الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

تعرف على مشوار عميد الأدب العربي طه حسين

في ذكرى وفاته..

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد عميد الأدب العربي طه حسين، في عزبة صغيرة تقع على بعد كيلو متر من مغاغة بمحافظة المنيا.
والده هو حسين على، موظف في شركة السكر، وله ثلاثة عشر من الأبناء، كان سابعهم في الترتيب "طه" الذي أصابه رمد فعالجه الحلاق علاجًا ذهب بعينيه في سن السادسه.
وكانت هذه العاهة هي السبب في الكشف مبكرا عن ملكات طه حسين، فقد استطاع تكوين صورة حية في مخيلته عن كل فرد من أفراد عائلته اعتمادا على حركة وصوت كل منهم بل كانت السبب المباشر في الكشف عن عزيمته بعد ان قرر التغلب على عاهته بإطلاق العنان لخياله إلى آفاق بعيدة.
توفي طه حسين، في مثل هذا اليوم، 28 من أكتوبر عام 1973، وبهذه المناسبة تستعرض "البوابة نيوز" مشوار عميد الأدب العربي، وأبرز المعلومات عنه:
أتم طه حسين حفظ القرآن الكريم بينما لم يكن قد أكمل السنوات العشر وبعد ذلك بأربع سنوات بدأت رحلته الكبرى متوجها إلى الأزهر طلبًا للعلم، وفي عام 1908 بدأ يتبرم بمحاضرات معظم شيوخ الأزهر فاقتصر على حضور بعضها فقط مثل درس الشيخ بخيت ودروس الأدب وفي العام ذاته أنشئت الجامعة المصرية فالتحق بها طه حسين وسمع دروس أحمد زكي باشا في الحضارة الإسلامية وأحمد كمال باشا في الحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة.
اعد طه حسين رسالته للدكتوراة وقد نوقشت في 1914م وكانت عن ذكرى ابي العلاء وكانت أول كتاب قدم إلى الجامعة واول رسالة دكتوراة منحتها الجامعة المصرية، وقد أحدث نشر هذه الرسالة في كتاب ضجة هائلة ومواقف متعارضة وصلت إلى حد طلب احد نواب البرلمان حرمان طه حسين من حقوق الجامعيين (لأنه الف كتابا فيه الحاد وكفر) ولكن سعد زغلول اقنع النائب بالعدول عن مطالبه وفى نفس العام سافر طه حسين إلى فرنسا ضمن بعثة من الجامعة المصرية والتحق هناك بجامعة مونبلييه ودرس اللغة الفرنسية وعلم النفس والأدب والتاريخ.
لاسباب مالية عاد المبعوثين وفي العام التالي 1915 عاد طه حسين إلى بعثته ولكن إلى باريس هذه المرة حيث التحق بكلية الآداب بجامعة باريس وتلقى دروسه في التاريخ ثم في الاجتماع وقد اعد رسالة على يد عالم الاجتماع الشهير "اميل دوركايم" عن موضوع "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون" واكملها مع "بوجليه" بعد وفاة دوركايم وناقشها وحصل بها على درجة الدكتوراة في عام 1919م ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية.
تزوج طه حسين من السيدة سوزان "فرنسية"، حيث تعرف عليها عندما كانت تقرأ مقطعا من شعر رايسين فأحب نغمات صوتها وعشق طريقة إلقائها وتعلق قلبه بها. في عام 1919 عاد طه حسين إلى مصر فعين أستاذا للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925 حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام إلى جامعة حكومية وعين طه حسين أستاذا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب.
بدأت معركة طه حسين الكبرى من اجل التنوير واحترام العقل في عام 1926 عندما أصدر كتابه "في الشعر الجاهلي" الذي أحدث ضجة كبيرة ورفعت دعوى قضائية ضد طه حسين فأمرت النيابة بسحب الكتاب من منافذ البيع وأوقفت توزيعه. في عام 1928 تفجرت ضجة ثانية بتعيينه عميدًا لكلية الآداب الأمر الذي اثار ازمة سياسية انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقالة فاشترط ان يعين اولًا وبالفعل عين ليوم واحد ثم قدم الاستقالة في المساء ثم اختارت الكلية طه حسين عميدًا لها عام 1930 مع انتهاء عمادة ميشو الفرنسي وفي عام 1932 حدثت ازمة كبرى حيث كانت الحكومة ترغب في منح الدكتوراة الفخرية من كلية الآداب لبعض السياسيين فرفض طه حسين حفاظًا على مكانة الدرجة العلمية مما اضطر الحكومة إلى اللجوء لكلية الحقوق.
تم نقل طه حسين إلى ديوان الوزارة فرفض العمل وتابع الحملة في الصحف والجامعة كما رفض تسوية الازمة الا بعد اعادته إلى عمله وتدخل رئيس الوزراء فأحاله إلى التقاعد في 29 مارس 1932 فلزم بيته ومارس الكتابة في بعض الصحف إلى ان اشترى امتياز جريدة "الوادي" وتولى الإشراف على تحريرها ثم عاد إلى الجامعة في نهاية عام 1934 وبعدها بعامين عاد عميدًا لكلية الآداب واستمر حتى عام 1939 عندما انتدب مراقبًا للثقافة في وزارة المعارف حتى عام 1942 وقد تسلم حزب الوفد الحكم في فبراير 1942 ايذانا بتغير اخر في حياته الوظيفية حتى انتدبه نجيب الهلالي وزير المعارف مستشارًا فنيًا له ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية حتى احيل على التقاعد في 1944.
