الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مداخل مبتكرة لتطوير المحتوى الصحفي «9-9»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشرت صحافة الفيديو عبر الإنترنت بمواقعها المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي بصفة خاصة حتى أصبح الفيديو مكونًا أساسيًا لأية مدونة أو موقع إلكتروني، سواء كان لمؤسسة صحفية أو حتى موقع خاص، ولا يأتى هذا الفيديو من فراغ بل يمر بعدد من المراحل قبل أن يصل بهذا الشكل في نهاية الأمر إلى رواد الإنترنت الذين لم يعدو مجرد متلقين، بل أصبحوا عنصرًا فعالًا ومشاركًا في العملية الإعلامية، وفى بعض الأحيان أصبحوا هم مصدر المعلومات.
وقد فتحت صحافة الفيديو آفاقًا واسعة أمام الجمهور النشط ليقوم بخدمة ثقافته المحلية وهويته الخاصة، وأصبح بالإمكان لأى فرد أن يصبح صحفيًا وناشرًا وقائمًا بالاتصال، كما نافست الصحف في أدائها لوظيفة التفسير، حيث تكتظ الشبكة بالآراء والتحليلات في قطاعات متعددة. لقد أصبحت اليوم صحافة الفيديو مهارة جديدة للصحافة الإلكترونية، يجب على الصحافة المطبوعة اللحاق بها للحفاظ على مكانتها في التسلسل الهرمى للصحافة، وتسعى وكالات الأنباء للوصول إلى هذا النوع من التميز بإنشاء مراكز أخبار فيديوية استجابة للتغيير الذى أحدثه الفيديو ومواقع الوسائط المتعددة في البيئة الإعلامية.
وعلى الرغم من أن الدراسات أظهرت تراجعًا من جانب الجمهور لقراءة الصحف المطبوعة ومشاهدة الأخبار على التليفزيون، إلا أن المحررين حريصون على تبنى التكنولوجيا الجديدة والتى يُنظر إليها باعتبارها جزءًا من مستقبل الأخبار، فالنص لايزال يشكل حجر الزاوية لمواقع الأخبار، وله وظيفة في تفسير الفيديو الإخبارى عند رفعه على الإنترنت. وتتنوع الدوافع التى تشجع استخدام صحافة الفيديو كالكُلفة المنخفضة وسرعة البث للحدث وتوافر عنصر المرونة والقدرة على الاستجابة السريعة للأحداث الراهنة، وتغطى صحافة الفيديو عديدًا من الفنون الصحفية، لذا فهى تحتاج إلى إعداد مسبق في بعض الفنون الصحفية كالتقرير الصحفى والحوار والتحقيق، إلا أن التغطية الإخبارية بالفيديو غالبًا ما تلعب الصدفة دورًا كبيرًا في وجود صحفيى الفيديو في موقع الحدث.
وقد أنتجت التطورات الرقمية كاميرات رقمية فيديوية ذات جودة عالية، توفر سهولة كبيرة في الاستخدام حتى أن مستخدميها لم تُعد تؤرقهم المسائل التقنية كضبط الإضاءة والحدة بقدر ما يشغله المحتوى. وبالإضافة للكاميرات الحديثة المتطورة، ظهر أيضًا المونتاج اللاخطى Non-Linear Montage، وتطورت أجهزة الكمبيوتر حتى أصبح في الإمكان بسهولة فائقة عمل المونتاج وتصحيح أى عيوب بالصورة وعمل مكساج الصوت، كل هذا على جهاز الكمبيوتر الشخصى المحمول، بينما كانت غرف المونتاج التقليدية تتكلف مئات الآلاف من الجنيهات، كل هذا اختصر في كمبيوتر محمول وكاميرا صغيرة يمكن حملهما إلى أى موقع للتصوير والمونتاج في موقع الحدث، ثم بث المادة الإعلامية إلى أى مكان في العالم عن طريق الإنترنت.
إن الإنترنت وتطوره وسرعته الحالية الفائقة والتى تزيد يومًا بعد يوم، إضافة لتطور برامج ضغط الفيديو، التى انتهت لتصغير حجم الملفات بشكل ملحوظ مع الحفاظ على الجودة العالية للصورة والصوت، كل هذا أضاف وزاد من أهمية صحافة الفيديو التى أصبحت مهمة ليس فقط لمحطات التليفزيون، بل أيضًا لمواقع الإنترنت والصحف التى سارعت بإصدار نسخ إلكترونية تزيد حاليًا معدلات قراءتها عن معدلات بيع النسخ الورقية، بل والتعليق على هذه الأخبار وتبادل الآراء من خلال المجموعات الإخبارية المختلفة.
