الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

اتفاق الرياض ضربة عربية لـ«أحلام الملالي».. اقتسام المناصب الحكومية والوزارات مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه.. وانتهاء الانقسام الداخلي في الجنوب اليمني بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لطالما كان التنافس السعودى الإيرانى هو السمة السائدة للأوضاع السياسية في الشرق الأوسط منذ قيام الثورة الإيرانية لعام ١٩٧٩ على خلفية اتباع طهران لمبدأ تصدير الثورة ورغبتها في تغيير نظم الحكم في منطقة الخليج العربي، وكانت ومازالت المملكة العربية السعودية من أبرز المعارضين لهذا المبدأ باعتبارها القائد الرئيسى للمذهب السنى في المنطقة.

في حين تحاول طهران التدخل في شئون دول المنطقة من خلال تمكين أتباع المذهب الشيعى الذى تعتبر نفسها القائد الرئيسى له في العالم من خلال مجموعة من الميليشيات التى انتشرت بكثافة بعد أحداث الربيع العربى لعام ٢٠١١ في الكثير من دول الشرق الأوسط وسيما العالم العربي. 


وفى هذا السياق، كانت المملكة العربية السعودية بمثابة الراعى الرسمى لاتفاق الرياض الذى جرى توقيعه في ٥ نوفمبر الجاري، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالى الجنوبى في اليمن في مواجهة جماعة الحوثى وبغرض الحد من النفوذ الإيرانى المزعزع للاستقرار في المنطقة. وسنعرض فيما يلى لمدى مساهمة اتفاق الرياض في تعزيز الوحدة اليمنية، والترحيب الدولى بالاتفاق كخطوة حاسمة في مواجهة التهديدات الإيرانية بالمنطقة، فضلًا عن ردود الفعل الإيرانية.
أولًا: اتفاق الرياض وتعزيز الوحدة اليمنية
من المتوقع أن يساعد اتفاق الرياض في إنهاء الانقسام الداخلى في الجنوب اليمنى بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالى الجنوبى بعد أسابيع طويلة من المفاوضات والمشاورات بقيادة المملكة العربية السعودية بالتشارك مع الجهود الإماراتية الحثيثة نحو توحيد الجهود لحل الأزمة اليمنية وتوحيد الفرقاء لمواجهة جماعة الحوثى المدعومة من إيران. 
ومن الجدير بالذكر، أنه كان ينظر للصراعات المسلحة في الجبهة المناهضة لجماعة الحوثى بين المجلس الانتقالى الجنوبى والحكومة الشرعية على أنها انقسام حقيقى بين الشريكين الأساسيين في قيادة التحالف العربى لدعم الشرعية؛ بين السعودية التى تقود التحالف والتى تتبنى رعاية ودعم الحكومة الشرعية، ودولة الإمارات العربية المتحدة التى تدعم القوات التابعة للمجلس الانتقالى الجنوبى الموصوف بأنه قوة متمردة على الحكومة الشرعية تسعى لتقسيم اليمن وانفصال جنوبه عن شماله.
وفى هذا السياق، ينص اتفاق الرياض على اقتسام المناصب الحكومية، الوزارات والهيئات المستقلة، مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه على أساس الانتماء المناطقي، كما ينص الاتفاق على تشكيل حكومة مؤلفة من ٢٤ وزيرًا، مناصفة ما بين المحافظات الجنوبية والشمالية في اليمن، وتشكيل لجنة مشتركة يشرف عليها التحالف العربى لتنفيذ الاتفاق. ومن اللافت للانتباه، أن اتفاق تقاسم السلطة في حقيقته، يعد اعترافًا ضمنيًا بنوع من «الشرعية» للمجلس الانتقالى الجنوبى الذى لا تزال الأمم المتحدة المشرفة على عملية السلام بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثى ترفض مشاركة ممثليه في جميع الاتفاقيات بين الطرفين. كما يتمثل الأمر الأهم في اتفاق الرياض في تأجيل أى تحركات راهنة للمجلس الانتقالى الجنوبى تهدف لفرض الأمر الواقع باستخدام القوة لانفصال الجنوب على الأقل إلى ما بعد الانتهاء من الحرب على جماعة الحوثي، وهو الهدف الأول من تدخل السعودية التى ترى في الجماعة تهديدًا لأمنها واستقرارها، والبنية التحتية للاقتصاد السعودي؛ الأمر الذى اتضح في ضرب جماعة الحوثى لمنشآت نفط تابعة لشركة أرامكو المملوكة للسعودية، مما أدى إلى انخفاض نصف إنتاج المملكة من النفط وبالتالى ارتفاع سعره في السوق العالمية.
 
