الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هي تحكي 2-2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان لافتا لى سجال قضية اللغة، ونحن في أول لقاء «تعارف» بيننا بمقر مؤتمرنا بدار بن قاسم كاهية، بالمدينة القديمة، تونس العاصمة، كمشاركات في اللقاء الدولى لصحفيات عربيات، والمعنون: «هى تحكى»، إذ تم طرح قضية «اللغة» المتحدث بها من قبلهن عند تقديم موضوعاتهن، حضرت «الإنجليزية» وهى لغة «زهرة حنكيل» من لبنان، من غادرت أسرتها أثناء الحرب الأهلية إلى لندن فتعلمت ودرست فيها وما زالت تقيم بها، وهى صاحبة كتاب مهم بأمل ترجمته للعربية «نساء على الأرض» راصدة ومحررة شهادة (19) من الصحفيات العربيات اللاتى عملن في مناطق حروب ونزاع وتوتر.
ومن الإنجليزية إلى «الفرنسية» وهى لغة الشابة المصورة «لياسمين فوضيل» من الجزائر، وكنت شاهدة ومتأملة للحوار الدائر في أمسية تحضيراتنا تلك، وأعجبنى تشجيع مديرة اللقاء الإعلامية الليبية «هبة الشيباني»، وانحيازها لجامعتنا وهى «اللغة العربية»، وبالفعل تفوقت «زهرة لبنان» في تقديمها بلغة شارحة، جمعت بين لهجة لبنان ومفردات لغتنا العربية، بل حتى في قراءتها التحليلية، لتجارب النساء في ميادين الخطر، فلم تبد مجرد محررة لمواد تسلمتها، بل قدمت تعريفها للنضال النسوي، في مجال إيصال الكلمة والصورة، حين تتعقد الظروف فتكون المراسلة، عرضة للموت أو الانتهاك المعنوى والمادي. 
أما «لياسمين فُضيل» مصورة وموثقة، أول ساعات خروج الناس في مدينتها «تيزى أوزو» بالجزائر ما عرضته لنا، مثَّل وثيقة صحفية، وشهادة عيان لمواطنة داخل الحدث، غامرت بحياتها، إذ زوايا تصويرها، كانت مقاربة لوجوه المنتفضين والشعارات المكتوبة التى حملوها، وخلفها وحولها وهى تلتقط تلك الصور تمترس رجال الأمن، لحظة كانت تصور لم تحضر بعد وسائل الإعلام الوطنية، حكت لنا ولكل الحضور عن مخاوفها وهواجسها، فخروج الناس حدث غير مسبوق في تاريخ الجزائر، ومدينتها تحديدا التى بها مكون الأمازيغ، ووصفت مشاعرها وهى تحمل كاميراها، وأنها من المنتفضين أيضا والحاملين أحلام ومطالب العيش الكريم، والقضاء على الفساد والذهاب إلى ممارسة ديمقراطية حقيقية.
لغة «لياسمين» كانت واضحة ومفهومة، وقد أفاضت في شرح مفردات ذات خصوصية جزائرية حملتها بعض اليافطات، وكنت صارحتها في أمسية الختام، أنها أبدا لم تكن محقة في هواجسها بخصوص مقدرتها على تقديم ورقتها بغير الفرنسية، بل إنى لن أنسى صوتها المعبر عن جيل أتيح له أن يُفعِل إرادته، وخياره رأيا ومهنة على الأرض، وهو ما لم يُتح لجيلى أولا ولوجه لمهنة الصحافة والإعلام.
وفى فقرات البرنامج ما جرى من تواصل وربط مباشر على «السكايب»، إذ قدمت المراسلة الصحفية العراقية «هند حسان»، إجابتها عن أسئلة مديرة المنصة الإعلامية التونسية سوسن الشاهد، ومن ثم أسئلتنا، وهند غادر أهلها العراق، وهى بعمر ثلاث سنوات إلى بريطانيا، لكنها لم تكن مقطوعة الصلة عن بلدها، ففى الغزو الأمريكى على العراق، قادت حملة وحراكا مع العراقيين الرافضين تلك الجريمة، ثم نزلت فور تحرير مدن من سطوة وتطرف داعش، وعملت على إيصال أصوات الناس، وحكت لنا عن موقف مؤثر، إذ وهى توثق وترصد حال عائلة تعود لبيتها بالموصل، ورغم ضيق الحال، إلا أنهم اقتسموا معها ما وقع بيدهم وقدموا واجب الضيافة برحابة وكرم.
وعبر السكايب أيضًا، جاءت مشاركة الإعلامية الليبية من القاهرة «خديجة العمامي»، والتى أنجزت ثلاثة أشرطة داخل أحياء بنغازي، التى شهدت حربا ضد الإرهاب، وكانت خديجة تجمع وتوثق بكاميراها قصص المحاربين، الذين فقدوا أطرافا جراء دفاعهم عن أحيائهم، كما العائلات الضحايا، والجنود المجهولين الذين انشغلوا بإبطال مفعول الألغام، تجربة خديجة كمراسلة من عين المكان، وفى النقل والتوثيق لأوضاع المدينة بدأتها منذ 2011م، ولعلها أطول تجربة زمنيا لمراسلة ليبية في مواقع النزاع والاقتتال. وكانت هبة الشيباني مراسلة لوكالة رويترز، وقد قدمت تجربتها في أول جلسة لنا وهى من صحفيات كتاب «نساء على الأرض»، ولينا العماري، مراسلة فرانس 24، ونعيمة المصراتي، مراسلة الوكالة الصينية، وخديجة على، مراسلة صحيفة هيرالد تريبولي.
وتشاركتُ، والصحفية رولا الأسد جلسة موضوع: الحريات، ووضعية الصحافة والإعلام للنساء في منطقة الشرق الأوسط «سوريا» وشمال أفريقيا «ليبيا»، كنماذج، وهى المؤسسة والمديرة التنفيذية لشبكة «صحافيات سوريات»، والتى انطلق نشاطها مع بداية عام 2013، ويتمركز نشاط الشبكة على المنظور الجندري، إذ حققت خارطتها تمكينا، عبر الورش التدريبية للصحافيات، في شغل الأدوار القيادية في المؤسسات الإعلامية، وخلق المعرفة في إدارة وتحليل المخاطر وأولويات ومعوقات السلامة، وقد أتاحت رولا للحضور مقاربة منتجهن رفقة منظمات سورية أخرى، ما تمثل في كتب إرشادية للسلامة، وهى أدلة معينة للمراسلين والصحفيين في بلدان النزاع، كما وإصدار «قصص اليافعات بأقلامهن»، وهو مشروع مكن فتيات سوريات «31»، تراوحت أعمارهن بين 14-18، من كتابة تجاربهن الخاصة المرتبطة باللجوء، والتعليم، والتزويج القسري، والعنف والتمييز، بعد أن تلقين تدريبات توعوية في مجال صنع القرار، والمطالبة بحقوقهن.