الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

تعرف على من شيد نصف كنائس الأقباط

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يقم بين القبط ملكًا أو إمبراطورًا أو سلطانًا ولكن أطلق على إبراهيم جوهرى اسم سلطان القبط؛ ليس لأنه أصبح سلطانا له مملكة أرضية ولكن كان رعاياه من الفقراء والمعوزين وخواصه وأمراء مملكته من الأيتام والأرامل وكل من له احتياج..
السلطان عند القبط هو الذى عنوان حياته من يدك أعطيناك يعطيه الرب فيعطى إلى الآخرين، ولم يطلق لقب سلطان القبط في العصر الحديث ولكنه وجد منقوشًا منذ القديم على حجاب أحد الهياكل في كنيسة بدير الأنبا بولا الذى عمراه هذا الأرخن الكبير من ماله الخاص، كما يبينه لنا أيضًا القطمارس المحفوظ بالدير، وكان يطلق على الكتبة وكبار رجال الحكومة لقب معلم في زمن الاحتلال العثمانى يساعدهم المماليك في حكم مصر، ومن عظماء هذا العصر الأرخن العظيم. 
المعلم إبراهيم جوهرى وأخوه المعلم جرجس جوهرى وهما من مشاهير الأقباط اللذان شغلا مناصب مهمة في جيلهما كما استطاعا الاحتفاظ بتواضعهما ومحبتهما للرب والكنيسة ولفقراء الأقباط من القبط وغيرهما، وتتميز الأمة القبطية عما عداها من الأمم في أنها تنظر إلى العظماء نظرة مختلفة، فهم ينظرون إليهم بنجاحهم في العالم وتقدمهم في الفضائل الدينية لهذا وضعتهما الكنيسة في مصاف القديسين بالرغم من أنهما علمانيين لأنهما أرضيا الرب بأعمالهما الصالحة وعطائهما الوفير واحتمالهما وصبرهما على التجارب والشدائد التى جربهما بهم الشيطان في العالم؛ لأن القداسة ليست مقصورة على من يلبسون زيًا معينا أو في درجة وظيفية كبيرة سواء أكانت دينية أو دنيوية ولكنها عامة لهؤلاء الذين ينفذون كلام الإله وهذه دعوة عامة للجميع لى ولك من الرب يسوع ذاته، والفضيلة البارزة التى وضحت في حياة هذين الشخصيتين هى العطـــاء وعمل الرحمـــة، طبقا لهذين الأرخنين العظيمين جميع الوصايا الإلهية السابقة في منطقة مصر القديمة وغيرها من أنحاء مصر فكانا ينظران احتياجات الكنائس والفقراء ولهما عليها أيادي بيضاء، وقبرهما ما زالا عندنا حتى هذا اليوم بكنيسة الشهيد العظيم مار جرجس بمصر القديمة.
نشأ المعلم إبراهيم جوهرى من أبوين فقيرين متواضعين، وكان اسم والده يوسف الجوهرى، وكان عمل أبوه في صناعة الحياكة في بلدة قليوب وكان من المعتاد في ذلك الزمان أن تورث العائلة الصنعة إلى بنيها ولكن كان أبواه مملوئين نعمة وإيمانًا فربياه تربية مسيحية في كتاب البلدة فتعلم الكتابة والحساب وأتقنهما وتفوق فيهما على أقرانه لذكائه الخارق، وأصبح فيما بعد كاتبًا محاسبًا وجامعًا للضرائب لأحد أمراء مصر الكبار، وكثيرًا ما كان ينسخ يكتبها بخط يده تسمى اليوم مخطوط الكتب الدينية وتقديمها إلى الكنائس المختلفة التى تحتاجها على نفقته الخاصة، وعندما كان ينتهى من نسخ كتاب من الكتب كان يذهب به إلى كنيسة القديسة العذراء مريم المغيثة بحارة الروم البابا يؤنس الثامن عشر البطريرك الـ 107 الذى جلس على الكرسى البطريركى منذ سنة 1486 إلى 1512 ش التى توافق 1770 م - 1796 م.
وكانت عطاياه من نسخ الكتب كثيرة خاصة أن نفقاتها كانت كبيرة في ذلك الوقت فاستفسر منه عن مورد مصاريفه التى يصرفها على نسخ هذه الكتب وتجليدها، فكشف له إبراهيم الجوهرى عن حاله فسر البابا من غيرته وتقواه وعطاياه السخية وقربه إليه.
عمل إبراهيم جوهرى في البداية في وظيفة كاتب عند أحد أمراء المماليك، ثم توسط له البابا لدى المعلم رزق رئيس الكتاب في هذا الوقت فاتخذه كاتبًا خاصًا واستمر يعمل مع المعلم رزق ثم صار رئيس للكتبه وبالغ إبراهيم في إنكار ذاته، وإظهر تواضعا وعكف على صنع الخير لجميع الناس بدون تمييز بين أهل الأديان فذاع صيته وكسب محبة الجميع، وسمع به على بك الكبير الذى ألحقه بخدمته، ولما حكم محمد بك أبو الدهب مشيخة البلاد حاكم البلاد بعد مقتل علي بك الكبير وعندما مات المعلم رزق رئيس المباشرين أخذ مكانته المعلم إبراهيم الجوهرى وأصبح رئيسًا للمباشرين وأحد عظماء عصره ثم مات أبو الدهب وخلفه في حكم البلاد إبراهيم بك ومراد بك ظل المعلم إبراهيم الجوهرى في منصب رياسة كتاب القطر المصرى وهى أسمى وظيفة حكومية وصل إليها قبطى في ذلك العصر.
وفى يوم الاثنين 25 من بشنس سنة 1511 ش التى توافق 31 مايو 1795 م التى كانت ثانى يوم عيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر رقد في الرب وإنضم إلى آباء الكنيسة الأبرار وقد قامت الكنيسة القبطية بتدوين اسم المعلم إبراهيم جوهرى في السنكسار الذى يقرأ على الشعب تحت يوم 25 من شهر بشنس.