الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مثقفون يطالبون بعودة «الثقافة الجماهيرية»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الهيئة العامة لقصور الثقافة» لها تاريخ كبير منذ بداياتها وإنشائها قبل ثورة يوليو على يد الأديب أمين الخولى، التى كانت تحت مسمى «الثقافة الجامعة»، وكان الهدف الأساسى منها هو إلحاق عامة الشعب بالتعليم، ولذلك كانت تابعة فى بدايتها لوزارة المعارف، والمعروفة الآن بـ«وزارة التربية والتعليم»، ومن ثم كانت فرصة كبيرة لدى «الخولي» للانتشار فى كل ربوع المحافظات، من زيادة حصيلة الشباب والأطفال بالمعرفة والتذوق من الفنون المختلفة فى الأدب والشعر وحتى الرياضة، الأمر الذى يخلق إيقاظًا للوعي، ونقل أنواع النشاط الثقافى والفنى فى كل قرى ومدن ومحافظات مصر، فكان مشروعًا لتأهيل الشعب بممارسة الهوايات والوظائف ومعرفة الخبرات الحياتية فى المستقبل، مع تتابع الأحداث كان مؤشر الثقافة الجامعة فى صعود لتلك الفترة، نتيجة لانجذاب الطبقات المختلفة من الشعب إلى التفاعل مع أنشطة الثقافة الجماهيرية، وكانت الظروف وقتها تساعد على ذلك، فالقائمون على ذلك من الشخصيات المثقفة والمتعلمة، التى اهتمت بقضية تثقيف المواطنين.

وانتقلت قصور الثقافة إلى المرحلة الثانية، وهى مرحلة القمة، ففى عام ١٩٥٨ تأسست وزارة الثقافة للمرة الأولى، ليتولى رئاستها الدكتور ثروت عكاشة، ويضع رؤيته فى الثقافة الجامعة، فكان أول قراراته بتحويل الثقافة الجامعة إلى مسمى جديد بعنوان «الثقافة الجماهيرية»، ليحدد مفهوم مضمونها الأساسي، وهو نشر الثقافة بين المواطنين، فكانت له بصمات كبيرة فى تطوير الثقافة الجماهيرية، ليرى جموع الشعب تأثير الثقافة الجماهيرية، ودورها البارز فى المجتمع وقتها.
عمل «عكاشة» على التوسع فى الأنشطة الفنية والثقافية، حتى فى طريقة البناء لمبانى الثقافة الجماهيرية، التى تتناسب مع تقديم الأنشطة الثقافية، فعلى سبيل المثال: ينشأ فى كل مبنى من مبانيها مسرح لتقديم العروض المسرحية، وقاعة للندوات والمؤتمرات، وصولًا إلى اختيار القادة المناسبين فى المبانى التى تخدم الحياة الثقافية فى المكان الذى تتواجد فيه.

إلا أنه بعد عام ١٩٨٩، تحولت «الثقافة الجماهيرية» إلى اسمها الجديد «الهيئة العامة لقصور الثقافة».
وذكر الأديب يوسف القعيد، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، والمشرف على متحف الأديب العالمى نجيب محفوظ، فى افتتاح قصر ثقافة دمنهور، أنه اقترح على الدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، تغيير مسمى «قصور الثقافة». 
تواصلت «البوابة» مع عدد من المثقفين وأبناء الهيئة العامة لقصور الثقافة، لتتعرف على رأيهم فى هذا الاقتراح، ولو حدث أن تم تغيير مسمى قصور الثقافة، فما الاسم الأنسب الذى يطلق على الهيئة. 


فى البداية قال الفنان التشكيلى الدكتور عز الدين نجيب: إنه يقترح تغيير مسمى قصور الثقافة والعودة إلى اسمها الأصلى، وهو «الثقافة الجماهيرية»، لأنه نابع من الشعب على عكس «قصور الثقافة» الذى يعد تمييزا طبقيا بأن الأنشطة قائمة على القصر فحسب.
وأضاف نجيب، أن الغريب فى الأمر أنه من بعد عام ٢٠١٢ كانت جميع القيادات فى وزارة الثقافة موافقة على تغيير الاسم، ولكن لا أعرف لماذا لم يتم تغيير اسمها والعودة لاسمها الأصلى، فهذا لا بد أن يعود لاسمها الحقيقى، والعودة إلى أصله، فالقصور هذا الاسم يعد تمييزا طبقيا لكن «الثقافة الجماهيرية» نابع من الجماهير من قبل.

