الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

150 عامًا على المسرح المصري الحديث.. ودعوات للاحتفال بالمناسبة التاريخية لتأكيد دور المسرح كقوة ناعمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أيام قليلة تفصلنا عن عام 2020، وهى بداية جديدة لعام جديد يحل علينا في حضور مناسبة تاريخية، وهى مرور 150 عاما على بدايات المسرح المصرى الحديث بداية من يعقوب صنوع في 1870 حتى الآن، وسط غفلة المسرحيون، في ظل الظروف والأحداث المحيطة بهم، ولكن كيف تستعد وزارة الثقافة لهذا الحدث الثقافى الهام الذى يليق باسم مصر.
الدعوة للاحتفال بهذه المناسبة التاريخية ضرورة ثقافية وفنية يجب أن تتحمل مبادرتها وتنظيمها وزارة الثقافة بكل مؤسساتها وهيئاتها، بالتنسيق مع باقى الوزارات الأخرى المعنية بمجالات الثقافة والفنون من بينها: التربية والتعليم، التعليم العالي، الشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للإعلام. 
وفى هذه المناسبة بخلاف حفاظها على حقنا التاريخي في الريادة المسرحية، نؤكد للعالم أجمع أهمية إسهاماتنا في ركب الحضارة العالمية المعاصرة، ومدى اهتمامنا وتقديرنا لقوتنا الناعمة من الثقافة والفنون وفى مقدمتها المسرح.

اقتراحات للهيئات الثقافية والفنية 
لفت المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، الانتباه نحو هذه المبادرة وسط هذه الغفلة التى يعيشها المسرحيون بتنظيم احتفالية كبيرة لهذه المناسبة التاريخية على أن تنظمها وزارة الثقافة بكل مؤسساتها وهيئاتها تتضمن مجموعة من الاقتراحات لكل مؤسسة أو هيئة بهدف الوصول إلى الشكل المناسب لهذه الاحتفالية، وكذلك كثير من المشروعات التى يرى أهمية تحويلها من مجرد آمال وأحلام إلى إنجازات حقيقية على أرض الواقع، وبالطبع يستلزم ذلك أولا تحديد المهام المطلوبة مع تحديد الجهات المنوط بها تنفيذها، مع ضرورة تأكيد أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الهيئات والمؤسسات المختلفة.
المجلس الأعلى للثقافة.
ويضم المجلس عددا كبيرا من اللجان المتخصصة، ونحن بصدد الاحتفال بهذه المناسبة المهمة لتكون المهمة الكبرى من اختصاص لجنة المسرح، والموسيقى، والمهرجانات، وتلعب لجنة المسرح دورا مهما، ويمكن إجماله في التخطيط العام لهذه الاحتفالية ومتابعة توفير الدعم اللازم لها، طرح أفكار خارج الصندوق من أهمها البحث والتعاقد مع بعض الرعاة، وأيضا التنسيق مع بعض الوزارات الأخرى طبقا لمجال كل منها، تنظيم مؤتمر مسرحى كبير مع بداية كل شهر طوال العام، يتم من خلال محاوره المختلفة تقديم عدة دراسات حول كيفية تفعيل الأنشطة المسرحية في «المدارس، الجامعات، الشركات، مراكز الشباب، فرق الهواة والفرق الحرة والمستقلة والمشهرة»، طباعة تلك الدراسات وتوزيعها على الجهات المختلفة، بناء ومد الجسور بين وزارة الثقافة وبعض الوزارات والجهات المعنية بالمسرح، تنظيم مسابقات في التأليف والنقد المسرحى بأسماء كبار الكتاب والنقاد، طباعة مجموعة الأعمال الفائزة، إعادة طباعة بعض الإصدارات المسرحية القيمة التى سبق له إصدارها.
الهيئة المصرية العامة للكتاب
تعد هيئة الكتاب الجهة المنوط بها بالدرجة الأولى إصدار الكتب والمطبوعات المختلفة سواء بإعادة نشر بعض الكتب المهمة التى نفدت طبعاتها الأولى أو بتلك الإصدارات الجديدة التى تتوافق مع خطة النشر العام، تتضمن قائمة مطبوعاتها عددا كبيرا من السلاسل المسرحية والأعمال الكاملة لكبار المسرحيين، والدراسات النقدية المتخصصة، والمترجمات المهمة، إعادة طبع بعض الإصدارات القيمة التى نفدت، تنظيم معرض دائم بجميع المسارح طوال العام والبيع بأسعار مخفضة، إعادة طبع بعض المراجع المهمة وفى مقدمتها «قاموس المسرح»، «معجم المصطلحات المسرحية»، وإصدار «موسوعة المسرح المصرى المصورة» بأجزائها ١٧، وإعادة طبع كتاب «المسرح المصري.. مائة وخمسون عاما من الإبداع» بعد نفاد طبعته الأولى كاملة.
