الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

«أصوات».. الديوان الوحيد في حياة الإيطالي أنطونيو بورشيا

أنطونيو بورشيا
أنطونيو بورشيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هاجر أنطونيو بورشيا الذى ولد فى إيطاليا نحو العام ١٨٨٥ موطنه بعد وفاة والده، اصطحب أسرته المكونة من أم وستة إخوة إلى الأرجنتين، واضطر للعمل منذ صغره كى يدبر معيشتهم، ومع مرور الأيام اشترى مطبعة وتكونت لديه صداقات مع كتاب ورسامين ونحاتين. 
يبدو أن بورشيا يتمتع بذوق أدبى معين، ورغبة فى الكتابة للتعبير عن حالات نفسية خاصة مر بها خلال فترة حياته، فيكتب شذرات صغيرة ممتلئة بالمشاعر وفيض الإحساس، ويحتفظ بها لنفسه.. هو لا يعرف أن مثل هذه الشذرات من الممكن أن تُنشر فى كتاب أدبى له تأثير على الناس، لكنه فى العام ١٩٤٣ يلح عليه الأصدقاء مرات عديدة من أجل طباعة هذه الكتابات الشعرية القصيرة، ويقابل إلحاحهم بالرفض، وأخيرا يستسلم لطباعة ديوانه الأول تحت عنوان «أصوات» ليكون فى نفس اللحظة الديوان الأخير أيضًا. 
فى السادسة والخمسين من عمره نشر بورشيا عمله الأدبى «أصوات» على نفقته الخاصة، وتسلم قرابة الألف نسخة، والتى أودعها جمعية للرسامين والنحاتين كانت تجمعه بهم صلة صداقة، لكن الأصدقاء يشتكون من هذه النسخ التى شغلت حيزا كبيرا فى الوقت الذى لم تبع فيه نسخة واحدة، ووقع بورشيا فى أزمة توزيع كتابه، لم يقدم أحد على شرائه، قرر بدافع تقريب كتابه من يد المتلقى أن يوزعه مجانًا على المكتبات العامة والبلدية مما سهل له الانتشار. 
عانى بورشيا كثيرا من أجل هذا الكتاب، فقد ظل مدة طويلة حتى التفت له الجمهور، ففى العام ١٩٤٨ بدأ الكتاب يأخذ فى الانتشار، ويحتل مكانة متميزة بين القراء الذين أعجبوا بموهبة بورشيا الأدبية، فأصدر الطبعة الثانية، ثم عرف الكتاب طريقه للترجمة حيث اللغة الفرنسية بعد عام واحد من نشر الطبعة الثانية وبتزكية من الأديب الفرنسى روجيه كايوا الذى رأى فى «أصوات» موهبة شعرية صادقة وحساسة للغاية. 
نظر القراء إلى كتابات بورشيا على أنها نوع من التأملات القصيرة والحكم المفيدة والفلسفة الرائعة، فى الوقت الذى فضل فيه بورشيا ألا ينظر الناس إلى كتابه على أنه نوع من الحكم والأمثال. 
على كل حال، فإن بورشيا قد اكتفى بتلك الكتابات التى عبرت عن حالة نفسية معينة، كما اكتفى أن يصل الكتاب إلى القراء ويعرف تقديره ويلمس إعجاب ملايين القراء حول العالم بما كتبه، لكنه لم يصدر عملا جديدا، وربما يرجع ذلك إلى كون بورشيا رجلا أراد التنفيس عن حالات خاصة فى صدره فقط، ولم يقصد أن يكون أديبا وكاتبًا لا ينضب له معين ولا يجف له خيال.