ويرى الشاعر عبده الزراع، رئيس لجنة أدب الطفل باتحاد الكتاب، ومدير قصر ثقافة الفيوم سابقا، أن تعود هيئة قصور الثقافة إلى اسمها الأصلى الذى أنشئت من أجله وهو «الثقافة الجماهيرية»، هذا الاسم الذى ارتبط بها سنوات طويلة، ولا يزال لصيقًا بها.
وأضاف الزراع، أنه لا يزال يسميها بهذا الاسم فى الكثير من أحاديثه ومقالاته عنها؛ لأنه يرى أن هذا الاسم هو الأقرب إلى طبيعة دورها المنوطة به، وهو تثقيف الشعب المصرى فى شتى ربوع مصر المختلفة، من خلال مواقعها المنتشرة فى كل ربوع مصر من أقصاها إلى أقصاها، التى تعتبر بحق بؤر تنوير فى أماكنها البعيدة، من خلال ما تؤديه من أدوار لتقديم خدمة ثقافية رفيعة المستوى، من مكتبات، وفنون تشكيلية وموسيقية وغنائية، ومسرح، وكورال... وغيرها، فهذا الاسم لا يزال محفورا فى الذاكرة الجمعية، خاصة أن هذه المواقع معظمها يقع فى القرى والنجوع حيث البسطاء من أبناء الشعب.
وأوضح الزراع، أن كلمة «قصور» توحى بالفخامة والثراء، مما يجعل هناك حاجزا نفسيا بين أبناء هذه القرى وتلك القصور، وقد يؤدى إلى عدم دخولهم تلك المواقع لإحساسهم أنها لم تنشأ من أجلهم، أما «الثقافة الجماهيرية» هى بنت الجماهير والشعب الكادح، الذى هو فى مسيس الحاجة لمثل هذه الثقافة التى قد تسهم فى تشكيل وعيه وذائقته التى ربما قد تغير حياته إلى الأفضل.

ودعا الزراع الدكتور أحمد عواض، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الحالي، لإعادة الاسم القديم «الثقافة الجماهيرية»، التى ربما تعود إليها الروح الحقيقية، والثقافة الجادة التى تربينا عليها ونحن صغار فى قرانا البعيدة قبل أن تختطفنا القاهرة.
وقال الشاعر سامى شاكر، مدير عام فرع ثقافة القاهرة سابقا: إنه على قصور الثقافة أن تعود باسم «الثقافة الجماهيرية»، كما كانت من قبل، فالثقافة الجماهيرية هو الاسم الحقيقى للمعنى والدور الواجب علينا أن نقوم به تجاه شوارع مصر وعشوائيتها ومدنها الجديدة، فالهيئة العامة لقصور الثقافة تقبع فى المواقع المبنية، والمواقع المبنية فى معظمها غير مؤهل للنشاط، فما زلت أُصر على هذه القضية.
وأضاف شاكر، أنه حينما نشأت الثقافة كان فى عام ١٩٤٨، تحت مسمى «الجامعة الأهلية»، وفى عام ١٩٥٨ سماها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر «الثقافة الجماهيرية»، وولى قيادتها لسعد الدين وهبة، وبنى هذا الصرح ليكون إدارة عامة فقط، وكانت مفعلة فى المناسبات الوطنية وفى غير المناسبات الوطنية، تفعيلا على أعلى مستوى، فالثقافة الجماهيرية كانت تنزل إلى الشارع وإلى الفلاحين والقرى والنجوع والميادين بشاشات السينما، وحاليا نستطيع أن ننزل بالمعلوماتية الجديدة ونقدم التراث بشكل مقبول وإمكانيات أخرى فى ظل التقدم التكنولوجى الذى نعيشه حاليا. فى حين رأى الكاتب والروائى أشرف البولاقي، أن الثقافة الجماهيرية هو الاسم الذى لا يزال حتى يومنا هذا يلقى قبولا واسعا عند الأدباء والفنانين والمثقفين المصريين، ولقد نادى غير واحد من قبل بإعادة هذا الاسم بديلا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، من قبل أن يلتفت الأديب يوسف القعيد للأمر.
وأضاف البولاقي، فى الواقع؛ فإن قضيتنا ليست قضية اسم ولا مسمى، إنما قضيتنا فى كيفية تفعيل هذه المؤسسة، وفى كيفية استثمار طاقات موظفيها من المبدعين والمثقفين العاملين فيها، والذين لا يجدون الفرصة لتنفيذ أفكارهم بسبب البيروقراطية والتراتبية الوظيفية، فسواء أكان الاسم ثقافة جماهيرية، أم قصور ثقافة، فإن العمل والأثر هما الأهم فعلينا أن نلتفت للجوهر لا العرَض. 


وذكر أشرف أبو جليل، رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافى، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، أن مطلب تغيير مسمى «قصور الثقافة» قديم وتوصية دائمة لمؤتمر الأدباء بأن تعود الهيئة باسمها القديم وهو «الثقافة الجماهيرية» وما يترجمه ذلك من توجه نحو العمل الثقافى الجماهيرى وليس النخبة، وقد تحمس لهذا التغيير عدد من رؤساء الهيئة السابقين، خاصة الدكتور سيد خطاب، الرئيس الأسبق للهيئة العامة لقصور الثقافة. 
ويرى أبو جليل، أن هذا الرأى سليم وهو تغير مسمى قصور الثقافة، فأساس عمل الهيئة منذ نشأتها ويجب عليها أن تواصل رسالتها فى تثقيف الجماهير، وقد بدأت الهيئة منذ فترة تستعيد هذا الدور من خلال مبادرات متعددة تستهدف الجمهور والتنمية الثقافية الشاملة.