الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيلو اللحمة بـ"50 جنيه" والفراخ بـ22 عند أمي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل انخفضت أسعار اللحوم والدواجن في مصر؟ الإجابة على هذا السؤال لم تكن حاضرة بالنسبة لي قبل أيام قليلة من كتابة هذه السطور، فخلال الأسبوع الجاري مررت بموقفين يمكن تلخيصهما في مشهدين روائيين ساعداني بلا شك في فهم حقيقة ما يثار عن انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية؛ لذلك سأرويهما لكم كما حدثا. 
المشهد الأول 
كان خلال زيارتي لوالدتي العظيمة الحاجة «كريمة عثمان» التي باغتتني في قعدة "رحرحة" بسؤال مهم ومحوري بالنسبة لي.. "أنت بتشتري حاجة البيت بتاعتك منين يا ابني؟". رددت قائلا: "بشتريها من مول في أكتوبر يا ماما". ماما: "طيب اللحمة والفراخ عندكم بكام". أنا: "اللحمة بـ١٢٠ والفراخ بـ٣٠ الكيلو". أمي بتلقائيتها المعهودة: "يا نهار اسود ليه يا ابني ده اللحمة والفراخ رخصوا". أنا: "أنت بتصدقي الكلام ده يا حاجة". أمي: "يا ابني أنا بشتريها من هنا وبشتري لأختك معايا كل أسبوع وبجيب لها اللي هي عايزاه". وتابعت: "أنت معاك فلوس؟". أنا: "معايا ٥٠٠ جنيه يا ماما". أمي: "خلاص أنا هنزل معاك وأنت مروح تشتري لك كام حاجة للبيت". أنا: "خلاص ماشي ياريت".
وبالفعل نزلت أنا وأمي للسوق بعدما نصحتني بعدم التحدث أمام البائعين، وأنها ستتكفل بالأمر لأنني حمار كما وصفتني، وبالفعل قررت الامتثال لأوامرها ونزلنا السوق.
حاضر يا حاجة
وبدأنا جولتنا أولا بمحل بيع الطيور أو الفرارجي. سألته أمي: "بكام الفراخ يا ابني". البائع: "الفراخ البيضة بـ٢٢ جنيه والبلدي بـ٢٦". كلام البائع أطربني وأسال لعابي على الفراخ البلدي، فلم أستطع الصمت وقاطعته، قائلا: "أنا عايز فراخ بلدي". وأكملت أمي: اوزن له فرختين بلدي وكيلو بانيه هو البانيه بكام". فرد البائع: "بـ٥٦ يا حاجة".
أنا: "الحساب كام". البائع: "133 جنيه". أسعدني كثيرا رد البائع بكل تأكيد، كما أنه فتح شهيتي للتسوق وشراء باقي احتياجات منزلنا المتواضع، فقلت لأمي: "يلا بينا على الجزار نشتري لحمة"، بالفعل ذهبنا للجزار واشتريت منه 2 كيلو لحمة بسعر 85 جنيهًا للكيلو بدلا من 120 جنيها، المهم حتى لا أطيل عليكم اشتريت أيضا كيلو جبنة قريش بـ22 جنيها من سيدة مصرية بشوشة الوجه، وعلبة مربى بـ16 جنيها على كام حاجة ليصل إجمالي ما دفعته إلى 350 جنيها، وتبقى معي 150 جنيها، عدت بهم إلى منزلي كملك متوج على العرش.
المشهد الثاني 
كان في العمل وجمعني بزميلي الصحفي الموهوب سراج حسن، عندما سألته عن أحوال الدنيا والعيشة والأسعار والمواصلات، ليفاجئني قائلا: "كله زي الفل يا أستاذ عمرو ده إحنا عندنا جزار بيبيع كيلو اللحمة بـ٥٠ جنيه، وبيدبحها قدامنا كمان". اندهشت من قوله ساخرا: "ليه لحمة مقتولة دي ولا إيه؟". فرد سراج: "لأ والله ده الجزار بيدبح الدبيحة أمام الجميع". أنا بعد تفكير عميق في الـ150 الباقيين من الـ500: "اثبت لي إن كلامك ده صحيح يا سراج وهات لي معاك 3 كيلو وأنت جاي من البلد". 
عند هذه العبارة انتهى الحوار مع زميلي العزيز، لكن الحديث لم ينتهِ بالنسبة لي، فالمشهدان الأول والثاني غيَّرا الكثير من قناعاتي وحكمي على الأشياء، مثلما أسهما في تغيير النظرة التشاؤمية المقترنة دائما بمشاعر سلبية يبديها ملايين المصريين تجاه أي إجراء أو قرار إيجابي تعلن عنه الحكومة، وتتناولها وسائل الإعلام المختلفة، فكنت كغالبية المصريين أتناول أخبار انخفاض الأسعار وتحسن المؤشرات الاقتصادية بنوع من السخرية الْمُبالغ فيها والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد الشتائم والسباب، إلي أن اكتشفت أن هناك أمرا ما يحدث على أرض الواقع، قد يسهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع المعيشية لمحدودي الدخل لو قدرت له الظروف الاستمرار والتوسع مع توافر النيات الخالصة للإصلاح الاجتماعي، وبناء عليه أجد نفسي مدينا بالاعتذار للإعلامي الشهير السيد عمرو أديب الذي اتهمته بالنصب على المشاهدين أمام زوجتي أثناء مشاهدتي لإحدى حلقات برنامجه خلال الأسبوع الماضي، عندما تحدث عن انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية التي يستهلكها المصريون.