الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أزمة كل سنة.. مصر بتغرق في «شبر ميه».. «البوابة نيوز» في جولة بالشوارع لرصد معاناة الأهالي.. اقتصاديون: «الفشل الإداري» سبب الأزمة.. وعادل عامر: خسائر متوقعة بالبورصة وحركة الجمارك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسبب سقوط الأمطار الغزيرة وحالة الطقس السيئ بالأيام الماضية، في خسائر بشرية واقتصادية، حيث توفيت طفلة إثر صعقها بالتيار الكهربائى بسبب الأمطار في مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية، كما لقى عامل مصرعه صعقا بالكهرباء خلال تخطى مياه الأمطار بأحد شوارع منطقة «كوتسيكا» بالمعادي.
وعبر المواطنون عن استيائهم من فشل المسئولين في مواجهة الأزمة، وقالوا إنها تتكرر كل عام، دون استعداد كاف من الحكومة والمحافظين والمحليات، كما أكدوا أن حالة الشوارع تسبب تعطيلا لمصالحهم، بسبب تراكم المياه والطين بالطرق، وتعطل حالة المرور، وتكدس السيارات بالشوارع.


كما اتهم خبراء الاقتصاد الحكومة بالفشل في مواجهة تلك الأزمة، محذرين من توابعها على الاقتصاد، وتوقعوا خسائر اقتصادية للدولة، بعدما تسببت الأمطار في غرق السيارات وإغلاق بعض المحلات التجارية، وكذلك الشركات التى تعطلت عن العمل، مؤكدين أن الخسارة تشمل جميع القطاعات والمجالات.
شهدت بعض محافظات الجمهورية، موجة من الطقس السيئ وسقوط الأمطار الغزيرة الأيام الماضية، ما أدى إلى شلل تام في حركة المرور ببعض المناطق، وغرق شوارع بأكملها وبعض السيارات الخاصة والعامة، وانتشرت برك مياه كبيرة في الشوارع الرئيسية، والتقت «البوابة» مع بعض المواطنين، الذى عبروا عن غضبهم من تعطل مصالحهم ومن عدم استطاعتهم السير بالشوارع المتضررة.
«حرام البهدلة اللى في الشوارع دى كلها»، بهذه الكلمات بدأت «ياسمين أحمد»، طالبة جامعية، حديثها عن سقوط الأمطار الغزيرة في بعض المحافظات وعلى رأسها محافظة القاهرة، موضحة أن السير في الشوارع أثناء وبعد الأمطار يمثل معاناة للمواطنين، نتيجة الزحام الشديد الذى تشهده وسائل المواصلات وكافة الطرق والشوارع والميادين، فضلًا عن وجود كميات كبيرة من المياه في الشوارع، في ظل غياب سيارات شفط هذه المياه.
وتابعت: «الشوارع بتكون متبهدلة جدًا وكلها طين، علشان المسئولين بيسيبوا مياه الأمطار في الشوارع ومش مهم الناس اللى ماشية، إحنا عايزين نعرف فين كلام المسئولين عن استعداداتهم لاستقبال فصل الشتاء والأمطار والسيول، وإحنا اتبهدلنا بسبب الأمطار، ومعرفناش نروح البيوت غير بعد ٥ أو ٦ ساعات، كل ده في الطريق ومش عارفين ننزل نمشى على رجلينا علشان الشوارع كلها مياه، حرام والله، ده بدل ما نستفيد من المياه دى بنضيعها في الأرض كده وتتحول لطين».
كما توضح «أمانى السيد»، موظفة، أن سقوط الأمطار أثر على حركة العمل داخل القطاعات المختلفة؛ حيث إن بعض الموظفين اضطروا لعدم الذهاب إلى العمل نتيجة الزحام المرورى وعدم وجود وسائل مواصلات، فضلًا عن الوقت المستغرق في الطريق للذهاب إلى العمل والعودة إلى المنازل، مضيفة أنه في أول أيام سقوط الأمطار استغرقت للعودة إلى المنزل نحو ٤ ساعات، فكانت الطرق مغلقة تمامًا بسبب وجود كميات كبيرة من المياه في الطرقو وبخاصة في مناطق مدينة نصر ومصر الجديدة، كما أن محطات المترو شهدت زحامًا كبيرًا أيضًا.
وأضافت «أماني»، أن الحكومة فشلت في احتواء الأزمات التى نتجت عن سقوط الأمطار، فلم يجد المواطنون تحركات سريعة لاحتواء أزمة تراكم مياه الأمطار في الشوارع، فضلًا عن الاستعدادات التى كان من المفترض عملها قبل موسم سقوط الأمطار لمنع غرق السيارات في الطرق وهبوط أجزاء من الطرق، وفحص الأعمدة الكهربائية لعدم وقوع حالات وفاة خلال سقوط الأمطار كما حدث هذا العام أيضًا.