دار الكتب والوثائق القومية 
تحتفظ دار الوثائق القومية بمجموعة نادرة من النصوص والدراسات والمراجع والدوريات المسرحية النادرة، طباعة قائمة بتلك المقتنيات القيمة الخاصة بالفنون المسرحية، تسهيل مهمة الاسترجاع لجميع الباحثين والدارسين، إعادة طبع بعض النصوص النادرة والكتب المسرحية المتخصصة، بعض الدوريات المسرحية المهمة خلال القرن العشرين في طبعات شعبية بأسعار في متناول الجميع.
الهيئة العامة لقصور الثقافة
وتضم الهيئة عددا كبيرا من الفرق المسرحية بمختلف الأقاليم، وهذه الفرق تصنف فنيا وإداريا تحت مسميات الفرق «المركزية»، «السامر»، «القومية»، «قصور الثقافة»، «بيوت الثقافة»، «نوادى المسرح»، ويمكن لجميعها إذا أحسن توظيفها تحقيق نهضة مسرحية حقيقية في جميع ربوع مصر، وذلك إذا ابتعدت عن التعقيدات الإدارية والمحاولات الساذجة للتسابق للحصول على الجوائز، تقديم تلك النصوص التى تتوافق مع الواقع والقضايا الخاصة بكل إقليم، تنظيم جولات فنية بالعروض المتميزة، فحينئذ فقط يمكنها القيام بدورها التنويرى المنشود في نشر الثقافة والارتقاء بمستوى الوعى والمشاركة في معارك التنمية بتقديم عروض ممتعة محكمة الصنع، استكمال تجهيز بعض المسارح بوسائل التقنيات الجديدة وخاصة أجهزة الإضاءة والصوتيات، إنهاء جميع اشتراطات الأمان والسلامة المهنية المطلوبة، التى أغلق بسببها عدد كبير من المسارح بمختلف الأقاليم.
أكاديمية الفنون
تضم أكاديمية الفنون عددا من المعاهد الفنية المتخصصة، التى يمكنها المشاركة بإيجابية في هذه الاحتفالية في مقدمتها «المعهد العالى للفنون المسرحية»، إصدار كتاب توثيقى عن المراحل المختلفة لتأسيس وإنشاء المعهد، متضمنا قوائم أسماء جميع الخريجين بالأقسام المختلفة، مع إلقاء الضوء على أهم إسهامات نجوم كل دفعة بالحياة المسرحية، كذلك إعادة تنظيم عملية إطلاق أسماء الرواد على قاعات التدريب المختلفة، إصدار كتيب بإسهامات كل منهم أو كتاب توثيقى يجمع السيرة الذاتية والمسيرة الفنية لهؤلاء الرواد جميعا، توجيه طلاب السنوات المختلفة إلى تقديم عرض توثيقى عن أحد الرواد المسرحيين كل شهر، وهى التجربة التى سبق تقديمها من خلال فرقة المسرح المتجول موسم ١٩٨٦/١٩٨٧ وقدمت خلالها عروض: «الجذور»، «أرزة لبنان»، «يعقوب صنوع»، «جورج أبيض»، إعادة تقديم بعض الأوبريتات الغنائية على مدى العام.
قطاع الإنتاج الثقافى 
يتضمن القطاع الإنتاج الثقافى، ٨ جهات إنتاجية وخدمية ومن أهمها في مجال المسرح كل من: البيت الفنى للمسرح، البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، مركز الهناجر للفنون، المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ويمكن توظيف الاحتفال بهذه المناسبة في تأسيس واستكمال إصلاح البنية الأساسية، والمقصود بذلك افتتاح دور عرض مسرحى جديدة أو على الأقل الشروع في بنائها، وفى مقدمتها «مسرح مصر»، «مسرح السامر»، استكمال تجهيز بعض المسارح بوسائل التقنيات الجديدة، وخاصة أجهزة الإضاءة، والصوتيات، إنهاء جميع اشتراطات الأمان والسلامة المهنية التى أغلقت بعض المسارح.
