الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام الموازي وخطورته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن أتحدث عن الإعلام التقليدي من صحف ومجلات وإذاعات وقنوات فضائية.. وما يعانى منه هذا الإعلام من فوضى وعشوائية وسوء تخطيط وضعف محتوى.. ولكنى سأتحدث عن الإعلام البديل أو الافتراضى أو الموازي.. وهو إعلام التواصل الاجتماعي الذى لا ضابط له ولا رابط.
هذا الإعلام الموازي.. يختلف عن الإعلام التقليدي في أنه متاح في أى وقت وأى مكان لأى شخص.. يستطيع أن ينشر ما يريده من شائعات وأكاذيب دون رقيب أو حسيب.. فلا قانون يقننه ويحكمه.. ولا إدارة تنظمه وتراقبه.. وينتشر بسرعة البرق.. انتشار النار في الهشيم.
وقد أصبح كل الناس بسبب هذا الإعلام الموازي.. صحفيين وإعلاميين وكتاب ومحللين وخبراء في كل شىء وأى شىء.. والمشكلة والمصيبة الأكبر أن الإعلام التقليدى من صحف ومواقع وفضائيات.. تنساق وراء هذا الإعلام الموازى وتعتبره مصدرا من مصادر حصولها على الأخبار.. فينقلون عنها دون تأكيد أو تدقيق.. وفى النهاية يتضح كذب هذه الأخبار وعدم صحتها.. ويتعرض الناشر لمشكلات عديدة.. بسبب عدم تدقيقه وتأكده من صحة الخبر أو عدم صحته.
والأمثلة عندنا كثيرة.. فقد انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي.. خبر وفاة السيدة سوزان مبارك.. حرم رئيس الجمهورية السابق.. وتناقله رواد مواقع التواصل دون التأكد من صحته.. ونشره بعض المواقع.. وانهالت الآراء والتعليقات حول الخبر.. فمنهم من يترحم عليها ومنهم من يسبها.. ومنهم من يعدد إنجازاتها.. ومنهم من يذكر سيئاتها.. وفى النهاية.. خرجت أسرتها لتنفى الخبر وتكذبه.. وتؤكد أنها بخير وعلى قيد الحياة.
وقبلها تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاة زوجها الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. أكثر من مرة.. وكذلك خبر وفاة الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق.. والذى نشرته إحدى الصحف اليومية في صفحتها الأولى.. وتبين كذبه وعدم صحته.. وكذبت الجريدة اليومية نفسها.. ونشرت تصحيحا للخبر الكاذب.
وبمناسبة قرب التعديل الوزارى في الحكومة المصرية.. تحول معظم رواد فيس بوك إلى خبراء ومحللين.. وشكلوا الوزارة وعينوا لها رئيسا.. ويبقى فقط حلف اليمين.. ويذكرنى هذا بما حدث عندما استقال وزير النقل السابق هشام عرفات.. تحول فيس بوك إلى بورصة توقعات وتعيينات.. مما جعل أحد الأشخاص.. يحاول اختبار مصداقية وسائل الإعلام.. وسرعة انتشار الشائعات.. وعدم التأكد من صحتها.. فكتب على صفحته أنه تم تعيين الدكتور مهندس محمد وجيه عبدالعزيز وزيرا للنقل خلفا للوزير المستقيل.. وأن الوزير الجديد هو الذى أنشأ جميع محطات وأنفاق السكة الحديد في فرنسا.. وهو صاحب الطفرة الكبرى في السكك الحديدية التى أنشئت في السويد خلال الثمانية عشر عاما الأخيرة.. وهو حاصل على أعلى الأوسمة والنياشين من فرنسا.
وعقب نشر هذه المعلومات.. قام كل محبى السبق في النشر.. بنقل ما نشره هذا الشخص.. وأخذته بعض الصحف والمواقع.. ونشرته على أنه خبر مؤكد.. وبدأ الجميع يبحثون عن معلومات حول الوزير الجديد ومؤهلاته وبياناته الشخصية.. ليفاجأوا بأن ناشر المعلومة.. خدعهم جميعا.. وأن الوزير المذكور.. هو والده المتوفى منذ عشر سنوات.. وقال في سبب خداعه لهم.. أنه أراد التأكد من سطحية الإعلام وعدم تأكده من صحة وصدق ما ينشر.. وعدم التدقيق في مصدر المعلومة والخبر.. وقس على ذلك الكثير من الأخبار الكاذبة التى تعمد ناشروها خداع متابعيهم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
والآن.. ومع اقتراب موعد التعديل الوزارى المرتقب.. لا حديث لرواد التواصل الاجتماعي.. الا التكهنات والتوقعات.. وكل منهم يؤكد صحة معلوماته.. وأنها من مصادر موثوقة.
كل هذا الكم من المعلومات الخاطئة والأكاذيب التى نطالعها يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي.. تحدث بلبلة وفوضى.. وكثيرا ما دمر أشخاص.. وخربت بيوت.. وأثرت على مراهقين وخريجين عاطلين.. وأدت إلى انحرافهم.. دون أن يكون هناك حساب أو عقاب لناشرى هذه المعلومات الخاطئة والشائعات الكاذبة.
نحن بحاجة إلى تقنين وتنظيم هذا الإعلام الموازي.. فتقنينه ليس صعبا.. وتنظيمه ليس مستحيلا.. لأن هذا النوع من الإعلام الافتراضى غير المنضبط.. والذى يستخدم لأغراض خبيثة.. أخطر على المجتمع من أى إخطار أخرى.. وحتى لو افترضنا أن الغالبية العظمى من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعي.. ينشرون أو ينقلون بحسن نية.. فهناك من يستخدم هذه المواقع.. لنشر أفكاره المتطرفة.. أو إحداث الفتنة والفوضى بين فئات المجتمع.. وتستخدم الجماعات الإرهابية هذه المواقع في نشر فكرها.. والتواصل فيما بينها.. أو توصيل معلومة معينة لمن تريد.. ولذلك فإننا نحتاج إلى تقنين وتنظيم إعلام التواصل الاجتماعي.. للحد من خطورته على المجتمع.. ومحاسبة المخطئ حتى ننعم بالاستقرار.. ونقضى أو حتى نقلل.. من هذه العشوائية والبلبلة التى تحدثها هذه المواقع.. بسبب حرية وفوضى النشر على صفحاتها.