السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإخوان والعنف بين رسائل البنا وممارسة أتباعه (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ممارسة الإخوان المسلمين للعنف لم يكن وليد لحظة استثنائية في عمر التنظيم الذي قارب عمرة المائة عام، فلم تكن الفكرة المؤسسة للإخوان بعيدة عن العنف في أي وقت، والمؤسس الأول حسن البنا صبغ تنظيمه بالعنف حتى أنه راجع نفسه في أواخر حياته حسب رواية الشيخ محمد الغزالي عندما قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ولعدت بالإخوان لزمن المأثورات.
أعلن حسن البنا ندمه على استخدامه العنف وعلى نشأة النظام الخاص، والذي وجه رصاصاته إلى قلوب المصريين، وهنا ندم البنا على ما طال تنظيمه بعد أكثر من خمسة عشرة عامًا، ولم يكن ندمًا على العنف الذي مارسه أتباعه أنفسهم، بدليل أنه مات دون أن يسعى لحل الذراع العسكرية للجماعة.
لم يختلف الإخوان كثيرًا بعد مقتل مرشدهم، فقد ساروا على نفس برامجه التربوية التي زرعها هو في الأتباع، فتم تعميم رسائله للنظام الخاص على كل أفراد الجماعة، حتى صنعوا تنظيما عسكريا في شكل دعوة، تنظيم يجمع ما بين الدعوة والعمل العسكري في آن واحد، فنجح في تحقيق ما أراد وفي نفس الوقت خدع الكثير من الأنظمة السياسية خلال أكثر من تسعة عقود من الزمان بادعاء أنه تنظيم دعوة فاستمر وجوده هذه الفترة الزمنية.
قامت حركة الإخوان المسلمين فيما بعد بتدريس كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية، لصاحبة منير محمد الغضبان، مراقب الجماعة الأسبق بسوريا، لأتباعها في محاضنهم التربوية وما زال يُدرس حتى الآن، رغم أن الكتاب أعلى من فكرة العنف ومن الذين مارسوه، ولا يرى مشكلة حقيقية في دعاته.
تم تدريس كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية للمراحل التربوية، منتسب ومنتظم، وهما مرحلتان تربويتان متقدمتان ضمن الهيكل التنظيمي، فيهما يتلقى العضو الذي ينتسب للتنظيم وينتظم في علاقته مع التنظيم على أفكار العنف، وهاتان المرحلتان تربويًا هما الأهم بين كل المراحل التي يتشبع فيهما بفكرة العنف، كما أن أهمية تدريس هذا الكتاب الذي نورد منه مقتطفات بأنه يُدرس في بداية العلاقة التنظيمية للأتباع.
خطورة كتاب، منير الغضبان، أنه وصف من مارسوا العنف في مصر خلال فترة الستينيات وما قبلها بأنهم جزء من قيادات الحركة الإسلامية، وكأنه اعتراف ضمني بأفكار هؤلاء، ودفع أتباع التنظيم إلى التعاطف معهم ومع أفكارهم التي طرحوها بكل تأكيد وهي لا تختلف كثيرًا مع ما طرحته جماعة الإخوان المسلمين.
سمى مراقب الإخوان في سوريا في كتابة الذي تم اعتماده للتدريس على أفراد صف الإخوان المسلمين، تنفيذ حكم الإعدام على شكري مصطفى، زعيم تنظيم التكفير والهجرة بأنه كان مجزرة في حق المعارضة الإسلامية في مصر، كما سمى تنفيذ حكم الإعدام على خمسة من تنظيم الفنية العسكرية بالمجزرة أيضًا، وهو بذلك يقر أفكار هؤلاء ويدافع عنهم معتبرًا ما حدث بأنه مجزرة، ما يمكن الانتباه إليه ليس ما كتب فهو لا يختلف كثيرًا على ما صاغه المؤسس الأول حسن البنا، ولكن على توجه الإخوان لتدريس هذه المواد على أفراد التنظيم في بداية العلاقة التنظيمية حتى يتشربون هذه الأفكار.
المناهج التربوية للإخوان هي التي تُصيغ عقلية الأتباع والأفراد، وهنا من خلالها تستطيع أن تفهم الإخوان وتفهم ما يدور في عقولهم، بل وتتوقع ما يفعلونه، لأنك نجحت في الوصول إلى الطريقة التي بنى من خلالها الإخوان عقولهم، وأثرت في وجدانهم وبناء شخصيتهم، على كل الأحوال، لا يمكن الحكم على هذه العقلية إلا من خلال هذه المناهج التي يدرسها الإخوان منذ التحاقهم بالتنظيم وحتى وفاتهم.
وللمناسبة جماعة التكفير والهجرة وزعيمها شكري مصطفى، كان من الإخوان المسلمين ثم انشق عنها وقام بتدشين جماعة أطلق عليها جماعة المسلمين وعرفت إعلاميًا بجماعة التكفير والهجرة، فبعد أن مارس إرهابه وتنفيذ عدد من العمليات المسلحة، تصف جماعة الإخوان المسلمين مقتله الذي تم وفق حكم قضائي بعد قتله وزير الأوقاف الأسبق د. حسين الذهبي والتمثيل بجثته، بأنه مجزرة ضد المعارضة الإسلامية.
التنظيمات المتطرفة جزء من تنظيم الإخوان المسلمين، ومن رحمها خرجت كل هذه التنظيمات، ووفرت الجماعة لها الحماية ولم تقف أمام مشروعها في وقت من الأوقات، بل دافعت عنها، وقامت بتدريس مناهجها التربوية ووصف قادتها بأنهم رموز الحركة الإسلامية إعلاء لمفاهيم العنف.. وللقصة بقية.