وطالبت بضرورة محاسبة المسئولين المقصرين في هذا الأمر، قائلة: «المسئولون في الأحياء قاعدين في مكاتبهم مش بيعملوا حاجة وفى المحافظات كمان حرام المرتبات اللى بياخدوها كل شهر من غير ما يخدموا الناس ويحموهم وقت الأزمات زى موضوع الأمطار والبنت الصغيرة اللى ماتت دى ذنبها إيه، والناس اللى اتبهدلت عربياتها وغرقت في الشوارع وباظت، والناس اللى روحت بيوتها بعد الساعة ٢ الفجر علشان مكنش فيه مواصلات أصلا والطرق كلها مقفولة».


كما يرى «محمود نصر» طالب جامعي، أن الأمطار بمثابة هدية من الله عز وجل تحتاج إلى الاستفادة منها وحسن استغلالها، حيث إنه من الممكن الاستفادة منها في الزراعة وتخزينها لاستغلالها في وقت لاحق على مدى العام، مشيرًا إلى أن الكوارث والأزمات الناتجة عن سقوط الأمطار في مصر تتكرر في كل عام وكل موسم شتوي، دون أن تستوعب الحكومة الأمر وأهمية الاستفادة منه وحماية المواطنين من الكوارث الناتجة عنها، وأبرزها حالات الوفاة فالتى يشهدها بعض المواطنين بسبب الماس الكهربائى أثناء سقوط الأمطار وظاهرة الرعد أيضًا.
وطالب «محمود»، الحكومة بضرورة وضع دراسة شاملة للتعامل مع الأمطار، وكيفية الاستفادة منها والحد من الإخطار والمشكلات التى يتعرض المواطنين لها خلال هذا الموسم، وتنظيم المرور وصيانة وإصلاح الطرق بشكل دورى وفحصها قبل سقوط الأمطار وصيانة المخرات، وبحث آليات تخزين مياه الأمطار للاستفادة منها في مجال الزراعة وإعادة معالجتها لمياه الشرب، وتفعيل دور المحليات والمحافظين في هذا الصدد، والتنسيق فيما بينهم لمنع تكرار مشاهد الغرق في شوارع المحافظات سنويًا. 
خسائر عدة، بشرية واقتصادية، لحقت بعدة قطاعات في الدولة، بسبب سقوط الأمطار بغزارة على بعض المحافظات والمناطق الأيام الماضية، وحذر خبراء الاقتصاد من امتداد هذه الخسائر إلى البورصة وإلى حركة النقل والجمارك بسبب تضرر البضائع من المياه.
وقال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، عن سقوط الأمطار الغزيرة على بعض المحافظات، تسبب في بعض الخسائر الاقتصادية؛ حيث إن سقوط الأمطار تسبب في غرق السيارات وإغلاق بعض المحلات التجارية، وكذلك الشركات التى تعطلت عن العمل، مؤكدًا أن الخسارة تشمل جميع القطاعات والمجالات؛ لأن الأنشطة التجارية في المناطق التى تأثرت بالأمطار وارتفاع منسوب المياه في الشوارع، شهدت تعطل تام خلال هذه الفترة.
وتابع الإدريسي، في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن تعطل سيارات المواطنين في مناطق سقوط الأمطار شكل خسائر كبيرة، إضافة إلى التأثير على حركة نقل البضائع من وإلى الأسواق؛ فإن النقل بصفة عامة يتأثر بشكل كبير في أعقاب سقوط الأمطار، وكذلك حجم الإنتاج على مستوى المحافظات، لافتًا إلى أن البنية التحتية للبلاد تعانى مشكلات كثيرة، الأمر الذى يؤثر في نظرة السائحين لمصر، وغرق بعض المناطق في القاهرة والمحافظات الأخرى بالمياه، والتى تجعل السائح يتخيل أن كافة المناطق غارقة بمياه الأمطار.
وأوضح، أن الخسائر على حركة التجارة والبنية التحتية والمبانى السكانية التى من الممكن أن تتأثر بالسلب من سقوط الأمطار، خاصةً العقارات القديمة في الأحياء الشعبية، وكذلك خسائر المواطنين، مشيرًا إلى أن الحكومة عليها تبنى خطة عمل واضحة الملامح والمعالم، وأن يكون هناك نوع من الشفافية في إعلان هذه الخطة للجميع، تستهدف تطوير البنية التحتية لاستقبال الأمطار سنويًا، مع توضيح أنه نتيجة تغير المناخ الذى يشهده العالم أجمع، أدى إلى استقبال مصر للسيول والأمطار بهذا الشكل الغزير.
وأشار إلى أن هناك ظاهرة تغير المناخ التى تحتاج جميع الدول إلى الالتفات إليها، وأن يكون هناك إمكانية لتخزين مياه الأمطار لإعادة استخدامها في الزراعة أو علاجها للشرب، وأن يكون لها جدوى اقتصادية بدلًا من هدرها كما يحدث حاليًا، وتخصيص ميزانية لها والتعاون مع الشركات الخاصة والقطاعات الحكومية المعنية لمعالجة مشكلة من المتوقع أن تزداد خلال السنوات المقبلة. 


