الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ناس بوك.. وفن التواصل الاجتماعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، يعيش داخل تجمعات بشرية يؤثر فيهم ويتأثر بهم، وتُعد عملية التواصل من الصعوبة بمكان، فالناس ذوو طبائع وأمزجة وعادات مختلفة لذا يتطلب التعامل مع الآخرين مهارات وقدرات على الشخص امتلاكها، وخطوات مدروسة لا بد من اتباعها، وينعكس أثر التواصل الجيد مع الغير على الشخص ذاته ودا ووصلا وعلى المجتمع أُلفة واستئناسا. 
ويُعتبر التواصل الاجتماعي تقنية من التقنيات التى تقوم على فهم التفاعلات البشرية، وهو علم قائم بذاته، له أساليبه الخاصة ومقوماته وأشكاله المحددة، ومُنطلق مفهوم التواصل يأتى من قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 18]، وعليه فإن التواصل الاجتماعي سلوك فطرى يهدف إلى التقارب والتعاون مع الآخرين، ومن الممكن أن يكون التواصل مباشرًا؛ كاللقاءات الشخصية بين الأفراد، أو غير مباشرٍ من خلال الوسائل المسموعة والمرئية، أو من خلال الوسائل الإلكترونية والتقنيات الحديثة (وسائل التواصل الاجتماعي)، من أجل المشاركة حول فكرة معينة أو قضية ما. 
والتواصل الفعال يسهم في تنمية المهارات الاجتماعية ويساعد في التنمية الذاتية لدى الفرد بما يسهم في تقدير الشخص لذاته وتقدير الآخرين له بشكل إيجابي، كما أنه يساعد على تجاوز كثير من الخلافات الاجتماعية، وما ينشأ عنها من صراعات، وبما أن عملية التواصل جزء هام من حياتنا اليومية، ولا يمكن أن يستغنيَ عنها أحد لذا لا بد لنا من التعرف على أهم الأسس والقواعد اللازمة للتواصل الجيد سواء من خلال وسائل التواصل التقليدية أو الحديثة على حد سواء
1- بساطة اللفظ ووضوح المعنى:
اللغة هى وسيلة الإنسان للتعبير عن أفكاره ورغباته، ولا يمكن أن يتم التواصل الإنسانى دون وجود اللغة، سواء كان هذا التواصل مكتوبا أو مسموعا، ومن شروط التواصل الجيد أن تكون اللغة المستخدمة بسيطة المبنى وواضحة المعنى لا تحتمل الغموض أو اللبس بعيدة عن الابتذال والإسفاف وتراعى البعد الثقافى والاجتماعي لدى الطرف الآخر من عملية التواصل.
2- تعلم أولا:
لا تُناقِش فيما تجهله، ولا تدافِع عن فكرة ما لم تكن على اقتناع كاملٍ بها؛ وإذا أردت الحديث في موضوع معين، فأعد مادتَك إعدادا جيدا، واستوثق من صحة معلوماتك، حتى لا تُسيء إلى فكرتك، وإذا سُئلت عما لا تعلم فقل: لا أدري، ولا تستحِ من ذلك؛ فقولك لا أدرى خير من أن تدلوا فيما ليس لك به علم.
3- مراعاة الاختلاف
الناس ليسوا طرازًا واحدًا، والموضوع الذى يُعجْب به البعض قد لا يستهوى آخرين، فلا تُحدّثِ بما هو غريب على الأسماع والأفهام، حاول أن تبدأ حوارك بالنقاط المشتركة بينك وبين من تتواصل معه؛ فذلك أدعى لقَبولِ كلامك، واستمع من غيرك كما تحب أن يسمع الغير منك، لذا ذكَر الكاتب الأمريكى ستيفن كوفى في كتابه الشهير: «العادات السبع» أن كبارَ الناجحين يحاولون أن يفهموا أولا ما يقولُه الآخرون، ثم يبذلونَ الجهد لتوصيل أفكارهم في ضوء ما سمعوا.
4- تحلى بالإنصاف:
احذر من أن تُستدرج إلى السفسطة والجدل العقيم، فالبعض يكره ما يخالفه، وقد يعمد إلى الجدل والمكابرة لدحض أفكار الطرف الآخر، والتدليل على صحة رأيه ورؤيته وإن جانبها الصواب؛ فقط فند الفكرة التى ترى خطأها، وأثبِت بطلانها دون أن تُسيء إلى صاحبِها، وليحملك الإنصاف على أن تشيد بالنقاطِ الجيدة في حديث الطرفِ الآخر، ولا تتحرج في أن تبد إعجابك بها، فالنقاش ليس ساحة للمعارك، فقد تكسِب المواقف يوما لكنك قد تخسَر القلوب أبد الدهر، ولا تغيب عنك القاعدة الذهبية لإمام الفقه وفقيه الأئمة أبى حنيفة النعمان رضى الله عنه: «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».
