الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«البورصة السلعية» تضرب الاحتكار وتحمى صغار الفلاحين.. ضبط الأسواق والأسعار في المحافظات والبداية بـ 5 سلع زراعية.. وأبو صدام: تقضى على هيمنة كبار المزارعين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت مصر الحرب على الاحتكار وهيمنة الكبار على الأسعار والأسواق، حيث قررت الحكومة إنشاء بورصة سلعية تهدف إلى وضع مصر على الخريطة العالمية لتداول السلع من خلال المعايير والمواصفات القياسية والمحددة للسلع، مع جذب أكثر لرأس المال الأجنبي، وتسعى البورصة السلعية الجديدة، إلى دعم صغار التجار أمام احتكار الكبار، وحماية المواطن المصرى من مفاسد هذا الاحتكار.



سوق الخضروات
وتعود فكرة التوسع في البورصات السلعية حينما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبل عامين للتوسع في إنشاء البورصات السلعية والزراعية، لتقليل حركة تداول السلع وتحقيق نقلة نوعية فيما يخص السلع الأساسية داخل الأسواق وضبط أسعارها، ولذلك قامت بإنشاء البورصة السلعية، الذى أُتيح تأسيسها التعديلات على قانون سوق المال في عام ٢٠١٨.



٥ سلع زراعية 
وفقًا لما أعلنه الدكتور إبراهيم عشماي، مساعد أول وزير التموين للاستثمار، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، فأنه من المقرر أن يتم الانتهاء من تأسيس البورصة السلعية قبل نهاية العام الجاري، على أن تبدأ التشغيل بعد ٣٦ أسبوعا من تأسيس الشركة التى ستقوم بإدارتها، برأس مال ١٠٠ مليون جنيه، وستبدأ البورصة بـ ٥ سلع زراعية وصناعية هى الدقيق والذرة والزيت والحديد والأسمنت كمرحلة أولى، كما يتم الانتهاء من تأسيس أول بورصة سلعية للخضراوات والفاكهة، المشروع المتكامل الصناعى والزراعي، حيث بدأ العمل على هذا المشروع منذ بداية عام ٢٠١٨، المُقام في مركز «بدر» بمحافظة البحيرة، وتم توقيع اتفاق مع الشركة الفرنسية «رانجيس» المسئولة عن إدارة أسواق الجملة والمناطق اللوجيستية في فرنسا على تقديم كافة الاستشارات الفنية والدعم الفنى لإنشاء المناطق اللوجيستية وأسواق الجملة وإطلاق البورصة السلعية


مكاسب تأسيس البوصة 
أكد الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن البورصة السلعية مرتبطة بالعرض والطلب وتحديد الأسعار بنوع من الشفافية لمحاربة جشع التجار وغلاء الأسعار المبالغ فيه، فضلًا عن معرفة حجم الإنتاج من المحاصيل الزراعية المختلفة وحجم الفجوة الموجودة التى يتم حلها بالاستيراد، مشيرًا إلى أن البورصة ستساهم في تواجد صغار المزارعين بداخلها وعدم تواجد فكرة هيمنة كبار المزارعين، فإن هذا الأمر ضمن اهتمامات الدولة، بالإضافة إلى زيادة الاستثمار والاتجاه نحو توجيه المزارعين نحو التصدير للخارج.
وأضاف الإدريسي، أن البورصة ستوفر المعروض والمطلوب بالأسواق في مختلف المحافظات، حيث إن تأسيس البورصة السلعية موجودة في مصر منذ سنوات طويلة، ولكنها كانت بورصة مخصصة للقطن، إلا أن تعميمها على الخضر والفاكهة في كافة المحافظات جزء مهم جدًا سينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصري، موضحًا أن الأسعار ستكون تحت أعين المسئولين في الدولة مما يساهم في الرقابة على الأسواق وضبطها، والتى ستحدد احتياجاتها من زيادة إنتاج بعض المحاصيل والتى ستسمح بوجود المستثمرين بشكل احترافى ودقيق فيما يخص الأسعار.
وأشار الإدريسى إلى أن مشاركة القطاع الخاص في البورصة السلعية ضرورى جدًا، فهناك حاجة إلى زيادة اهتمام المستثمرين بالقطاع الزراعى وتوفير الدولة آليات تمويل وحوافز أكبر في هذا القطاع، ومعالجة المشكلات الموجودة به، بالإضافة إلى رفع درجة المنتج الزراعي، وأن تكون هناك معلومات دقيقة عن المشكلات والتحديات وحجم الطلب والعرض للسوق المصرية، وفتح آفاق للتصدير وتوفير الآليات المتطورة للتعامل في هذه البورصة السلعية مثل التعامل الإلكترونى ودخول مؤسسات وشركات لقطاع الزراعة، وأن تكون هناك آليات حديثة للتعامل بعيدًا عن الشكل النمطى أو التقليدي، وتوفير بيانات ومعلومات للمستثمر والمواطن أيضًا لمعرفة ما يحدث في البورصة وحركة الأسعار وغيرها.

