الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

موجة جديدة من التهديدات الإيرانية لـ"السعودية".. "خامنئي" يلوّح بضرب "أرامكو" مرة أخرى.. "الحوثي" شوكة في يد طهران.. الملف اليمني والبرنامج النووي والتقارب الأمريكي ملفات شائكة في العلاقة بين البلدين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تتوقف التهديدات الإيرانية للمملكة العربية السعودية، حيث بدأت موجات جديدة من الصراع بين طهران والرياض بعد ضرب جماعة الحوثى اليمنية منشآت نفط شركة أرامكو التابعة للمملكة العربية السعودية، وتمتد جذور التنافس السعودى الإيرانى في الشرق الأوسط إلى الثورة الإيرانية في عام ١٩٧٩ والحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨)، لاسيما منذ اتباع طهران لمبدأ تصدير الثورة خصوصًا في دول جوارها ومهاجمة ممالك دول الخليج.


كما تعد علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية أبرز أحد نقاط الخلاف مع إيران؛ حيث تعتبر طهران واشنطن بمثابة عدوها الأول، على خلفية علاقات الصراع فيما بينهما المرتبطة بالبرنامج النووى الإيرانى.
وفى هذا السياق، بدأت موجات جديدة من الصراع بين طهران والرياض بعد ضرب جماعة الحوثى اليمنية منشآت نفط شركة أرامكو التابعة للمملكة العربية السعودية مما تسبب في نقص نصف إنتاج الشركة وارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، واتهام طهران بالضلوع في هذا الحادث. في حين ذهبت طهران للتنديد بهذه الاتهامات ومحاولة استمالة المجتمع الدولى إلى جانبها، الأمر الذى اتضح في تصريحات بعض المسئولين الايرانيين خلال الجلسة ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. وتستمر حدة التنافس فيما بينهما إلى أن وصل الأمر لتهديد خامنئى بضرب أرامكو مرة أخرى إذا اضطرت طهران لذلك، الأمر الذى ردت الرياض بفرض عقوبات على كيانات تابعة للحرس الثورى الإيرانى.


جذور التنافس
لطالما تصرفت المملكة العربية السعودية وإيران على أنهما خصمان رئيسيان في المنطقة لاسيما في الخليج العربي، وتغذى المنافسة بين الدولتين اختلافات أيديولوجية وجيوسياسية كبيرة، التى يمكن أن تصبح أكثر ظهورًا في أوقات الاضطرابات الإقليمية؛ ففى الوقت الذى تتعاون فيه المملكة العربية السعودية مع باقى ممالك دول الخليج من أجل الحفاظ على الوضع الراهن والاستقرار في هذه المنطقة، تعمل فيه طهران على التعامل مع هذه الدول من حيث مبدأ تصدير الثورة ورفض فكرة وجود نظام المملكة من الأساس، الأمر الذى ترفضه هذه الدول لاسيما المملكة العربية السعودية.
ومن ناحية أخري، لطالما كان الاختلاف المذهبى ما بين السنى والشيعى وكون إيران دولة غير عربية من أبرز العوامل التى حكمت علاقة التنافس بين طهران والدول العربية لاسيما المملكة العربية السعودية بصفتها حامل راية المذهب السنى في المنطقة والمدافع عنه. لذا، دائمًا ما تعارض الرياض التمكين الشيعى في المنطقة والمخططات الإيرانية الرامية إلى انتشار وتمكين الشيعة على الجانب السياسى والاقتصادى في غالبية العواصم العربية، الأمر الذى يؤرق المملكة العربية السعودية ويؤزم العلاقات مع إيران، كما تعتبر طهران نفسها بمثابة المدافع الأول عن الشيعة في المنطقة، ومن ثم القائد الملهم للعالم الإسلامي.

دوافع التصعيد
كان هجوم جماعة الحوثى على منشآت نفط تابعة لشركة أرامكو السعودية في سبتمبر لعام ٢٠١٩ من أبرز الأحداث التى أدت إلى حالة كبيرة من التصعيد المتبادل بين إيران والمملكة العربية السعودية، الأمر الذى اتضح في التصريحات المتراشقة بين الرئيس الإيرانى حسن روحانى ووزير خارجيته جواد ظريف من ناحية وولى العهد السعودى محمد بن سلمان ووزير الدولة للشئون الخارجية عادل الجبير على هامش اجتماعات الجلسة ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
واتهمت المملكة العربية السعودية طهران بالضلوع في هذا الحادث على خلفية تصفية حساباتها مع السعودية فيما يتعلق بالملف اليمنى والإضرار بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة عن طريق تعطيل مصالحها المرتبطة بالنفط في الشرق الأوسط، بسبب التصعيد المتبادل بين واشنطن وطهران المتعلق بقضية البرنامج النووى الإيرانى والخروج الأمريكى منه. ويشير بعض المحللين، إلى أن إيران من خلال هذا الحادث تضيف ورقة جديدة لمناوراتها؛ لطالما تروج طهران إلى قدرتها على تحمل العقوبات واستثمار الضغوط الناتجة عنها من خلال الاعتماد على النفس فيما يتعلق بتطوير بعض الصناعات الحديثة لاسيما في المجال الدفاعى والعسكري، ولكن هذه القدرة لها حدود، تمثلت في الهجوم المستمر من قبل إيران على الملاحة البحرية في مضيق هرمز.
ولكن من المتوقع ألا تستمر حالة اللا سلم واللا حرب كثيرًا في منطقة الشرق الأوسط ولن تسمح طهران لنفسها كثيرًا بالبقاء تحت وطأة العقوبات الأمريكية، لذا، فإن أعمالها العدائية هذه ستستمر على المدى الطويل إلى أن يتم حل القضية النووية والفصل في الملفات الأخرى الشائكة مثل الملف اليمنى والنفوذ الإيرانى والمزعزع للاستقرار في المنطقة.