البيت الفنى للمسرح
يضم البيت ١٠ فرق مسرحية، بالإضافة إلى تأسيس شعبة المواجهة والتجوال بالمسرح الحديث، وجميعها تقدم عروضها بالعاصمة فقط غالبا وذلك باستثناء شعبة المواجهة وعدد قليل جدا من العروض التى تقدم ببعض المصايف، تقديم إنتاج مسارح الدولة في جميع الأقاليم، وأيضا بجميع مواقع التجمعات الطبيعية «المدارس، الجامعات، المصانع،.. إلخ»، التزام كل فرقة بتقديم العروض التى تتوافق مع هويتها، والاهتمام بالقضايا الآنية وعدم الإغراق في الرؤى التجريبية وتقديم الطلاسم، والتى أعدها ترفا فنيا لا تحتاجه حياتنا المعاصرة ولا تتناسب مع التحديات الكبيرة التى تواجهنا.
البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية
يضم البيت الفني للفنون ٣ فرق منوط بها تقديم الأوبريتات والمسرحيات الغنائية، تتضمن إعادة تقديم أوبريت من الأوبريتات المتميزة كل شهر، ويمكن اقتراح اختيارها من خلال تلك الأعمال التى أثبتت نجاحها لكبار الملحنين سيد درويش، زكريا أحمد، سيد مكاوي، أحمد صدقي، محمد الموجي، بليغ حمدى مثل: «البروكة، العشرة الطيبة، شهرزاد، يوم القيامة، ليلة من ألف ليلة، القاهرة في ألف عام، وداد الغازية، الحرافيش، هدية العمر، ملك الشحاتين».
فرق الهواة والفرق الحرة والمستقلة
وتقدمت الجمعية المصرية لهواة المسرح، لحلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، في ٢٠١٦ بمبادرة تقديم ١٠٠٠ ليلة عرض، تعتمد على اختيار أفضل ٥٠ فرقة من الفرق الحرة والمستقلة والهواة بالجمعية، التى بلغ عددها ١٦٠ فرقة بجميع المحافظات، والتنسيق فيما بينها لتقوم كل ١٠ فرق بتقديم نصوص تتناول بعض أمراضنا الاجتماعية من خلال خمسة محاور وهى «الإرهاب والتطرف، الأمية والجهل، الإدمان، زيادة النسل، السلبية»، على أن تقوم كل فرقة بتقديم ٢٠ ليلة عرض في ٥ محافظات كحد أدنى، ليصبح بذلك العدد الإجمالى لليالى العرض: ٥٠×٢٠= ١٠٠٠ ليلة عرض، وأعتقد أن عام المسرح بهذه المبادرة سوف يؤكد أهمية دوره وسيوضح جليا كيفية مشاركته الإيجابية بمعارك التنمية، وقدرته على التماس مع الجماهير بكل المحافظات، كل ذلك بميزانيات رمزية بلغت طبقا للتقدير الأولى ٥٠٠٠ جنيه لكل عرض، وبالتالى تكون التكلفة الإجمالية ٢٥٠ ألف جنيه وهى أقل من ميزانية عرض صغير بمسارح الدولة.
المركز القومى للمسرح والفنون الشعبية والاستعراضية
استكمال الخطط الطموحة التى بدأها الفنان ياسر صادق، رئيس المركز الحالي، بطباعة الكتب التوثيقة التى توقفت طباعتها لعدة سنوات، حيث وصل قطار التوثيق إلى عام ١٩٢٥ فقط، يجب أن يستكمل حتى عام ١٩٩٤، كذلك وصل التوثيق للسنوات المعاصرة فقط إلى موسم ٢٠٠٧/٢٠٠٨، وبالتالى يجب استكمال التوثيق حتى عام ٢٠١٩/٢٠٢٠ خلال العام المقبل، عدم الاكتفاء خلال عام المسرح ٢٠٢٠ بالإصدارات التوثيقية السابقة مع الاستمرار في إنجازه المهم بإصدار ١٢ عددا من مجلة «المسرح» الشهرية، ٤ أعداد من مجلة «ألوان من فنون» الفصلية بل بالعمل أيضا على إصدار عدة كتب توثيقية جديدة، وأقترح في هذا الصدد إصدار كتب تتناول أنشطة الفرق الصغيرة والمجهولة في مسيرتنا المسرحية مثل «المسيري، فوزى منيب، يوسف عزالدين، محمد كمال المصري، بشارة واكيم.. إلخ»، وكذلك مجموعة كتب تتناول أنشطة جميع فرق الدولة.

مطالب المسرحيين بمناسبة مرور 150 عاما على بدايات المسرح 
أشاد الدكتور سيد على إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، بمقترح الاحتفال بمرور ١٥٠ عامًا على بدايات المسرح المصرى الحديث، قائلًا: «كنت سأحتفل بهذا الحدث على المستوى الشخصى بإصدار كتاب عنوانه «الجديد في نشأة المسرح العربى في مصر»، وهو البحث الذى نشرته في مجموعة مقالات بجريدة القاهرة تحت عنوان «دور الحكومة المصرية في نشأة المسرح العربي».