وأُتيحت للصحف إمكانية وضع تقارير فيديوية ضمن أبوابها لتكتسب ميزة طالما انفردت بها محطات التليفزيون؛ فصحيفة و«اشنطن بوست» توظف ستة من صَحفيِى الفيديو ضمن طاقمها، وعندما اتجهت هيئة الإذاعة البريطانية لتحويل طواقمها المختصة بالتغطية المحلية إلى صَحفييِ فيديو، كان لديها 84 طاقمًا يغطون المملكة المتحدة، لكن الآن لديها أكثر من 750 من صَحفييِ الفيديو مجهزين بكاميراتهم وحواسبهم المحمولة، ويستطيعون تغطية أى حدث وقت حدوثه، لأنهم ببساطة قاموا بتبديل الطاقم الذى يضم على الأقل مصورًا ومراسلًا ومساعد صوت وأحيانًا محرر فيديو، وقاموا بتدريب كل واحد من هؤلاء على القيام بدور الآخرين، إضافة إلى دوره الذى يجيده بطبيعة الحال، فالمصور يتم تدريبه على البحث عن الأخبار وقراءة الحدث والتعليق عليه والمونتاج الرقمي، والمراسل يتم تدريبه على التصوير وفنياته والمونتاج.
لقد جاء ظهور الإعلام البديل متمثلًا في شبكة الإنترنت كحركة ارتجاعية أو كرد فعل عنيف للواقع الاجتماعي الذى فرضته تكنولوجيا الاتصال بتوفير وسائل نشر بديلة تتمتع بدرجة عالية من الحرية وسهولة الاستخدام وانخفاض الكُلفة، وذلك للتخلص من سيطرة النُخب الإعلامية على وسائل الإعلام التقليدية في المجتمع، وغياب المصداقية في هذه الوسائل، بعدما اعتمد الرئيسان الأمريكيان باراك أوباما ودونالد ترامب كثيرًا على الإنترنت في السباق إلى البيت الأبيض، واستعانا بوسائل التواصل الاجتماعي لإطلاق مبادراتهما ورسائلهما للشعب الأمريكى والشعوب الأخرى.
وتضفى صحافة الفيديو التى انتشرت مؤخرًا عبر مواقع إلكترونية ميزة جديدة إلى عالم الصحافة والإعلام، وهى مواكبة الحدث لحظة وقوعه في تطور باتت مواقع إلكترونية ومؤسسات إعلامية محلية تسير في اتجاهه وترى فيه إعلام المستقبل، حيث يعتبر من أحد المكونات الأساسية لعديد من المؤسسات الصحفية ومواقع الوسائط المتعددة، فحتى وقت قريب كان يتم عرض الفيديو تليفزيونيًا، ومع مرور الوقت أصبح هناك منافسة بين المؤسسات الصحفية والمؤسسات الإخبارية التليفزيونية أدت إلى استجابة الصحافة المطبوعة والإلكترونية لتحديات الفيديو، فصحافة الفيديو بمثابة ممارسة وإنتاج أخبار الفيديو من قبل شخص واحد يتكفل بكتابة وتحرير القصة الإخبارية باستخدام التكنولوجيا الرقمية ونشرها على نطاق واسع عبر الإنترنت، لذا يُنظر اليوم إلى صحافة الفيديو باعتبارها نقلة أبعد من تصوير الأخبار للتليفزيون، فهى بمثابة إنتاج الأخبار المصورة بواسطة فرد يكتب ويحرر ويصور القصص الخبرية باستخدام التقنيات الرقمية وبثها على نطاق واسع عبر الإنترنت.
وتعد صحافة الفيديو نقلة في الصحافة الإلكترونية من حيث الحرفية، المصداقية، الجاذبية، ونسبة المشاهدة، وبالتالى العائد المعنوى لصحفى الفيديو والمادى للمؤسسة، التزام صحفى الفيديو بالقيم التحريرية واستخدامه بعض أساليب إخراج العمل يعطى عمرًا أطول للمادة الخبرية المصورة مقارنة بمثيلاتها. وتلتزم صحافة الفيديو بالقيم التحريرية تماما كما في الصحافة المطبوعة ومنها الحياد، وهو البقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف، والدقة والأمانة عن طريق بذل أقصى جهد في تحرى المعلومات حتى ننقل للقارئ الخبر بصدق وأمانة، والتوازن عن طريق عكس الأوزان النسبية لجميع الأطراف في التغطية الصحفية، وتنتهى بالموضوعية وهى فصل الرأى عن الخبر، فتنسب لمصادر واضحة كلما أمكن، التحلى بالعمق، ومراعاة السياق والخلفية.
وتعتبر صحافة الفيديو نقلة أبعد من تصوير الفيديو في الأخبار التليفزيونية فهى خطوة أخرى تتجاوز أساليب التخطيط التى اعتادها التليفزيون منذ ظهوره، فهى تمثل تليفزيون الجيل القادم، وهى أن أسرد القصة الصحفية دون الالتزام بقيود إنتاج الأخبار التقليدية. في هذا الإطار جاءت رسالة ماجستير تلميذى أحمد إبراهيم محمد عطية المدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة بنى سويف.
ولا يزال الباب مفتوحًا لكل الأفكار والمداخل المبتكرة والمبدعة لتطوير المحتوى الصحفي.