كما ترى الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، أن مياه الأمطار نعمة كبيرة تحتاج إلى حسن الاستغلال والاستفادة منها سنويًا، الأمر الذى لا تقوم به الحكومة والمحافظين والمحليات؛ حيث إن هؤلاء المسئولين لا يؤدون واجباتهم على أكمل وجه، مضيفة أن الأزمات التى كشف عنها سقوط الأمطار جاءت نتيجة «الفشل الإداري» للحكومة، في عمل البنية التحتية للطرق وهبوطها بسبب ارتفاع منسوب مياه الأمطار، وكذلك وفاة المواطنين نتيجة صعقهم بالكهرباء خلال الأمطار. 
وأضافت أن المحليات والمحافظين لم يقوموا بدورهم منذ البداية؛ حيث كشف سقوط الأمطار النقاب عن تقصيرهم وفشلهم في احتواء الأزمة، موضحة أن مشاهد الغرق وهبوط الطرق لم نراها في أى دولة أخرى، فضلًا عن عدم قيام أى دولة بإعطاء طلاب المدارس والجامعات إجازة نتيجة سقوط الأمطار، مؤكدة أن الحكومة فشلت في إدارة الدولة والأزمات التى تواجهها، والتى تعد صلب تخصص رئيس الوزراء حاليًا فيما يخص البنية التحتية والبناء. 
ويقول الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن ملامح سقوط الأمطار بغزارة في بعض المحافظات تعد بمثابة «خير» لمصر نتيجة نقص المياه حاليًا، ولكنها نتج عنها حالة من الشلل المرورى وإغلاق الطرق والمحاور الأساسية، وتعطيل بعض شوارع القاهرة الكبرى، وانقطاع الكهرباء في بعض المناطق، فضلًا عن اشتعال النار في بعض أعمدة الكهرباء في محافظة مطروح نتيجة سقوط الأمطار، وإغلاق الطريق الإقليمى للفيوم.
واستكمل عامر، أن سقوط الأمطار أدى إلى توقف بعض عمليات النقل وتعطل مصالح المواطنين في هذا الأمر، وكذلك تصادم بعض السيارات التى وقعت على الطرق التى شهدت أمطارا غزيرة أدت إلى تعطيل مصالح بعض المواطنين، كما أن أغلبية الموظفين والعاملين بالقطاعات العامة والخاصة لم يذهبوا إلى أماكن عملهم نتيجة عدم وجود وسائل مواصلات متاحة لهم، مضيفًا أنه عقب إعلان هيئة الأرصاد الجوية لبيان رسمى يؤكد استمرار الأمطار حتى يوم الجمعة المقبل، فإن ذلك سيؤثر في الحركة الاقتصادية.
وتابع، أن حركة البورصة تعتمد على الأحوال الجوية، ومن المتوقع أن تشهد خسائر خلال هذه الفترة، وكذلك حركة الجمارك والبضائع غير المؤمنة ضد الأمطار، والتى لم يتم الإفراج عنها، وكذلك هناك توقعات بخسائر المحميات الطبيعة في موجة الأمطار الأخيرة الموجودة في عدة محافظات. 
وفى سياق متصل، يقول الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، إن المحليات والمحافظين لم يديروا موضوع سقوط الأمطار والسيول بشكل صحيح نتيجة عدم إدراك أهميته، فضلًا عن عدم التنسيق فيما بينهم للاستفادة من هذه النعمة الكبيرة، وهى مياه الأمطار في الزراعة وعلاجها لمياه الشرب، مشيرًا إلى أن هناك غيابا لإدارة الأزمات التى قد تحدث نتيجة سقوط الأمطار مثل إغلاق الطرق وهبوطها نتيجة عدم الصيانة والمتابعة الدورية لحالة هذه الطرق، بالإضافة إلى حالات الوفاة التى تنتج عن الصعق بالكهرباء في الأعمدة بالشوارع. 
وأوضح، أن مخرات السيول يصل عددها إلى نحو ٦٩٢ في ٢٧ محافظة، حيث إنه هناك محافظات معرضة للسيول سنويًا، ويصل عددهم نحو ١٤ محافظة، في ظل غياب خطة واضحة للتعامل مع الأمطار والسيول على مستوى محافظات الجمهورية، مهما بلغت شددتها، فضلًا عن الصيانة والمتابعة الدورية لمخرات السيول وتوفير الميزانية اللازمة لهذا الأمر، استعدادًا قبل قدوم موسم سقوط الأمطار والسيول، وتوفير المعدات والسيارات اللازمة لشفط المياه من الشوارع أيضًا، وصيانة شبكات الصرف الصحى في كل محافظة، والتى تعد وظيفة رئيسية للمحليات والمحافظين. وأضاف، أن الأمطار وارتفاع منسوب المياه في الشوارع نتج عنه إلحاق الضرر بالسيارات العامة والخاصة، وكذلك هبوط الطرق والاضطرار إلى غلقها لحين إصلاحها مرة أخرى، وحالات الوفاة أيضًا، مشددًا على ضرورة تعويض المواطنين المتضررين.