وأضاف «إسماعيل» أن هذا الكتاب سيشتمل على هذا البحث باللغة العربية، وترجمته بعدة لغات وهي: الإيطالية، والعبرية، والبولندية، والفارسية.. فإن كان يروق لأية جهة حكومية إصداره كمشاركة منى في هذا الحدث فلا بأس، وإن تعذر فسأصدره بمشيئة الله بطريقتي.
وعبّر الناقد المسرحى أحمد عبدالرازق أبوالعلا، عن رغبته في أن تكون تلك الذكرى والاحتفالية بداية لتصحيح مسار مسرحنا المصري، الذى من الضرورى مناقشة كل ما يحيط به بشجاعة وصراحة، بدونهما سيظل مسرحنا مجرد ذكرى عابرة لا تغير فينا شيئا.
واقترح الكاتب المسرحى محمد أبوالعلا السلاموني، في هذه المناسبة إعادة تقديم مسرحيته «أبونضارة»، على أن تكون مناسبة تماما لهذا الاحتفال القومى خصوصا لفض الاشتباك حول ما أثير في قضية تاريخ ريادة المسرح المصري.
وقال المخرج محمد نور، مدير مسرح القاهرة للعرائس، أتمنى أن تفتح المسارح في القاهرة وجميع محافظات مصر أبوابها للجمهور مجانا، احتفالا بهذا الحدث القومى لجذب جمهور جديد للمسرح.
ومن جانبه، قال الشاعر وكاتب الأطفال عبده الزراع، نود أن تكون هناك احتفاليات تليق بهذا الحدث العظيم، والاهتمام بنشر الوعى المسرحي، إضافة إلى تقديم العروض على جميع مسارح الدولة بما فيها مسارح الثقافة الجماهيرية باعتبارها القاعدة العريضة.
وأضاف «الزرّاع»، «لا ننسى الاحتفال بمسرح الأطفال أيضًا، ولا يقتصر الاحتفال فقط على مسرح الكبار، لأنه يعتبر غبنا لكل من يعملون في حقل مسرح الطفل من كتاب ومخرجين وملحنين وشعراء ومصممي عرائس ورقصات وغيرها، مؤكدًا أن الاحتفال بالمسرح هو احتفال بالثقافة الحقيقية.
وقالت الناقدة الدكتورة وفاء كمالو: «أتصور أن يضم هذا الاحتفال تقديم ريبورتوار لأهم العروض المسرحية، التى أثرت في الجمهور. وأضافت كمالو، أن ريبورتوار العروض الهادفة والجيدة يضيف وعيا جديدا بالمسرح كفن، وفكر، وإبداع، وحرية.
بينما أكد الكاتب الصحفى عبدالرازق حسين، رئيس تحرير مجلة المسرح بالمركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، أن هذه المبادرة الهادفة تستحق اهتمام وتقدير الجميع بما فيهم أجهزة الثقافة والإعلام، مطالبا تحويل هذه المبادرة إلى مشروع ثقافى كبير يساهم في تنظيم فعالياته كل الأجهزة المعنية في الدولة.
وقال المخرج حمدى طلبة، إن هذا الحدث يستحق أن يكون دوليا، يتضمن مؤتمرًا لمدة عشرة أيام تواكبه العروض المسرحية المميزة للمحترفين والهواة والمؤسسات، إضافة إلى أبحاث ومسابقات علمية تتناول تاريخ المسرح المصرى وتأثيره في المنطقة العربية والشرق اﻷوسط. 

بانوراما تاريخية على نشأة المسرح في مصر
بدأت فكرة ظهور المسرح في العالم بالعصر الفرعوني، فقد قدموا فنونا مسرحية وجدناها في النقوش التى ظهرت بمحيط المقابر الفرعونية، واستمد مصطلح «المسرح» جذوره من كلمة «ثياترون» الإغريقية التى تعنى مكانا مخصصا للمشاهدة بُنى على شكل مدرجات نصف دائرية منحوتة من منحدر التل، وبالتالى يعتبر العصر الإغريقى هو أساس المسرح الذى بدأ باستغلال البداية التى ظهرت في العصر الفرعونى لوضع وتحديد الأسس العلمية للمسرح، وهى تعتبر أشبه بمسارحنا الآن، مرورا بعصر النهضة الذى ظهر فيه فنية المسرح والاستفادة بالأسس الإغريقية، منتهيا بالعصر الحديث وهى فترة تسمى بازدهار المسرح التى استعانت بما قدمته العصور السابقة وتطويرها كى تتلاءم مع التطور الحضارى والتكنولوجى الذى حدث في العصر الحديث وابتكار أحدث أساليبه وتقنياته المستخدمة لازدهار المسرح.
