الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمد علي إبراهيم يكتب.. ورحل ملك الحوادث.. رحلة النجاح والآلام والمرض

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تأثر بمصطفى أمين وأسلوبه ومدرسته فى العناوين.. وأسند إليه كتابة حادثة الصفحة الأولى فكانت كالقصة القصيرة

فكر فى الانتحار بسبب إسناد رئاسة تحرير «أخبار الحوادث» لزميل آخر لكنه تراجع خوفًا من الله

كتب حوارًا لم يحدث مع فاتن حمامة حينما رفضت لقاء الصحافة فدعته لزيارتها وفتحت له قلبها

تولى رئاسة تحرير «آخر ساعة» فأعاد لها الصورة الصحفية وتحقيقات الصفحة الواحدة ومذكرات المشاهير

أصيب بجلطة قلبية تستلزم تغيير 3 شرايين وسافر على نفقة الدولة للعلاج بلندن بأمر رئاسى

تكالبت الآلام النفسية والصحية عليه حزنًا على وفاة زوجته بالسرطان

صادق مليونيرات ونجوماً كروية وفنية ورجال أعمال.. ودخل المهنة كما خرج منها لا يملك إلا كرامته

رفض هدايا كثيرة لتصوره أنها مقابل قلمه واستغلالًا لنفوذه الصحفى

أصابه السأم من الصحافة فترك محبوبته «أخبار اليوم» إلى «الأنباء الكويتية» ليحرر صفحة «البيوت أسرار» الناجحة.


فاجأنى أمس خبر وفاة صديق عمرى الكاتب الصحفى الراحل محمود صلاح، ابن مؤسسة أخبار اليوم وصاحب أهم وأشهر قلم كتب عن الحوادث والجريمة فى الوطن العربي.

فى رحلة الحياة يبحث الإنسان عن قرين له يشبهه فى صفاته أو جيناته الوراثية.. وكان «أبوحنفي» رحمه الله هذا القرين.. فعلى الرغم من انتمائنا لمؤسستين مختلفتين الجمهورية وأخبار اليوم فإن صداقتنا بدأت خارجهما فى حي مصر القديمة، حيث كان لقاء شابين يلعبان كرة قدم شراب فى دورى الأحياء عام ١٩٦٨.. نشأ مدللا مع شدة من والده رحمة الله عليه..وكان جده عضوا بمجلس شورى النواب فى أربعينيات القرن الماضي.. ونكاد نكون الوحيدين اللذين ولدا وعاشا وتزوجا وأنجبا فى نفس الشقة والحي رغم كوننا رئيسى تحرير لفترة زادت على ٢٠ عاما.. عاش فى شقة والده بمصر القديمة -مثلى بالعباسية- رغم أنه كان يستطيع أن يقطن فى فيلا أو قصرا.. دخل المهنة كما خرج منها لا يملك إلا كرامته.. صادق مليونيرات ونجوما كروية وفنية ومستشارين ورجال أعمال وشاهدته كثيرا يرفض هدايا لتصوره أنها ستكون مقابل قلمه أو استغلالا لنفوذه الصحفي.

حصل على الثانوية العامة آخر الستينيات بمجموع أدخله طب الأسنان لكنه شعر أنه لم يحقق رغبته فى أن يصبح صحفيا.. فقد كان يحصل على أعلى درجة في موضوعات التعبير التى يكتبها وظل يذكر نبوءة أستاذ اللغة العربية الذى قال له إنه سيكون كاتبا كبيرا.

دخل كلية الطب غريبا عن وسط تمناه كثيرون.. فجأة أعلنت الدولة عن فتح باب معهد الإعلام بجامعة القاهرة وعرف أن أساتذته سيكونون جلال الحمامصى وصلاح هلال وعلى أمين وبعد ذلك مصطفى أمين نفسه أو مصطفى بك.. وذلك قبل أن يتحول المعهد لكلية.. جرت العادة أن يتم عقد امتحان قبول تحريرى للمتقدم ليعرفوا هل سيصلح كاتبا أو مذيعا.. وجد محمود الشاب ذو العشرين عاما نفسه وحيدا أمام أستاذ الصحافة الراحل إبراهيم إمام وكان عملاقا يعادل طول محمود صلاح مرتين.. أعطاه ورقة وقال له اكتب مقالا عن وفاة تشارلى شابلن.. فقال محمود ولكن شابلن لم يمت يا أستاذ.. فرد الأستاذ متجهما ما أنا عارف.. تصور أنه مات.