ثانيًا: رغبة دولية في الحد من النفوذ الإيرانى في المنطقة
أشادت العديد من الجهات الدولية بجهود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اتفاق الرياض، الذى يهدف إلى توحيد الجهود اليمنية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالى الجنوبى في مواجهة جماعة الحوثى المدعومة من إيران، على خلفية الأعمال التخريبية التى تقوم بها في اليمن وتهديد دول المنطقة. وفى هذا السياق، أكد الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» على أن اتفاق الرياض يعد بمثابة بادرة أمل جيدة على التوصل لاتفاق نهائى في اليمن، قائلًا «بداية جيدة جدًا، أرجوكم اعملوا بجد من أجل تسوية نهائية لأزمة اليمن». ومن الجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة الأمريكية من أشد المعارضين للنفوذ الإيرانى بشكل عام والحوثى بشكل خاص في المنطقة، على خلفية تمكين هذه الميليشيات لطهران من تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة وسيما النفط، القواعد العسكرية وحلفاءها التقليديين مثل المملكة العربية السعودية. 
يتوازى ذلك، مع إعلان الجامعة العربية تأييدها وإشادتها بالجهود السعودية والإماراتية في عقد اتفاق الرياض، معتبرةً أنه خطوة مهمة للحفاظ على كامل التراب اليمنى والحيلولة دون انزلاق اليمن نحو مزيد من الانقسام، الأمر الذى تمثل في إشادة رئيس البرلمان العربى الدكتور «مشعل بن فهم السلمي» بهذا الاتفاق شاكرًا المملكة العربية السعودية على دورها في الوصول إليه. كما أعرب المبعوث الأممى للأمم المتحدة في اليمن «مارتن جريفيث» عن ثناء الأجهزة الأممية بالاتفاق الذى توصلت إليه المملكة العربية السعودية بين الحكومة الشرعية في اليمن والمجلس الانتقالى الجنوبي، على أساس أنه يعد خطوة مهمة وحاسمة في سبيل التوصل إلى تسوية سلمية في اليمن. 
ثالثًا: ردود الفعل الإيرانية 
عبرت طهران عن رفضها الصريح لاتفاق الرياض، على خلفية تجاهل جماعة الحوثى ومحاولة المملكة العربية السعودية تطويقها في المنطقة من خلال اللجوء لحل الملفات العالقة بينهما بدون مشاركة طهران والسعى إلى الحد من نفوذها في المنطقة. ولكن من الجدير بالذكر، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لجأت بعد توقيع الاتفاق إلى البحث عن سبل الحل السلمى لخلافاتها مع الرياض في المنطقة؛ الأمر الذى تمثل في إعلان نائب وزير الخارجية الكويتى خالد الجارالله أن الكويت نقلت رسائل إيرانية إلى المملكة العربية السعودية والبحرين، بغرض الدعوة إلى الحوار والجلوس طاولة المفاوضات. 
وأشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن اتفاق الرياض لا يساعد على حل الأزمة اليمنية، الأمر الذى اتضح في تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية «سيد عباس موسوي» بأن هذا الاتفاق لا يساعد على حل الأزمة اليمنية، بل يأتى في سياق تعزيز ما أطلق عليه «الاحتلال السعودي» أو لقواته التى تنوب عنه لجنوب اليمن. 
ختامًا: من المتوقع أن يكون لاتفاق الرياض تأثير إيجابى على الحد من النفوذ الإيرانى في المنطقة، الأمر الذى ظهرت ثماره الأولى في محاولة طهران استمالة المجتمع الدولى في إعلانها إمكانية التراجع عن تنفيذ الخطوة الرابعة من تقليص طهران لالتزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووى إذا التزمت الدول الأوروبية ببنود الاتفاق، ولكن من غير المرجح أن تتراجع طهران عن نفوذها في الشرق الأوسط على المدى القصير.