عوائد اقتصادية 
ويقول الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادي، إن الفوائد التى ستعود على صغار المزارعين من إنشاء البورصة السلعية تكمن في إمكانية وجود عوائد اقتصادية على المحاصيل الخاصة بهم، مما يعنى تمكينهم من بيع هذه المحاصيل الزراعية بالأسعار التى تحقق لهم مكاسب، حيث إنهم يعانون خلال الفترة الماضية من خسائر بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية، مضيفًا أنه عند بيع هذه المحاصيل يجدون أن التكاليف التى تحملوها لإنتاج المحصول لا يتم استرجاعها مرة أخرى وبالتالى تكون هناك خسائر عليهم.
وتابع أبوزيد، أن البعض من صغار المزارعين بدءوا خلال الفترة الماضية العزوف عن إنتاج المحاصيل الزراعية نتيجة الخسارة التى يكبدونها من جراء الزراعة وبيع المحصول للتجار في كل مرة، لافتًا إلى أن البورصة السلعية ستكون بمثابة سوق حرة مفتوحة يستطيع من خلالها المزايدة على سعر المحصول بما يعود بالنفع عليهم لتحقيق هامش ربح «معقول» يمكنه من الاستمرارية في زراعة المحاصيل، وهذا هو المستهدف من قبل الدولة بأن تجعل المزارع يمتلك الاستدامة في زراعة المحاصيل عوضًا عن الاتجاه إلى أنشطة أخرى بعيدًا عن النشاط الزراعي، مما يساهم في تأمين المحاصيل الإستراتيجية التى تسعى الدولة إلى تنميتها وزيادتها لتغطية الاستهلاك المحلي.
ولفت أبوزيد إلى أن البورصة السلعية تساهم في عدم تلف المحاصيل الزراعية الخاصة بصغار المزارعين خلال النقل والتعبئة مما يعود بالنفع عليهم، وسيكون للبورصة أيضًا تأثير مباشر على استقرار الأسعار في السوق، حيث إن التكاليف الخاصة بالنقل والزراعة وغيرها من الأمور التى تساهم في زيادة الأسعار ستوفرها البورصة لأنها تتيح أماكن للتشوين والتخزين مما سيقلل من التكلفة عندما يتم طرح المنتج النهائى في السوق، مشيرًا إلى أن البورصة ستحقق عوائد اقتصادية على المزارعين، وسيكون لها رسالة قوية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الزراعة، وربطها بقطاع الصناعة من خلال إتاحة منتجات زراعية معلبة مما سيحفز الاستثمارات على الدخول في هذا القطاع، نظرًا لاستخدام فكر الاقتصاد الحر في العرض والطلب بالبورصة على غرار البورصة في التعاملات المالية.
وأوضح أبو زيد، أن الاستثمار في البورصة السلعية يطرح الفرصة لعمل سلاسل تجارية على غرار «المولات التجارية» التى تتعاقد مع المزارعين للحصول على محاصيلهم وعمل تعبئة لها داخل مصانعهم وأن تكون منتجا نهائيا «براند» يتم بيعها للمستهلكين، هذه الفكرة ستحفز الاستثمار والتوسع في إنشاء السلاسل التجارية، وذلك في ظل اهتمام الدولة حاليًا بتنشيط حركة التجارة الداخلية والتشجيع على إنشاء منافذ البيع وتوفير كافة السلع والمنتجات بأسعار تنافسية لتقليل الضغط على المستهلك «المواطن» والآثار التضخمية التى شهدها خلال الفترة الماضية من تطبيق الإصلاح الاقتصادي، منوهًا إلى أن بعض الزراعات قد تشهد فجوة بينها وبين الزرعة التالية لها مما يدفع بعض التجار لاستغلال عدم وجود سلعة ما في وقت عدم زراعتها ويقومون برفع أسعارها، لمعرفتهم بأن الكميات التى يمتلكونها هى الوحيدة في السوق.
وأردف الخبير الاقتصادي، أن مشروع الصوب الزراعية يساهم في تواجد المنتجات والسلع طوال العام بصرف النظر عن توقيت زراعتها، وزيادتها سيجعل المعروض منها متوفرا بأسعار مناسبة، حيث إنه في حالة زيادة المعروض عن المطلوب داخل الأسواق يساهم في تراجع الأسعار بشكل مباشر والعكس صحيح، مطالبًا الأجهزة الرقابية ممثلة في وزارة التموين وحماية المستهلك أيضًا بضبط الأسعار داخل الأسواق، بالإضافة إلى ضرورة تحفيز المزارعين وخاصةً الصغار بتوفير هوامش ربح لهم مناسبة ودعم أسعار الأسمدة والتقاوى والمعدات التى يحتاجونها في زراعة المحصول، مقترحًا إعطاءهم حوافز زراعية على غرار الحوافز التى يحصل عليها المستثمرون وسيزيد من مساحة زراعة المحاصيل المختلفة على مستوى الجمهورية