استحضر محمود كل خياله ومعلوماته التي استقاها من مكتبة والده وسور الأزبكية ليكتب مرثية عن تشارلى شابلن وهو على قيد الحياة.. قرأ د. إمام الورقة وابتسم ربما كانت المرة الوحيدة في امتحانات القبول وكتب على الورقة.. طالب مبشر يقبل بقسم الصحافة وكانت هذه أول شهادة نجاح له.. عاد من الامتحان فرحا وحزينا.. تحقق حلمه لكنه خيب أمل والده أن يكون طبيبا.. ظل يوما وأسبوعا حائرا ثم استجمع شجاعته وأبلغ الوالد منتظرا عاصفة الغضب.. سكت الوالد ثم قال هل الصحفى أفضل من الطبيب.. تلعثم الصغير وقال «عندى أنا أيوه يا بابا» ورد والده «إنت حر» وكانت هذه شهادة نجاحه الثانية في الحياة وعرف بعدها أنه يمتلك موهبة فى الإقناع ساعدته في حوارات كثيرة أجراها بعد ذلك.. التقطته عين الخبير مصطفى أمين في مدرجات الكلية قبل التخرج في الدفعة الأولى عام ١٩٧٥ وطلب أن يتمرن فى أخبار اليوم.

التحقت بوكالة أنباء الشرق الأوسط وجاء لزيارتي يوما فأثار إعجاب الزميلات لوسامته الشديدة وعندما عرفوا أنه محمود صلاح الذى يكتب حادثة الصفحة الأولى بأخبار اليوم طلبوا التصوير معه.. قلت له هيا نسلم على محمد عبدالجواد رئيس الوكالة.. فقال لى أنا جاى لك وليس لعبدالجواد.. تأثر جدا بمصطفى أمين وبأسلوبه ومدرسته في العناوين..وفي أحد الأيام قال للأستاذ الكبير: «يا ريس أريد عمل تحقيق» فرد أمين قائلا: «ما تعمل».. رد محمود: ما هو أنت التحقيق يا ريس.. سأله إزاي.. فقال محمود: السيارة تنتظرنا.. وفوجئ مصطفى أمين أنه أمام ليمان طرة، فسأل محمود: إحنا هنعمل إيه. قال محمود: الضباط القدامى يريدون تحيتك في حجرة المأمور وأنا هاكتب الحوار.. دخل مصطفى أمين ووجد نفسه سائرا فى ردهة لا تؤدى لحجرة المأمور التى يعرفها.. وإذ بمحمود يطلب منه دخول الزنزانة التى ظل مسجونا بها ٩ سنوات وكان معه المصور أحمد يوسف.. رفض مصطفى بك بإصرار وأخيرا وافق على الدخول دقيقتين.. وكتب صلاح «مصطفى أمين يموت دقيقتين ويعود للحياة».. وذلك بعد أن شاهد قطرات العرق تتساقط من جبهته وأنفاسه متقطعة.. وفي طريق العودة نظر إليه أستاذ الصحافة الحديثة وقال له: مبروك.. رد محمود: على إيه يا ريس.. رد مصطفى بك ستصبح رئيسا للتحرير بعد سنة أو عشرين سيكتب اسمك في صدر الصحيفة.. وكانت تلك ثالث شهادة نجاح لزميلى وصديق عمري.

