الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا يلجأ بعض الشباب إلى الانتحار؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما كانت الحادثة المروعة الأخيرة لطالب الهندسة الذى انتحر من فوق برج القاهرة، وحادثة انتحار شاب آخر تحت عجلات مترو الأنفاق وأخرى ممرضة في كفر الشيخ وقبلها حالات أخري.. تضع علامات استفهام كبيرة وتدفعنا إلى عدة تساؤلات مشروعة جدا منها: لماذا يلجأ الشباب إلى الانتحار والتخلص من حياتهم إلى الأبد؟ وهل الحياة لا تساوى شيئا لديهم لهذه الدرجة التى تجعلهم يلجأون إلى الموت من أجل إنهاء معاناتهم النفسية أو الجسدية أو أى من الأسباب التى ربما لا نعرفها على وجه اليقين؟، ولكنها محاولة لتفسير ما حدث وما يحدث أمامنا.
ونشرت منظمة الصحة العالمية مؤخرا تقريرا عن ظاهرة الانتحار حول العالم. وجاء في التقرير أن شخصا واحدا ينتحر كل 40 ثانية، أى أكثر من الذين قتلوا في الحروب وعمليات القتل أو سرطان الثدى أو الفشل الكلوى والكبد الوبائى وفيرس سى أو غيرها من الأمراض المنتشرة لدينا. وتصدرت مصر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام 2016، حيث شهدت 3799 حالة انتحار!
حسب معطيات منظمة الصحة العالمية، فإن الانتحار يمثل أحد الأسباب المهمة للوفاة، حيث إنه ينتحر شخص كل 40 ثانية، أى 800 ألف شخص سنويًا. وهو رقم مفزع وصادم لما ينطوى عليه فعل الانتحار نفسه من أقسى المعانى التى تفيد بدورها أعلى درجات الاغتراب واليأس!!
وهذا السؤال بالتأكيد يمكن أن يكون هناك تفسير له عند علماء النفس والاجتماع وهم المتخصصين في هذا الأمر على اعتبار أن الانتحار ظاهرة نفسية في المقام الأول، وهو تعبير عن موقف الفرد من الآخرين ورد فعل على تأثير الآخرين وهيمنتهم وربما ضغطهم وعنفهم الرمزى عليه باستمرار من منطلق أن الضغط يولد الانفجار أو الانتحار!
كما أكد عالم الاجتماع الفرنسى الشهير إميل دوركايم الذى درس ظاهرة الانتحار دراسة سوسيولوجية وتعتبر دراسته حول الانتحار من المراجع الأساسية التى لا يستطيع القفز عليها أى بحث سوسيولوجى لظاهرة الانتحار! وقد رأى أن أهم أسباب الانتحار هى ضعف الاندماج الاجتماعي وقطيعة مع الآخر وتأثيرات الضمير الجمعي، وسمّاه الأناني. وكذلك الانتحار الخاضع لأسباب (ما ورائية)، مثل الشعور المتقدم بالقلق وقسوة الضوابط والكوابح والضغط النفسى الشديد، كما هو حال غالبية المنتحرين في اليابان، فهو انتحار حامل لرسالة سياسية مفادها فشل النخب الحاكمة في إشباع التوقعات الاقتصادية للشباب. كما أن مرحلة الشباب تشهد ما يسمى ظاهرة المراهقة؛ لذلك اعتبر الباحثون أن انتحار الشباب هو إعلان عالى الصوت عن تدهور سن المراهقة!
لكن الفقر والبطالة ليس وحدهما السبب المباشر للانتحار كما يظن البعض، ففى كوريا الجنوبية مثلا يقدم الكثير على الانتحار بسبب المنافسة العالية في سوق العمل والإخفاق في تحقيق الكفاءة المطلوبة للنجاح الوظيفي، كما أن «فقدان المعنى» والإحساس و«عدم الإحساس بجدوى الحياة» يدفع أشخاصًا أثرياء ومشاهير للانتحار، أما في اليابان، فقد ينتحر الشخص لمجرد أنه لم يقدم واجبه على الوجه المطلوب!
كما يقترن السلوك الانتحارى بالنزاعات والكوارث والعنف المتفشى وفقدان الثقة والشعور والعزلة. ومؤخرًا، دخل على مشهد الموت المتعمد اللاجئون والمهاجرون الذين يصابون بخيبة الأمل بعد رحلة شاقة!
وتشير دراسات المنظمة إلى أن أكثر من 78% من الأشخاص الذين يقدمون على الانتحار في العالم العربى تنحصر أعمارهم بين 17 و40 عاما، وأكثر من 69% منهم كانت لديهم «ضغوط اقتصادية متفاقمة ولا أمل في حلها»!!
لا بد أن تتكاتف الحكومة وكافة مؤسسات المجتمع لبحث هذه الحالات قبل أن تصل إلى ظاهرة لا يعلم أحد مداها خاصة أننا لم نصل إلى مستوى الرفاهية الكاملة مثل مجتمعات كالسويد وسويسرا التى تكثر فيهما حالات الانتحار بسبب عدم وجود مشكلات مادية من أى نوع بها نتيجة رغد العيش والمستوى المعيشى المرتفع هناك، فنحن نحتاج إلى الشباب الذين هم عصب أى مجتمع يريد أن يخرج من كبوته!.