عام 1950 عين لاول مرة وزيرًا للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتى 1952 حتى يوم إحراق القاهرة حيث تم حل الحكومة ثم انصرف حتى وفاته عام 1973 إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضوًا بها داخل مصر وخارجها.
تأثر طه حسين في بداية حياته الفكرية بثلاثة من المفكرين المصريين هم الإمام محمد عبده والأستاذ قاسم أمين والأستاذ أحمد لطفي فمحمد عبده له السبق في دعواه لإصلاح الأزهر والأستاذ قاسم أمين له الفضل في قضية تحرير المرأة والايمان بها كطاقة اجتماعية فعالة والأستاذ أحمد لطفى السيد الفضل في الدعوة لاستخدام العقل في مناقشة قضايانا الاجتماعية والسياسية.
فكر طه حسين كان مزيج قوى بين حضارتين متصارعتين مختلفتين متغايرتين "حضارة الشرق" و"حضارة الغرب" وعصارة من جامعتين مختلفتين: الازهر الشريف وجامعة باريس. فطه حسين هو المفكر والأديب الذى تناول قضايا العلاقة بين الاصالة والمعاصرة وبين الموروث والمستحدث إلى قضايا التنازع بين قيود النقل وحرية العقل والعلاقة بين الشرق والغرب ونشر التعليم والقضاء على الأمية إلى جانب قضايا التجديد في الأدب والفكر.
ما زال التراث الذي خلفه هذا العملاق احد أهم مصادر الاستنارة في عالمنا الفكرى والادبى والثقافى فقد ترك لنا إرثًا غنيًا يزيد عن الخمسين مؤلفًا في النقد الأدبي والقصة وفلسفة التربية والتاريخ وكم كبير من الترجمات فقد شغلت الترجمة طه حسين في جميع مراحل حياته، قدم قبل البعثة في 1914 بالاشتراك مع محمود رمضان كتاب "الواجب" لجول سيمون في جزءين.
منذ عودته من البعثة الفرنسية في 1919 في السنوات الاولى بعد العودة من البعثة قدم طه حسين من الأعمال المترجمة "نظام الاثينيين" لارسطو طاليس و"روح التربية" لغوستاف لوبون في 1921 ثم "قصص تمثيلية" لفرنسوا دي كوريل وآخرين في 1924. وما بين الثلاثينات والخمسينات قدم طه حسين في الترجمة "أندروماك" لراسين في 1935 و"أنتيجون" سوفوكليس في 1938 و"من الادب التمثيلي اليوناني" في 1939 كما كتب طه حسين الكثير من الفصول والمقالات المتفرقة عن الآداب الاجنبية جمع بعضها في كتب وقدم عددًا من الكتب المترجمة ذات القيمة في المكتبة العربية بالإضافة إلى ما كتبه في الدوريات عن كثير من الكتب المترجمة إلى اللغة العربية.
ومن كتبه قدم في عام 1925 "حديث الأربعاء" في اجزائه الثلاثة ويتحدث فيه عن شعراء المجون والدعابة في الدولتين الاموية والعباسية مثل مجنون بن عامر وعمر بن ابى ربيعة وبشار بن برد وهى الفصول التى كان ينشرها في صحيفة السياسة، وكتاب "على هامش السيرة" ويعتبر تنقية للمادة الإسلامية مما يتداخل معها من المواد الاخرى من العلوم والفنون وتبسيط هذه المادة بالقدر الذى لا يفقدها معناها، ورواية "الأيام" بأجزائها الثلاثة وهى رواية تتناول حياته الذاتية ونشرت مسلسلة في مجلة الهلال وترجمت إلى معظم لغات العالم وقدم كتاب "حافظ وشوقى" في عام 1933 وهو دراسة عن شاعرى مصر الكبيرين أحمد شوقى وحافظ إبراهيم. من اشهر كتبه كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" وفيه يضع الخطوط العريضة لرؤيته للاصلاح التربوى.
اسس طه حسين ومعه حسن محمود "مجلة الكاتب المصري" وكانت مراة للاشعاع الفكرى والإبداع في العالم العربى. تم تكريم عميد الأدب العربي في مصر والعديد من الهيئات الدولية فلقب طه حسين بـ مارتن لوثر الشرق ورينان مصر الضرير وفى عام 1949 حصل على جائزة الدولة للآداب وفي عام 1950 اختير وزيرا للتعليم كما انهالت الدعوات على طه حسين من جامعات العالم لمنحه الدكتوراة الفخرية تقديرا لعلمه وادبه وفكره وتأتى في مقدمتها جامعة ليون مونبلييه ومدريد وروما وأكسفورد وأثينا وفى عام 1959 حصل على جائزة الدولة التقديرية في الادب العربي وفى عام 1965 حصل على قلادة النيل الكبرى وهى ارفع وسام في مصر كما حصل في اخر عام 1973 على جائزة من لجنة الامم المتحدة لحقوق الإنسان.
توفى طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م وقال عنه عبَّاس محمود العقاد إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة والتحدي فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.