الدوبلير

مرت الأيام وأسندوا إليه كتابة حادثة فى الصفحة الأولى فكتبها كقصة قصيرة محدثا طفرة صحفية فى هذا الفن بعد أن كان المرحوم عبدالمنعم الجداوي قد جعل قراءة المصور من الغلاف الأخير حيث كان يكتب حادثة الأسبوع.. في هذا التوقيت تم تعيين الأستاذ الكبير الراحل أنيس منصور رئيسا لإدارة وتحرير مجلة أكتوبر بقرار من السادات.. اعتاد منصور أن يكتب صفحة أخيرة عن تأملات وحوارات وأخبار وقراءات في أخبار اليوم الأسبوعية.. في أحد أيام شتاء ١٩٧٩ تأخر منصور عن إرسال مقاله الأسبوعي لأخبار اليوم.. لم يكن قد مضى على تعيين إبراهيم سعدة رئيسا لتحرير أخبار اليوم سوى شهور معدودة.. أسقط فى يده.. الساعة الثانية عشرة يوم الخميس والمقال لم يصل.. استدعى محمود صلاح وطلب منه أن يكتب الصفحة الأخيرة بدلا من أنيس.. صعق الفتي.. يكتب مكان الأستاذ صديق السادات وصفيه.. هرع إلى مكتب مصطفى أمين وقال: إبراهيم بك طلب أكتب صفحة مكان أنيس.. رد مصطفى بك بهدوء وماله.. استطرد محمود: وماله إزاى يا ريس أنا حاجيب ثقافة منصور ورحلاته واطلاعه وصلاته منين.. رد مصطفى أمين قائلا: انظر من الشباك شايف إيه؟ قال محمود: أمطار ورعد وبرق وجو ضبابى قاتم يصيبك بالاكتئاب.. أجاب مصطفى بك: حلو اكتب ده.. وكتب محمود مقالا استدعى فيه شتاءه الطفولى وخوفه من الظلام الذى يصاحبه وذكريات صفارات الإنذار أيام الحرب والهرع للمخابئ فى ١٩٦٧ وحصص التربية العسكرية فى ثانوي.. وفي آخر المقال كتب أنه يحب الشتاء رغم ضبابه ويشاء الله أن يموت فى الفصل الذى أحبه.. وهكذا صدرت شهادة نجاح أخرى لمحمود.. وقابله يوما منصور على باب المصعد فى المبنى القديم وقال له: «أهلا بالدوبلير»، ورد صديقى المرحوم ردا جميلا: «آه.. إحنا بنضرب وأنتم بتقبضوا».. ومن يومها صارا صديقين رغم فارق السنوات.. وتبادل عمالقة أخبار اليوم كتابة الصفحة الأخيرة ومنهم المرحوم محمود صلاح.

وتمضى سنوات الثمانينيات بسرعة وصار محمود نجما وتنقل بين مقهى ريش حيث صادق صاحبه الراحل مجدى عبدالملاك الذى توفي عام ٢٠١٥ وبين سيموندس في الزمالك حيث لقائنا الأسبوعي؛ أما السهرة فكانت فى كازينو فايف بيلز بجوار كلية الفنون الجميلة بالزمالك.

أخبار الحوادث

عندما تولى إبراهيم سعدة رئاسة مجلس الإدارة والتحرير لأخبار اليوم فى مارس ١٩٩١ فكر في إصدار بعض المجلات الأسبوعية حيث كان سلفه سعيد سنبل قد أصدر بالفعل أخبار الرياضة.. دعا سعدة لاجتماع لطرح الأفكار كان بين الحضور الراحلون وجيه أبوذكرى وسمير توفيق ومحمد تبارك ومعهم محمود صلاح الذى هنأه الجميع على أول تحقيق عن مقهى ريش ينشر بالصحافة وكيف استخدمه ثوار ١٩١٩ فى طباعة المنشورات السرية فى القبو السرى تحت المقهى والمكواة التى تعمل بالفحم والبيانو ذى الأوتار النحاسية أحد ثلاثة فى العالم.