يرجع أصل المسرح في جميع الحضارات إلى الاحتفالات المتصلة بالطقوس الدينية، فالمسرح مزيج من فنون وحرف عديدة، وتأثيرات نجاحه، يجب الحكم عليه من خلال تكامل هذه الفنون جميعًا، وحرفية المسرح قائمة على الجانب العملى في كل ما يسمعه ويراه الجمهور، وتحويها من النص المكتوب إلى أعمال جماعية متكاملة العناصر المسرحية، يؤديها الممثلون داخل العمل، بالإضافة إلى الملحقات التى تلحقهم من الإضاءة، والمؤثرات، والموسيقى، في وحده فنية متكاملة العناصر المسرحية برؤية مخرج العمل ومساعديه تجعل الجمهور يشاهد ويستمع ويتأثر بهذه الأعمال.
وشهد المسرح المصرى نهضة ملحوظة في فترة ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، ولكنه مر خلال السنوات الأخيرة بشيء من الركود، نظرًا لتدهور القطاع الثقافى والفنى بشكل عام، وأصبح الكثير في الوقت الراهن يتعامل مع المسرح كتجارة وليس فنا راقيا.
بدأت رحلة نشأة المسرح في الوطن العربى في منتصف القرن التاسع عشر، وكانت بداية نشأة المسرح عن طريق الترجمة على يد الفنان «مارون النقاش» الذى أخذ بتحويل بعض الأعمال المسرحية إلى العربية، وجاء من بعده الفنان «سليم النقاش» الذى قام بترجمة بعض الأعمال المسرحية أيضا، كل ذلك في سوريا، أما في مصر فقد أنشا «يعقوب صنوع» والملقب «بأبى نضارة» أول مسرح عربى في مصر عام ١٨٧٠، حيث قدم على خشبته ما يقرب نحو ٣٠ عرضا مسرحيًا تتراوح بين المشهد الواحد والتراجيديا عن الروايات المترجمة عن الفرنسية وكتب فيها عن حالة الفقر في مصر وهاجم خلالها الخديو إسماعيل، حيث عانى كثيرًا في بداية مشواره مع المسرح، نظرًا إلى جهل الجمهور بالفن المسرحي، وأخذ قبل بداية كل عرض يشرح للجمهور ما يتناوله العرض ومغزاه الاجتماعي والأخلاقى حتى يفى قدر استيعاب الجمهور لما يقدمه من عروض مسرحية، لقبه الخديو إسماعيل بـ«موليير» مصر، وعندما قدم عرض «الوطن والحرية» الذى سخر فيها من فساد القصر إلا وغضب منه الخديو إسماعيل وأمر بإغلاق مسرحه ونفيه في فرنسا حتى لاحقه الموت.
انتشر بعد ذلك الفن المسرحى الغنائى في بدايات القرن العشرين وكان يسمى بـ«أوبريت»، والذى اشتهر به الفنان جورج أبيض بعد عودته من فرنسا في ١٩١٠، والذى حمل على عاتقه تقديم المسرح الدرامي، لكن العروض الغنائية الراقصة فرضت نفسها عليه، واعتمد من خلال هذه العروض على مجموعة كبيرة من الفنانين المعاصرين أمثال «سلامة حجازي، سيد درويش»، ولكن أخذ المسرح الدرامى يفرض نفسه على الساحة في العشرينيات بانضمام الفنان «يوسف وهبي» لقائمة رواد المسرح، فقدم أعمالا مسرحية حققت نجاحا كبيرا في القاهرة والإسكندرية إلى جانب الدول العربية، وكان في ذلك الوقت ينافسهم رائدا المسرح الكوميدى وهما الفنانان «نجيب الريحاني»، «على الكسار» الذان استطاعا تقديم عدد من العروض الكوميدية من تأليفهما الخاص دون اقتباس.
بدأت رحلة نشأة المسرح في الوطن العربى في منتصف القرن التاسع عشر، وكانت بداية نشأة المسرح عن طريق الترجمة على يد الفنان «مارون النقاش» الذى أخذ بتحويل بعض الأعمال المسرحية إلى العربية، وجاء من بعده الفنان «سليم النقاش» الذى قام بترجمة بعض الأعمال المسرحية أيضا.