الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

أوروبا تهدد إيران بإعادة ملفها لمجلس الأمن بعد استمرارها في تخصيب اليورانيوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في تطورات متسارعة لتداعيات أزمة الملف النووي الإيراني، على خلفية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الذي وقعته دول كبرى مع طهران، وتملص إيران من التزاماتها المنصوص عليها في هذا الاتفاق، للمرة الرابعة على التوالي.. هددت أوروبا بنقل كامل الملف مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي بالاستناد إلى الآليات المنصوص عليها في الاتفاق والتي يتضمنها؛ وأبرزها آلية "فض النزاعات" التي تعني، رغم تعقيدها، إمكانية إعادة فرض العقوبات الدولية السابقة كافة على (طهران) في حال لم تتراجع عن انتهاكاتها المتلاحقة لبنود الاتفاق.
وجاء التهديد الأوروبي على لسان وزراء خارجية الدول الثلاث الموقعة على الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إضافة إلى وزيرة الشؤون الخارجية الأوروبية فيديريكا موجيريني، عقب اجتماع عقد في باريس أول من أمس، وصدر بيان قوي اللهجة يختلف عن البيانات السابقة التي أعقبت المراحل الثلاث الأولى من تخلي إيران التدريجي عن الاتفاق.
لكن قيام (طهران) بإعادة تشغيل موقع (فوردو) لتخصيب اليورانيوم كان بمثابة النقطة التي بها "طفح كيل الأوروبيين" وفق توصيف مصدر أوروبي متابع للملف النووي، والذي تمت المصادقة عليه بموجب القرار رقم 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 20 يوليو 2015، وأنهى نحو 12 عاما من المفاوضات الماراثونية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

أسباب التهديد الأوروبي
أرجعت بعض الدراسات السياسية الأوروبية أسباب التهديد الأوروبي لإيران بإحالة ملفها النووي بالكامل إلى مجلس الأمن لمجموعة من الأسباب: أولها: تخلي إيران عن بند واضح في الاتفاق ينص صراحة على تعطيل (فوردو) وتحويله إلى مركز بحثي.. وثانيها، موقعه الجغرافي بالغ التحصين والعصي على التدمير.
وثالث الأسباب يكمن في احتمالات مد منشأة (فوردو) النووية بأجهزة طرد مركزية من الجيل السادس من شأنها تسريع إنتاج كميات من اليورانيوم المخصب ورفع نسب التخصيب من مستواها الحالي (أقل من 5 في المائة) وربما الوصول بها إلى تخصيب أعلى من ذلك.ورابعها، إشارة تقرير للوكالة الدولية للطاقة النووية إلى العثور على مواد نووية في موقع لم تعلنه السلطات الإيرانية وتجهله الوكالة.
وبحسب الخبراء الفرنسيين، فإن الجهة القادرة على التخصيب بهذه النسبة، لا يستعصي عليها الوصول إلى نسبة 90 في المائة؛ وهي الضرورية لإنتاج القنبلة النووية.
ووفقاً للدراسات الأوروبية، فقد بات لدى الأوروبيين قناعة مفادها بأن طهران "لا تعير بالاً" لتحذيراتهم المتلاحقة ولدعواتهم الملحة لكي تحترم بنود الاتفاق؛ لا بل أن تتراجع عن التجاوزات التي قامت بها؛ سواء من ناحية حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، أو نسبة التخصيب، أو نصب أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وأخيراً إعادة تشغيل "فوردو".
والحال أن الرهان الأوروبي كان على مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدبلوماسية التي كان يراد لها أن تتوج بلقاء قمة، في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر الماضي، وخطة ماكرون كانت تقوم على إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتخفيف الضغوط على (طهران) نفطيا وماليا مقابل عودتها إلى الالتزام بالاتفاق النووي وقبولها الدخول في مفاوضات جديدة بشأن نشاطاتها النووية لما بعد عام 2025، فضلاً عن تحجيم برنامجها الصاروخي - الباليستي وتغيير سياستها الإقليمية.
ورغم حالة القلق العميق، التي عبر البيان الأوروبي الرباعي عنه إزاء معاودة نشاطات إيران في التخصيب، فإن الأوروبيين أكدوا مجدداً عزمهم على استمرار بذل الجهود لإنقاذ الاتفاق الذي يخدم مصالح الجميع، وبموازاة ذلك، يحث البيان (طهران) على التعاون الكامل مع الوكالة الدولية الموكلة الإشراف على الأنشطة النووية الإيرانية، خصوصاً فيما يتعلق بالضمانات العامة والبروتوكول الإضافي.
الرد الإيراني والموقف الأمريكي
لم يتأخر الرد الإيراني على البيان الأوروبي، وجاء على لسان الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته ومبعوث طهران لدى الوكالة الدولية، ولم تخرج الردود الإيرانية عن الأدبيات السياسية التي تلجأ إليها (طهران) لتبرير مواقفها والتنديد بتقصير الأوروبيين الذين تنتظر منهم تعويضها عن الخسائر المترتبة عليها بسبب العقوبات الأمريكية.
ولخص روحاني استراتيجية بلاده في مقاومة الضغوط الأمريكية بأنها تقوم على المقاومة والمثابرة وقبول الانخراط في مفاوضات، مشيراً إلى أنه حتى اليوم لم يوافق على العروض التي وصلت إليه؛ في إشارة إلى عرض ماكرون الأخير الالتقاء بالرئيس ترامب في نيويورك شرط العودة عن الانتهاكات مقابل رفع جزئي للعقوبات.
يذكر أن أوروبا كانت قد عمدت إلى إقامة آلية تعويض مالية سميت (إنستكس) لمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات، لكنها بقيت هامشية ومحصورة بالجوانب الإنسانية، بسبب الضغوطات الأمريكية على الشركات الأوروبية الكبرى التي سارعت بالخروج من إيران وتصفية أعمالها هناك.
من جانبها، دعت (واشنطن) إلى اتخاذ خطوات مشددة للضغط على (طهران).. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بيان: "حان الوقت بالنسبة إلى كل الدول لرفض الابتزاز النووي الذي يقوم به هذا النظام واتخاذ خطوات مشددة لزيادة الضغط".
يبقى القول أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التجاذبات والسجالات السياسية بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي الموقعة على الاتفاق النووي، وستبقى الولايات المتحدة الأمريكية على ممارسة السياسة الرمادية تجاه (طهران) على الأقل لحين الانتهاء انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة 2020 وانتظار حظوظ فوز الرئيس ترامب بفترة ثانية.