية وضحاها.. نريد خارطة طريق متوافق عليها لإصلاح تلك البؤرة العشوائية التى تشبه الفضيحة في أهم مربع جغرافى بمصر.
وإذا عجزت المحليات عن فتح الملف ليكن التصعيد إلى مجلس الوزراء حتى يمد يد العون ويوقف هذا الهدر ويعالج هذا التشوه.. لا نريد في كل تحرك مناشدة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة لإنقاذنا.. لدينا وزارت ومؤسسات قادرة على تطوير ذلك الملف سواء كان سوق العتبة أو باب اللوق أو السوق الأشهر بمدخل السبتية المعروف بسوق محطة مصر.
هذه كنوز لو تعلمون عظيمة، وبعض الدول تتمنى لو أن لديها واحد في المائة من تاريخ هذا السوق.. والمؤكد تجاهلها يعنى نزيف المال العام.. ومد يد التطوير على أسس هندسية وفنية وجمالية يعنى نهر من الأموال يتدفق نحو خزينة الدولة.. لن أفقد الأمل أبدا، ونحن نبنى مصر الحديثة سيكتب الكاتب وينزعج المسئول وفى النهاية لن يصح إلا الصحيح.