انتهى الاجتماع إلى توصية بإصدار أخبار الحوادث وأخبار النجوم على أن يرأس الأولى محمود صلاح ويرأس الثانية محمد تبارك.. لكن دائما الكبار فى الصحافة لهم توازنات ومجاملات وهذا ما حدث مع صلاح وتبارك.. انهمك صلاح فى إعداد الماكيتات والأفكار والأغلفة وطاقم التحرير المساعد له والتبويب وقدمها لسعدة الذى انبهر بها وكذلك بالماكيت الذى أعده تبارك.. كنت وقتها رئيسا لتحرير الإجيبشان جازيت وأبلغنى المرحوم محمود صلاح أن الرءوس تساوت وسيكون هو أيضا رئيس تحرير.. فرحت جدا.. لكن بعدها بيومين طلب مقابلتى ووجدته غاضبا يدخن بشراهة علبتى سجائر في ساعتين.. قال وهو يكاد يبكي إبراهيم يا سيدى عايز سمير توفيق رئيس تحرير ووجيه أبو ذكرى مستشار التحرير وأنا (صلاح) سكرتير تحرير.. انفعل صلاح على سعدة (رحمهما الله) وقال له «أظل عاكفا ٣ أشهر لإصدار صحيفة وتأتى أنت بأصدقائك ليركبوا على أكتافي».. رد سعدة: معلش دول كبار وعايزين نكرمهم في آخر المشوار.. خرج صلاح غاضبا من الغرفة وحكى لى أنه كان مصمما على الانتحار لولا خوفه من الله.. وحدث نفس الشيء مع محمد تبارك وصدرت أخبار النجوم بعد فترة برئاسة تحرير الأستاذة آمال عثمان.

تكالبت الآلام النفسية والصحية على محمود صلاح بعدها توفيت زوجته مريضة بالسرطان تاركة له ولدين وفتاة.. أصيب بالسكر فى توقيت متزامن مع إصابتى به مع اختلاف الأسباب.. أصابه السأم والملل من الصحافة.. فترك محبوبته أخبار اليوم إلى «الأنباء الكويتية» ليحرر صفحة البيوت أسرار وتحقق نجاحا باهرا فى المجتمع الكويتى ويرتفع توزيع صحيفة الأنباء لأرقام غير مسبوقة.. وتحرر عائلة المرزوق أصحاب الجريدة له شيكا على بياض ليظل معهم لكنه فضل العودة لأخبار اليوم.. وإذا بإبراهيم سعدة يفاتحه فى استعادة رئاسة تحرير أخبار الحوادث مرة أخرى لكنه رفض وأبلغه أنه أصيب بعقدة منها.. مضت الأيام وفوجئنا به رئيسا لتحرير آخر ساعة وكان أول ما فعله أن غير قطعها الكبير إلى القطع المميز للنيوز ويك والتايم.. أعاد لها الصورة الصحفية وتحقيقات الصفحة الواحدة.. ومذكرات المشاهير وبدأهم بمحمد التابعى بقلم هدى التابعى وتوالت خبطاته.. كان كثيرون معترضين على تغيير حجم المجلة وطلبوا أن يعيدها للحجم التقليدي لكنه رفض.

ذهبنا فى رحلة يوم واحد مع الرئيس الأسبق لسوريا وأعجب بحوار محمود معه.. بدأت الغيرة من الكبار خصوصا عندما بدأ رؤساء التحرير درجة ثانية (كما كانوا يطلقون علينا) يظهرون فى موائد العشاء الرئاسية الرسمية.. ذهبنا فى موعد عشاء كنت أعلمه مسبقا لكن الدعوة وصلت لمحمود فى نفس اليوم اتصل قائلا: أعمل إيه أنا لابس جاكت وبنطلون والدعوة تشترط الملابس الرسمية. قلت له: انزل هتتحل.. وصلت قبله وتركت له رابطة عنق مع السكرتارية أمام منضدة الأسماء.. دخل خائفا وجلا.. شجعته من مكانى فتقدم.. والعادة أن يجلس الصحفيون متفرقين.. دخل الرئيس الأسبق وجال بعينيه فى الحاضرين وتوقف عند محمود.. قال له ضاحكا: صغرتها (قاصدا المجلة) لكنها أصبحت حلوة باقرؤها - تنفسنا الصعداء.. من تانى يوم بدأت "الزُنب والأسافين" وأصيب بجلطة قلبية تستلزم تغيير ٣ شرايين.. وكان قرار مبارك بسفره على نفقة الدولة للعلاج بلندن.. حاولت السفر معه للمساعدة في المعاملات اليومية خصوصا أنه غير مسموح له بالانفعال، لكنه أبلغنى أن الأنباء الكويتية أرسلت اثنين ليتوليا الترجمة له في لندن أحدهما طبيب وعاد سليما.. ليكتب عن حوار لم يحدث مع فاتن حمامة وكانت قد رفضت قبلها إجراء أي حوار.. اتصلت به بعد نشره الحوار الخيالي ودعته لزيارتها.. ذهب محمود إليها حاملا باقة زهور من محل شهير بالزمالك وأجرى حوارا تحدثت فيه عن كل شيء ورفضت الكلام عن عمر الشريف وقالت: أنا الآن زوجة الدكتور محمد عبدالوهاب.