مراكز لوجيستية 
ويضيف هشام حسن، مدير الاستثمار بشركة «إتش دي» لتداول الأوراق المالية، أن مصر كانت من أوائل الدول والأسواق في العمل من خلال البورصة السلعية، كانت المحاصيل الزراعية المختلفة قديمًا يتم تداول أسعارها في مختلف المحافظات، موضحًا أن مصر سوق كبيرة تسعى الحكومة لجعلها مركزا لوجيستيا لسلع عديدة وعلى رأسها القمح وغيرها.
وأردف حسن، أن تأسيس البورصة خطوة إيجابية جدًا، خاصةً في ظل تواجد أكثر من سوق، مثل سوق الأسهم وآخر للسلع، مما يفتح آفاقا في المستقبل بشكل جاد، مضيفًا أنها ستساهم في تنظيم حركة الأسعار بالأسواق، وستشمل منتجات عديدة جدًا من المنتجات الزراعية والصناعية، حيث تتجه مصر لأن تكون سوقا منظمة وتكون الأسعار واضحة عالميًا، الأمر الذى كان يشكل أزمة للمستثمر لعدم وجود خطة للأسعار مما يسبب حالة تخوف من الاستثمار لعدم ضمانة الأرباح.
وأوضح حسن، أن البورصة السلعية ستكون أحد العوامل التى تنظم السوق، وتنظيمها لحماية صغار المزارعين يحتاج إلى تدخل الدولة لتقنين الأوضاع، لافتًا إلى أن مشاركة القطاع الخاص في البورصة أمر جيد جدًا، لأن هذا القطاع سيلعب دور الأداء الإنتاجى مستقبلًا، وقد تصل نسبة مشاركته في البورصة السلعية بعد فترة من عملها.

تواجه الاحتكار 
ويرى حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، أن تأسيس البورصة السلعية خطوة على الطريق الصحيح، وتعود بالنفع على المستهلك والمنتج أيضًا، لافتًا إلى أن الأسعار التى سيتم تداولها في البورصة ستعلن على مختلف المحافظات من خلال شاشات عرض كبيرة، مما سيضع مصر على الخريطة السعرية العالمية.
وأضاف أبوصدام أن البورصة ستقضى على استغلال التجار الكبار وعدم معرفة المواطنين بالأسعار، لأنه سيتم نشر هذه الأسعار الموجودة في البورصة في كافة المحافظات، كما أنها ستسهل بيع المحاصيل الزراعية الخاصة بالفلاحين. 
وتابع «تمكن البورصة الفلاحين من عرض منتجاتهم من خلالها وستحدد أسعارها للجميع، حيث إن صغار المزارعين يعانون من غياب آليات التسعير والتسويق أيضًا، ويضطرون لبيع محاصيلهم داخل الحقل بأسعار متدنية مما يسبب لهم خسائر كبيرة، مقترحًا ضرورة فتح أسواق كبيرة من المجمعات الزراعية الكبيرة لكل المحاصيل خاصةً في الصعيد لتخزين المحاصيل بها، لأن البورصة ستحتاج إلى أماكن للتحزين بطريقة آمنة، وكذلك لبعض المحاصيل المعينة التى يمكن تلفها سريعًا، كذلك لا بد من وجود توعية وإرشاد للمواطنين قبل بدء البورصة وذلك للإقبال عليها ومتابعتها باستمرار.