لا تقتلوا
إرميا العجوز
كل يعدو أثرك..
يطاردك من أخمص قدميك
إلى مغارة رأسك..
أصابعك تنبح باستمرار عبثي..
نار صديقة تهاتفك من صحن طائر..
يرشقك الحظ العاثر بالحجارة..
تطاردك كلاب عمياء بأجنحة زلزال..
أصابعك المسلحة بأسنان المتعاليات..
غيمة الآخرين المسرودة من حديد..
بركان أعزب بمسدس فصيح..
لصوص من الحبشة لم يولدوا بعد..
جواسيس يصوبون بنادقهم
تحت لحاء جلدك المتشقق..
«سائق عربة الأمس»..
«ثعلب الميتافزيق»..
هيكل عظمى لهندى أحمر..
شوبنهاور وكلبه العصابي..
كوابيس غريغور سامسا..
الله وملائكته يطلون من شرفة الأزرق..
مثل ملاكمين محترفين..
غير عابئين بالدم الزارب من قدميك المتلعثمتين..
لم يكونوا في صفك يوما ما..
لم ترقهم فرقعة عظامك الهشة..
لم يرسلوا سيارة إسعاف
لنقلك إلى مستشفى الأبدية..
لم يفتحوا النار على طائرة ذكرياتك المريرة..
كل يعدو أثرك..
لم ينقذك قائد أوركسترا في بهو كنيسة..
أرواح القديسين المليئة بالقمح والبركات..
لم ينقذك خاتم سليمان السحري..
لم يزرك جنى واحد من ألف ليلة وليلة..
لم يمسح دموع أصابعك مطران..
لم يمنحك ممرض عبثى جرعة
إضافية من المورفين..
لم تقطف جثتك العطنة
عربة نقل الأموات..
لكن رغم غزارة رمادك اليومي..
لم تنقذك غير شجرة هرمة
تجلس القرفصاء أمام دار الأوبرا.
نص للشاعر التونسى/ فتحى مهذب