السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خريطة أردوغان «أبو وشين»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
علمتنا متابعة السياسة أنها لا تحمل الكثير من الأخلاق وليس بها عدو دائم أو صديق، لكنها تنظر إلى المصالح حتى لو كانت على جثث الضعفاء الذين ليس لهم مكان تحت الشمس عند الساسة بل ينظرون إليهم على أنهم خلق آخر لا يستحب وجوده.. وعندما ننظر إلى الاستعمار سنجد تعدد ألوانه وأشكاله، لكن الهدف واحد وهو سرقة موارد الدول الفقيرة والضعيفة!
وتجربتنا معهم طويلة وحافلة بالدروس التى استوعبتها قيادتنا فبات الجيش المصرى واحدًا من أقوى عشرة جيوش في العالم، ويعمل له الجميع ألف حساب، ولولا تحديث الجيش ما سمح لنا باستخراج الغاز من حقل ظهر والحقول الأخرى القادمة سواء في البحرين الأبيض والأحمر أو في الدلتا والصحراء الغربية.
إنها لغة القوة يا سادة، ولولا ضرب الدواعش في ليبيا بعد حادث مقتل المصريين هناك لأصبحت مصر مثل ليبيا تمتلئ بالمعسكرات الإرهابية، ولولا وقوف مصر بقوة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب لوجدنا إيران في الخليج.. فقوة مصر تكمن في قراءتها للأحداث المستقبلية ووضع الخطط المناسبة لها واتخاذ خطوات استباقية جعلت العالم يدرك القيمة الحقيقية لمصر التى تقف شامخة رغم ما يحاط بنا من حروب ومؤامرات ودسائس، بل وفى نفس الوقت جعل العالم يأتى طوعا للاستثمار في مصر بعد أن وجدها أفضل قبلة لتحقيق النجاحات.
وقد ترجمت كل المؤسسات العالمية هذا الأمر عبر تقاريرها المستمرة والتى تؤكد قوة الاقتصاد المصرى وقدرته على مجابهة كل الظروف.
ورغم كل ذلك يخطئ من يتصور أن المؤامرات ستنتهى، بل على العكس ستشتد ضراوة مع كل خطوة من النجاحات تحققها مصر.. فتركيا وإيران تبحثان عن دور واضح في المنطقة لإحياء الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية وأمريكا تقاتل من أجل المحافظة على مكانتها كأكبر دولة في العالم بعد أن زاحمتها الصين وروسيا في الفترة الأخيرة.
لذلك خرج الإرهاب من رحم كل هؤلاء ومعهم الإنجليز رأس الحربة، والذى يخطط في خفاء شديد وإسرائيل التى تبحث عن تحقيق حلم من النيل للفرات والتوسع على حساب العرب.
كل هذه المخططات أجهضتها مصر ولا تزال تضيق الخناق عليها حتى لا يتكرر سيناريوهات ٢٠١١ البغيضة.. فالعراق ستعود رغم ما تعانيه من اضطرابات وسيختلف الباحثون عن التورتة في سوريا وليبيا، وسيعود البلدان إلى أحضان الأمة العربية بعد أن عادت السودان بالقضاء على نظام البشير الإخوانى، ونجحت مصر في إحكام قبضتها على البحر الأحمر ومنطقة دول الساحل الملتهبة، وستعود اليمن ويختفى الحوثيون الذين هم صناعة الدولة الفارسية.
ومع كل ذلك لا يزال رئيس تركيا يحلم بما لا يمكن أن يحققه على أرض الواقع؛ لأنه يلعب دور العميل المزدوج للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.. فرغم أنه عضو في حلف الأطلنطى الذى تقوده أمريكا؛ فإنه يسلك طريق الشرق لعقد صفقات مع روسيا، مما يثير غضب الأمريكان الذين قتلوا البغدادى مخترقين المجال الجوى التركى في الذهاب إلى دير الزور السورية دون علم أردوغان الذى حمل معه خريطة تقسيم المنطقة لعرضها على الرئيس الروسى الذى طلب منه غلق الملف لتواجد رجال الإعلام بعد أن طالت الكاميرات الخريطة قبل أن يغلقها مساعد أردوغان!
ولأنه يتعامل مع رجل مخابرات محنك يغفل أن بوتين لا يريد في هذا التوقيت أن يخسر مكتسبات كثيرة حققتها روسيا على أرض الواقع وأهمها علاقاته مع مصر.
فلولا مصر ما استطاعت روسيا الوصول إلى أفريقيا بهذه السرعة؛ حيث فكرة تنظيم المنتدى الأفريقي الروسى هى صناعة مصرية، كما أن المنطقة الصناعية الروسية بقناة السويس سوف تفتح آفاقا جديدة لروسيا لترويج صناعتها في السوقين الأفريقية والأوروبية، والأمر الأهم يكمن في حرص روسيا على حرمان تركيا من محاولة قيامها بتوصيل الغاز القطرى لأوروبا، والذى سيقلل من مكاسب روسيا ونفوذها في أوروبا.
كل هذه المعطيات تؤكد أن محاولات تركيا في استقطاب الدب الروسى سوف تفشل فشلا ذريعا، بل وستضيع تركيا بسبب الغباء الأردوغانى الذى يلعب دور العميل المزدوج بغباء سياسى منقطع النظير... وإن غدًا لناظره قريب.
والله من وراء القصد.