5- مصداقية الرأى وأمانة النقل:
من الأمور المهمة والغاية في الأهمية تحرى الدقة فيما تكتب من أخبار وما تعرض من حقائق وأرقام، مع إدراك أهمية المعلومة الصادقة وخطورة الشائعات المغرضة، وتجنب دائما التجريح الشخصى والتعرض لسمعة الأشخاص أو بعض الفئات المجتمعية فإن ذلك من قبيل ما يوغر في النفس ويعزف عنك الكثيرون، ومن دعائم الأمانة أن تعزى القول لقائله والنقل لمصدره مالم يكن من صنيع أفكارك وما لم تخطه يداك وهذا هو ما يوثق الصلة ويعمق الثقة بينك وبين المتواصلين معك.
وفى الختام نقدم بعضا من أنماط المتواصلين عبر صفحات التواصل الاجتماعي وخصوصا فيس بوك من المتابعين والمعجبين والمشاركين وكيفية التعامل مع كل نموذج من تلك النماذج:
• المحب الداعم
هناك شخص محب بالفطرة يعجب بكافة الموضوعات التى تقوم بنشرها على صفحتك الشخصية في التو واللحظة وفى بعض الأحيان قبل أن تفرغ من كتابتها دون قراءة أو تفكير، فهو معجب بك أكثر من إعجابه بما تكتب، وغالبا ما يكون هذا الشخص من أقرب المقربين وهذا النمط يستحق منك كل احترام وتقدير، حاول أن تجتذبه بأن تفتح أمامه مجالا للتفاعل الإيجابى بحيث تطلب منه مزيدا للرأى وطلبا للمشورة، وهناك نوع آخر من المحبين وهو الداعم الواعى المعجب بشخصك وما تطرحه من آراء وأفكار بل يضيف إليها من خبراته وقراءاته بما يمثل قيمة مضافة إليك فينهل مما تطرح وتستزيد مما يعلم وهذا من محبة الله لك فيحبب فيك بعضا من خلقه.
• المتابع الخفى 
شخص يتابع كافة منشوراتك دون تعليق أو مشاركة بل يكتفى بالمشاهدة فقط، هذا النوع واحد من اثنين إما أن يكون مقتنعا بآرائك وأطروحاتك لكنه لا يريد أن يُبدى ذلك لمكانة وظيفية أو اجتماعية تحول دون ذلك، وإما أن يكون غير مقتنع بما تطرحه، وسوف تكتشف هذا الشخص بإحدى وسيلتين ففى الجروبات يظهر هذا الشخص من خلال سجل المشاهدة والثانية عندما يظهر عيانا في الحلقات النقاشية للأصدقاء أو اللقاءات بين الأهل والأقارب فيأتى على لسانه بعض مما تكتب أو تطرح وفى كثير من الأحيان ما يسر إليك القول إما مدحا أو قدحا.
• الناقد المنصف
شخص معجب بشخصك وما تطرحه من آراء وأفكار لكنه قد يتبنى عكس ما تطرح ويملك من الحجة والمنطق للرد والتعليق بالإضافة والإثراء في إطار اختلاف الرأى مع حرصه التام على دوام الأواصر بينكما دون أن يفسد ودا أو يقطع وصلا، هذا رزق ساقه الله إليك ليثنى على محاسنك ويقوم ما اعوج من أفكارك، هذا هو كنز المعرفة وثراء المودة
• المجادل
شخص لا يرى فيك رأيا أو يثمن لك فكرا بل يرى فيما تطرحه من آراء وأفكار أنها مجافية للصواب على طول المدى، لذا يفترض فيك عدم الفهم وقلة الوعى وغياب الرؤية، فلا يملك من الحجة والمنطق لمناقشة أطروحاتك أو محاجة أفكارك بل بات الهجوم والتسفيه أسلحته الفكرية التى لا يتنازل عنها، حاول أن تنأى بنفسك خارج دائرة الجدل، فالخلاف في الرأى لا يفسد للود قضية ولا يقطع للوصل وصلا. 
• المقتبس
وهو الشخص الذى ينقل عن غيره وهو على ثلاثة أوجه الناقل بالمشاركة حيث ينسب القول أو الموضوع لصاحبه مع إضافة تعليق بموافقته أو عدم موافقته للمضمون، الناقل بتصريف فهو يعرض النص ويضيف إليه تحسينا وتعميقا مع الإشارة للمصدر، والثالث هو من ينسخ كامل النص وينسبه لنفسه ويسعد بثناء الغير على مالم يعمل فيه فكرا أو يبذل فيه جهدا، وهذا النوع إن كان من ضمن قائمة الأصدقاء علق عليه بسؤاله عن مصدر تلك الأفكار الجميلة وتأكد أنه سوف يقوم بحذف ما نشره في الحال.
وأخيرا فإن نجاح عملية التواصل مع الآخرين يعتمد على إتقان أساسيات ومهارات التواصل الفعال، واستثمار كافّة الإمكانات الذاتية مع مراعاة كافة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وذلك على مستوى الفرد أو على مستوى المجتمع.