ملفات شائكة
هناك عدد من الملفات الشائكة التى تحكم علاقة التصعيد المتبادل بين المملكة العربية السعودية وإيران والتى يتصدرها القضية اليمنية والصراعات القائمة بين تحالف دعم الشرعية المكون من قوات الرياض التى تدعم الحكومة الشرعية وأبوظبى التى تدعم المجلس الانتقالى الجنوبى في مواجهة جماعة الحوثى المدعومة من إيران. كما تعارض المملكة العربية السعودية فكرة أن يكون لإيران برنامج نووى من الأساس على خلفية سعيها لأن تكون القوة الإقليمية الأولى في المنطقة، ويعد التقارب الإيرانى اليمنى من أبرز الملفات الخالقة لعلاقة التوتر بين طهران والرياض.


الملف اليمنى
شهدت التوجهات الإيرانية في الألفية الثالثة من القرن الواحد والعشرين تحركات واسعة النطاق في دوائر خارجية مختلفة؛ ففى إطار رغبة طهران في تعزيز دورها الإقليمى ارتبطت تحركاتها بتدخلات مباشرة في دول المنطقة ومن ضمنها اليمن، حيث ترتبط السياسة الخارجية لطهران بأهداف أساسية ثابتة بعيدة المدى، وأخرى مرحلية مرتبطة بالتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية؛ ومن ضمن الأهداف الأساسية فرض الهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية وخصوصًا اليمن.
بدأت طهران بعد أحداث الربيع العربى لعام ٢٠١١ في التقرب لجماعة الحوثى اليمنية على خلفية المذهب الشيعى المشترك فيما بينهما، وتمثلت أبرز صور هذا الدعم في الجانب الاقتصادي، العسكرى، الاستشارات والتدريب العسكرى الذى طالما قدمه الحرس الثورى الإيرانى لهذه الجماعة. وعليه، بدأت طهران فيما بعد لاستغلالها بالشكل الأمثل الذى يحقق مصالحها في المنطقة، الأمر الذى تمثل في ضرب جماعة الحوثى لمنشآت أرامكو السعودية في سبتمبر الماضي.
البرنامج النووى الإيرانى
يعد البرنامج النووى الإيرانى من أبرز القضايا التى تعارضها المملكة العربية السعودية، على خلفية تمكينه لطهران من دخول النادى النووي، وبالتالى تصاعد النفوذ الإيرانى أكثر في المنطقة، الأمر الذى يمكنها من أن تصبح القوة الإقليمية الأولى دون منافسة. نتيجة لذلك، باتت الرياض تسعى هى الأخرى بدورها لتبى برنامج نووى سلمي، أكدت أنه بعيد تمامًا عن الاستغلال العسكري؛ الأمر الذى اتضح في تصريحات ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان بأن بلاده ستطور قنبلة نووية إذا أقدمت إيران على تلك الخطوة، بما يفتح المجال للنقاش حول إمكانية حدوث تغيير في خطط السعودية مستقبلًا، حتى تتحوّل إلى قوة نووية، في سياق صراعها الواضح مع إيران بالمنطقة.
وضعت الرياض ضمن رؤية ٢٠٣٠ إنشاء مشروع وطنى للطاقة الذرية، كانت من أهدافه إدخال المملكة العربية السعودية إلى المجال النووى السلمى في حدود الاتفاقيات الدولية؛ وقررت أن يتكون المشروع من عدة مفاعلات نووية كبيرة ذات قدرة كهربائية تقدر ما بين ١٢٠٠ و١٦٠٠ ميغاوات لكل واحد، فضلًا عن بناء مفاعلات ذرية صغيرة مدمجة. وأشارت عدة تقارير إعلامية إلى أن المملكة تخطّط على مدى الـ ٢٠ إلى ٢٥ سنة القادمة إلى بناء ١٦ مفاعلًا للطاقة النووية، خاصةً بعد تفاوض السعودية مع عشر دول لأجل الاستثمار في مجال الطاقة النووية، منها الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا وكوريا الجنوبية.
التقارب الأمريكى
تعد فكرة التقارب الوثيق والتحالف بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية من أبرز الملفات الشائكة في العلاقات بين طهران والرياض، على خلفية منع الوجود الأمريكى في المنطقة لطهران من أن تصبح القوى الإقليمية ومحاولاتها المستمرة لفرض توازنات وترتيبات بعينها في المنطقة تمنع طهران من الاستفراد بالسيطرة، من خلال ميليشياتها المنتشرة في الكثير من العواصم العربية.
ولطالما انتقدت طهران التوافق السعودى الإيرانى من خلال التعويل على اعتماد دول الخليج على الولايات المتحدة الأمريكية في توفير الأمن ومساعدتها على تحقيق التوازن فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران. لذا، تعد العلاقات الأمريكية السعودية بمثابة غصة كبيرة في حلق طهران تكبح جماحها من زيادة نفوذها في المنطقة؛ الأمر الذى اتضح في تصريحات وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف إبان حادثة الهجوم على أرامكو والتصعيد السعودى الذى واجهته طهران على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.