انْتَهَى كُلُّ شَيء
يَدى لم تَعُدْ يَدي
صَارتْ مطرقةً
أَضْرِبْ بها على الرُّؤوسِ،
وأَبْتَسِم
أََرْضى لم تَعُدْ ثقيلةً
صَارَتْ لها أَجْنِحةٌ
مِنْ هُلَامٍ
تَطِيرُ بِها إلى البُحْيْراتِ الرَّطبِة
قَلْبى المُتْعَبُ
صَارَ جبلًا مِنْ حَجَرٍ
وكُلُّ أَصْدِقائى يَسِيرون مَعَ الأَشْبَاحِ
بِجِباهٍ تَلْمَع
إذا تَعلَّمتُ الطَّيَران، سأَتَعلَّمُهُ
من الحَمامِ الكُرْدِيِّ
كَيْفَ أطيرُ
ومَتَى أحُطُّ على الأَرْصِفةِ
قَليلًا
كَيْفَ أنْقُرُ من خُبْزِ الشَّعيرِ
اليابسِ
ومَتَى أغْسِلُ الرِّيشَ من نافُورَةِ الرُّخَام
قَصيرًا هذا الحَبْلُ، صَارَ قصِيرًا حَوْلَ عُنُقي، ثُمَّ ضَيِّقًا أَكْثَرَ
صِرْتُ أَقْطَعُ الحَبْلَ من العُقْدَةِ، أَقْطَعُهُ
فلا تَبْقَى سِوى أطْرافِ الخُيُوطِ
أعْوى مثلَ الذِّئْبِ
وأَخافُ أَنْ يُقطعَ عُنُقى قَبْلَ أَطْرَافِ
الخُيُوطِ
هذا الزمنُ الكَئيبُ
يشْرُبُ من دَمِنا، يقتاتُ
مِنْ قَمْحِنا
وهَوائِنَا
هذا الزَّمَنُ الرَّديءُ
يَأْكلُ فَرَاشاتِنا المُلَوِّنَةَ
وعَصَافيرَنَا المُغَرِّدَةَ
يَقْتَلِعُ أَشْجَارَنَا الخَمِيلَةَ
يَقْصِم ظُهُورَنَا
يشْرُبُ نَبٍيذَنا
ومَاءَنَا
في طَاسَاتِ مِنْ نُّحَاس
أنا لَسْتُ سِوَى هَذا الصَّمْتِ
الذى يَكْبُرُ في الغِيَابِ
لستُ سِوَى هَذا العَزِيفِ
الذى يَكْبُرُ في العَاصِفَةِ
أَنا لَسْتُ سِوَى هَذا الفَراغِ الذى يَأْتِي
مِنَ النَّافِذَة مَرَّتَيْن
أَيُّها الوَجْهُ العَابِرُ في الغِيابِ
والصَّمْت
أُتْرُكْ مَسافَةً بَيْنَكَ
وبَيْني
بَيْنَكَ وبَيْنَ المِرْآةِ
وأكْتُبْ وَصِيَّةَ الأَكْرادِ
الأَخِيرَةَ
بالصَّمْغِ
والفَحْمِ
ثَمَّةَ، وَجْهٌ آخَرَ يَحْمِل شُحْنَةً
مِنَ الغَضَبِ
يَغْمٍزُ للشَّمْسِ مِنَ شُقوقِ النَّافِذَةِ
ويَنْفُخُ حُزْنَهُ
في القَصَب
وفى جِرارِ الرَّمَاد
هذه اللُّغةُ المَدْهونةُ بالعَسَل
لُغةُ الله، نَتَعَلَّم بِها كَيْفَ نَموتُ
وكَيْفَ نَكُونَ بِجِوارِ
المَوْتَى
كيْفَ نَنْثُرُ الغُبارَ عَلى الأًَحْيَاء
وكيف نَنْظُرُ إلى نِسَاءِ الجَنَّة
بالكُعوبِ العَالِية
هَلْ نَمُوت ونَعْبُر مِنْ مَكَانٍ
إلى آخَر
هَلْ نَمُوتُ والكَلَامُ
من نَار
هَلْ نَمُوت والمَلائِكَةُ بَيْنَنا
هَكذا
مُنذُ كُنْتُ أَغْرِسُ فَسيلَةً
في حَاشِيةِ كُلِّ قَصيدَةٍ
مَكْسُوَةٍ بالتُّرَاب
كُنْتُ أَغْرِسُها بهذه الأَصَابعِ
الرَّثَّةِ
فَسيلةً
فَسِيلة
أَغْرِسُها وإذا بالقَصيدَةِ وُرودٌ ذَابِلَة
وصَبَّارٌ
وأَعْشَابٌ بَرِّيةٌ في سَفْحِ الجَبَل
نص لـ«المغربى مصطفى لفطيمى»