السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أحمد خميس يرصد "دقة زار" و"المحبظاتية" في "دنيا العرض"

الناقد المسرحى أحمد
الناقد المسرحى أحمد خميس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحدث الناقد المسرحى أحمد خميس، عن تجربتين مهمتين من خلال كتابه الذى أعده عن المخرج محسن حلمى، تحت عنوان «محسن حلمي.. ودنيا العرض المسرحي»، الذى صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى الدورة الثانية عشرة من مهرجان المسرح القومى المصرى فى ٢٠١٩، وكان من بين أحد المكرمين فى هذه الدورة وسط حفاوة كبيرة من جموع المسرحيين، مؤكدا أن تاريخه المسرحى مشرف للغاية سواء على مستوى المسرح الهاوى أو الاحترافى، فقد سعى طوال حياته حتى مع بعض عروضه للقطاع الخاص أن يقدم أعمالا بروح المحب للمسرح، ولدوره فى إحداث الدهشة والجمال، وكان ذكيا حين فطن إلى وجهة الإنتاج، وقدم لكل جهة تعامل معها الوجبة الجمالية المناسبة التى تليق بالمكان والمنتج مع مراعاة المتلقى، حيث كان يضع فى اعتباره دائما أى متلق وأى أجواء محيطة، ومن ثم كان مسرحه حيا وذكيا ومتنوعا يسعى دائما للتجديد وخوض مغامرات محفوفة بالمخاطر.
تناول خميس الحديث عن التجربة الأولى، وهى «دقة زار» للمخرج محسن حلمي، عن الجهد التحضيرى الفائق، ومتابعة معملية دؤوبة لبعض ليالى الزار التى تقام فى القاهرة، وإعادة تدريب وكتابة من خلال فريق عمل يعشق الحكاية ويحرص على تجويدها.
أما الثانية، وهى «المحبظاتية» التى جاءت كنموذج دال للمسرحيات التى كان اللاعب المسرحى المصرى متمرس فيها، وتمثل بالنسبة له روح اللعبة الدرامية وبوابتها الشعبية الشيقة، إذ إن الفن المسرحى المصرى كان متعلقا عبر تاريخه أكثر بنماذج أدائية لم تكن تعرف المسرح بالمعنى التقليدى للكلمة، وإنما كانت متمرسة على ألعاب درامية تقوم بها مجموعة من المحبظين أو حتى فى نماذج أخرى يقوم بها المقلداتى فى ليالى الحصاد أو حتى فى نموذج ثالث ليالى عرض يقدمها الحكواتى الذى يجيد الانتقال بين شخصيات الحكاية المقدمة، وكذا الأمر مع الأراجوز. يتناول خميس فى تحليله لعرض «المحبظاتية» أهميتها الجمالية وقدرتها على تقديم نموذج عربى للتجريب المسرحي، وقد افتتحت مسرح الهناجر الذى أنشئ خصيصا ليكون نواة معملية على التدريب والتطوير من خلال الورش والعروض المسرحية، ويبدو أن من فكر فى هذا الاختيار كان منحازا منذ البداية لفنوننا القديمة ذات الطابع الخاص؛ حيث هنا يمكن للحكاية أن تكون سليطة اللسان قوية المعنى جريئة الأفكار تشير للواقع بشكل أو بآخر، فلا هى تقدمه كما هو ولا هى انسلخت منه تماما، وإنما عادة الصناعة خليط ساحر من المعانى الظاهرة والباطنة وإشارات دالة على علاقة الحكام والمحكومين.
إضافة إلى الحكايات، وإن بدت ذات تراكيب متفق عليها، إلا أنها قوية التأثير شديدة الحكمة يمكن للمؤدى أن يلعب فيها عدة أدوار داخل النسيج المرن الذى يقوم على الاتفاق الضمنى مع المتلقى على اللعب الدرامي، كما أن هناك منافسة شرسة بين طريقتين فى الأداء الدرامى لفرقتى «زقزوق» و«حنفي» فى صميم العرض المسرحي، وهذا الانحياز للقالب الشعبى وإن كان ينم عن حب شديد لتاريخنا القديم فى اللعب الدرامى لا يعنى بالمرة أننا متفوقون ولا نحتاج للتدريب الجاد على فنون العرض المسرحى الجديدة، وإنما يشير بقوة على تاريخنا الجمالى فى فنون الأداء واعتزازنا وتقديرنا لهذا النموذج الدال الذى يبرز المعرفة غير الاعتيادية بكيفيات التعامل مع الفنون الأدائية المختلفة دون سابق اتصال أو معرفة حقة بفنون المسرح فى أوروبا؛ حيث بروز الكثير من طرق الأداء وفنون العرض المسرحى التى تربت عبر أجيال درست فن المسرح وفق أصول وطرق تدريب معتمدة يقف خلفها تاريخ طويل من الإنتاج والممارسة والتدريب. 
كما تناول خميس تحليله عن «ليلة من ألف ليلة وليلة»؛ فإن رهانها الأول هو تكوين فريق عمل متجانس يجيد الغناء والتمثيل الحى فى أن، وبالطبع عمل توافق حى بين عناصر سمعية بصرية تليق والمسرح الغنائى الغائب تماما عن الساحة الفنية، رغم أهميته الجمالية وقدرته على جذب جماهيرى غير مسبوق، فعلى الرغم من أن بدايات القرن التاسع عشر كانت تعج بالفرق التى تسعى لتقديم عروض مسرحية غنائية، وأن التنافس بينها كان شرسا نظرا للإقبال الجماهيرى الكبير وميل المتلق المصرى، لهذه النوعية لحبه الكبير للطرب إلا أن العروض الغنائية لم تجد لنفسها مكانا فى عروضنا المسرحية الحديثة حتى فترة الستينيات التى عادة ما يعتبرها كثير من المشتغلين بالمسرح «فترة ذهبية»، إلا أننا لم نقرأ ولم ترصد المراجع بعض المساعى التى تحاول تقديم عروض غنائية كبيرة والأسباب فى ذلك كثيرة.