خبطات صحفية

تأخرت صحته بعد عودته للتدخين، وانتقل لأخبار الحوادث ابنته التي ولدها وخطفها غيره فرفع توزيع الصحيفة إلى أكثر من ١٣٠ ألف نسخة أسبوعيا.. وكتب سلسلة ممتعة عن خط الصعيد والسفاح محمود إسماعيل ولص زهرة الخشخاش من متحف محمود سعيد حسن السعيد، الشهير بحسن العسال والذى أصبح صديقا لمحمود صلاح بعد أن أعادها وتوسط له محمود لدى الداخلية ليحصل على مشروع يتعيش منه.

من خبطاته التي لا تنسى حديثه مع حسن نصر الله.. كان عائدا معى على الطائرة من بيروت حيث أجريت لقاءات مع نبيه برى ووليد جنبلاط عن مستقبل لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري.. بعد يومين فوجئت باستدعاء من المخابرات العامة ووجدته هناك.. وقابلنا اللواء عمر سليمان منفردين..سألنى عما دار باللقاءات.. وسأله سؤالا محددا هل غير نصر الله مكانه أثناء الحديث أو غيرت أنت مكانك فقال لا.. ورد عمر بك رحمه الله الحوار كان مسجلا.. وعرفنا بعدها أن السؤال كان للتأكد من أنه قابله وليس أحد غيره.. الراحل العزيز اهتم بالجانب الإنسانى فى المجرم وظروفه العائلية ويؤمن أن هناك ظروفا قهرية دفعته لهذا المصير.. هكذا تناول شريف الفيلالى وعزام عزام الجاسوسين وعزت حنفى خط الصعيد.. وفى آخر عدد فى أخبار الحوادث وقبل ثورة ٢٥ يناير بثلاثة أيام صدرت أخبار الحوادث بصورة لمبارك وتحتها «هؤلاء يتآمرون على مبارك» ذكر أسماء ومناصب أساءت للرجل فى سنواته الأخيرة.. انهالت التليفونات على مكتبه بالتهديد وبالعزل والمحاكمة.. لكن القدر كان أسرع.. استقلت أنا بعد خطاب التنحى بثلاثة أيام.. وانتظر هو تغييرات يحيى الجمل وحكومة عصام شرف.. ودخل فى اكتئاب بعد أن كان ملء السمع والبصر.. وأذكر فى النهاية أن ثلاثة فقط من أصدقائه ظلوا معه لآخر أيامه المستشار مرتضى منصور والدكتور عبدالرحيم علي رئيس مجلس إدارة وتحرير «البوابة» وكاتب هذه السطور.. الله يرحمك يا حبيبى كم كان ثقيلا أن أنعيك وكنت أتمنى أن تكون أنت البادئ.

خرج جثمانه من شقته الصغيرة كما خرج والده ووالدته.. لم يتغير فيها شيء سوى حجرة النوم التى تزوج بها.. سيظل صلاح اسما محفورا فى ذاكرة صاحبة الجلالة بكل ما قدمه.. أشعر بحزن شديد لأنى لم أعانقه مودعا.. مع السلامة يا حبيبى وأخويا وصاحبي.