الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحرب بالوكالة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس عندى أدنى شك في وجود مؤامرة دولية تهدف إلى إعادة تقسيم الوطن العربى على أساس طائفى وعشائرى، لضمان استمرار التبعية وللسيطرة على خيرات المنطقة، وهذا ما أكدناه في المقال السابق مباشرة عن مملكة الجبل الأصفر المزعومة، وما حدث خلال السنوات الأخيرة وسماه البعض بـ«الربيع العربى»، ما هو إلا لعبة أدارها الغرب بامتياز حتى تصدى الشعب المصرى وجيشه الباسل لهذه اللعبة وأنهاها في 30 يونيو 2013، ولكن هذه القوى المعادية لم تعلن استسلامها بعد، وما زالت حتى الآن تحاول إتمام خطتها وزج المنطقة إلى حرب شيعية سنية، وفى كتابه «البندقية وغصن الزيتون»،‬ كشف الصحفى البريطانى ديفيد هيرست عن خطة تحويل سوريا والعراق ولبنان إلى دويلات طائفية وعرقية، وقال بالحرف الواحد «‬إن عملية إضعاف هذه الدول عسكريا تمثل هدفا قصير المدى، ولسوف تنقسم سوريا إلى عدة دويلات على أساس خطوط بينها العرقية والطائفية، ونتيجة لذلك تقوم دويلة علوية، كما سيكون إقليم حلب دويلة سنية، وبينهما دويلة شيعية، أما العراق ففيه كل أنواع المواجهات الداخلية، وسوف ينقسم إلى ثلاث دول أو أكثر، فثمة دويلة للأكراد، وأخرى للسنة وثالثة للشيعة»، وقد أردت نقل النص حرفيا لأضعه نصب أعين هؤلاء الذين يرفضون فكرة المؤامرة الخارجية على الوطن العربى، ويؤكدون أن هذه الفكرة مجرد ادعاء من الأنظمة الحاكمة وفزاعة للشعوب العربية، وأعتقد أن كل من لا يرى مؤامرة فيما فعله الغرب في المنطقة بداية من القرن الماضى؛ حيث وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو، وانتهاء بما يحدث الآن فهو لا يفرق بين التمرة والجمرة، وربما تناسى البعض كتاب شيمون بيريز «‬الشرق الأوسط الجديد»، الذى أشرنا إليه أيضا في المقال السابق، والذى نشر في منتصف التسعينيات من القرن الماضى؛ حيث عرض بيريز تصوره لنظام إقليمى جديد في ضوء السلام مع إسرائيل، وذلك لضمان تحقيق الأمن والازدهار الاقتصادى للمنطقة، والذى يجب أن يعتمد على التعاون المثمر بين دول المنطقة، وقد تحدث بيريز عن المخاطر التى تهدد الشرق الأوسط في القرن القادم - الذى نعيشه الآن - معتبرا أن نقص المياه هو أكبر خطر سيهدد المنطقة بأكملها، وسيدفع كل سكانها إلى التعاون، والحقيقة أن دعوات الغرب لإعادة تقسيم المنطقة إلى كيانات عرقية ودينية وقبلية قد طرحت علانية في أكثر من مناسبة، وقد ورد ذلك في عام 2006 على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس عندما تحدثت عن ولادة الشرق الأوسط الجديد، عقب حالة عامة ستحدث في المنطقة ابتداء من 2010، وأطلقت على هذه الحالة اسم «‬الفوضى الخلاقة»، وأذكر أن لقاء تليفزيونيا على شاشة قناة «المحور» للصحفى الراحل محمود فوزى في برنامجه «‬حوار على نار هادئة»، والذى استضاف فيه عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية وقتها، ولما سأله عن المحاضرة التى ألقتها رايس، وكيف أن عمرو موسى قد رد عليها وهاجمها فقال الرجل بالحرف الواحد «‬إن ما تقوله كونداليزا رايس لن يتحقق لعدم فهمها طبيعة المنطقة، فهى تتحدث عن ثورات في العالم العربى ابتداء من 2010، وهذا لن يحدث»، ولكنه حدث، فقد كان التحضير لهذه الثورات يتم بشكل منهجى من خلال تدريب بعض الشباب على التظاهر والحشد الجماهيرى والوقوف أمام الشرطة وتمت صياغة شعار الشعب يريد إسقاط النظام، وهؤلاء الشباب سافروا عدة دول تلقوا فيها هذه التدريبات، ثم عادوا إلى بلادهم ليشعلوا فيها النيران، وقد بدأ الأمر بتونس ثم انتقل إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وها هى خطة التقسيم تسير بإيقاع سريع، فعلى أرض الواقع ظهرت دول جديدة، وسيتم الاعتراف بها دوليا في أقرب وقت، فالعراق الآن يريدونها ليست دولة واحدة، وكذلك سوريا واليمن وليبيا، ويتواجد في المنطقة تنظيم داعش الذى خلق فجأة في 2013، وكان يسيطر على مناطق عدة في سوريا والعراق، وليس عجبا أن نرى هؤلاء يحاربون بأسلحة أمريكية حديثة، فكيف أتت إليهم، والسؤال الآن: ترى من المستفيد من جراء ما يحدث في المنطقة؟ والجواب الذى لا أجد غيره يكمن في الغرب إلى جانب إسرائيل، فالغرب قد ضمن البقاء لسنوات طويلة داخل الأراضى العربية لإعادة تعمير المنطقة بعقود طويلة الأجل لشركاتهم، أما إسرائيل فقد ضمنت استقرارها التام في ظل ضعف جيوش المواجهة، عدا الجيش المصرى ومن ثم تظل مصر صوب الأعين للزج بها في مشكلات إقليمية، وربما في حروب يحاول البعض فرضها علينا كى نحارب عنه بالوكالة، ولأن قادتنا يعلمون مخاطر ذلك فقد رفضوا تماما هذا الأمر، فجيشنا لن يحارب بالوكالة عن أحد، والهدف العام لهؤلاء الآن هو إضعاف قوة جيشنا الذى يزداد صلابة وقوة، خاصة بعدما تعددت وتنوعت مصادر السلاح والتدريب، وإذا كانت قناة «الجزيرة»، وغيرها تشن حربا على جيشنا بمساعدة الطابور الخامس وبعض الذين يسمون أنفسهم بالنشطاء؛ فإننا نقول لهم اقرأوا التاريخ جيدا لتعلموا أن مصر كانت وستبقى مقبرة للغزاة، وأن نهاية المغول كانت على يد جيش مصر، وكذلك الحملات الصليبية، ثم قوى الاستعمار، فنهاية كل من يحاول الاقتراب من مصر معروفة، وسيبقى جند مصر هم خير أجناد الأرض كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.