السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

هاني النقراشي: «الكهرباء» تعمل بطرق تقليدية والطاقة الشمسية هي الحل.. خبير الطاقة البديلة: الوزير مصمم على الاستعانة بالأجانب وتجاهل الخبرات المصرية.. نصيب مصر من مياه نهر النيل لن يكفى احتياجاتها

العالم المصرى الدكتور
العالم المصرى الدكتور هانى النقراشي في حواره للبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال العالم المصرى الدكتور هانى النقراشي، خبير الطاقة البديلة، وعضو المجلس الاستشارى العلمى لرئاسة الجمهورية: إن نصيب مصر من مياه نهر النيل لن يكفى احتياجاتها مستقبلا، مشددا على أن الحل الوحيد يكمن في تحلية مياه البحرين الأبيض والأحمر.
وطالب النقراشى في حواره مع «البوابة نيوز» بإنشاء محطات لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، موضحا أنه يمكن خفض تكلفة إنشائها، من خلال إنشاء محطات نمطية بشكل واحد، قائلا: إن المحطات الأولى ستكون غالية، لكن بعدها ستقل التكلفة.
وانتقد النقراشى سياسة وزارة الكهرباء، لافتا إلى أنها ما زالت تعمل بطرق تقليدية، مضيفا أن الوزير يصر على الاستعانة بخبراء أجانب، ليس لديهم فكرة عن محطات الطاقة الشمسية.. وإلى نص الحوار..




■ طالبت دوما بإقامة محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.. لماذا؟
- لأن نصيبنا محدود من مياه نهر النيل ويقدر بـ٥٥ مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهى حصة لن تكفى احتياجات مصر مستقبليا مع تزايد عدد السكان، كما أن المياه الجوفية لا تعد كافية، كما أنها غير متجددة، وكان هناك تفكير في إنشاء مشروعات أعالى النيل بالقرب من بحيرة فيكتوريا، للقضاء على هدر المياه، إلا أنها لم تكتمل، ولو حدث فذلك لن يتم قبل ٢٠ عاما، وسيكون احتياجنا للمياه وقتها مضاعفا، والحل الوحيد يكمن في تحلية مياه البحرين الأبيض والأحمر، وهى تكنولوجيا تستخدم الآن في معظم دول العالم، حتى الدول العربية التى لا يوجد بها أنهار لجأت إليها، وتستخدم البترول في عمليات التحلية، وهو أمر صعب في مصر، ويمكننا بديلا عنه استخدام الطاقة الشمسية الموجودة، ومنها يمكن أيضا توليد الكهرباء، ونقلل من استخدام الغاز والفحم.
■ الطاقة الشمسية ترتبط بأوقات محددة فلا يمكن توفيرها ليلًا.. كيف نتغلب على ذلك؟
- وجودها ليلا ممكن إذا كان هناك تخزين كاف، وهو تخزين يتم في مزيج من الأملاح الخاملة، التى لا تسبب صدأ ولا تتفاعلا، وتنصهر عند ٢٠٠ درجة مئوية، وتحتفظ بالمقاومة حتى ٥٥٠ درجة مئوية قبل التبخر، ويتم التخزين في «تانك» كبير، وتم تنفيذ ذلك أول مرة في إسبانيا وخزنت لمدة ٧ ساعات فقط، وتم تطويرها بعدها في عدة دول منها أمريكا، حتى وصل الآن التخزين لمدة ١٥ ساعة.


■ يقال إن تخزين الكهرباء أمر مكلف.. ما تعليقك؟
- على العكس، التخزين يعمل على خفض سعر الكهرباء، كلما زاد التخزين قلت تكلفة الكهرباء، ففى المغرب على سبيل المثال أقامت الحكومة المغربية محطة للتخزين، في المرحة الأولى كان التخزين ٣ ساعات، والمرحلة الثانية ٧ ساعات، وهو أمر غريب، فسأل المسئولون المغاربة الشركة المنفذة، لماذا لا تكون المرحلة الأولى ٧ ساعات؟ فقالت: حسبما يطلب الزبون، وهذا قصر نظر، حيث اعتقدوا أن ذروة احتياج الكهرباء بعد ساعة من الغروب، وبالتالى اعتمدوا على تخزين ٣ ساعات، واضطروا لتكون المرحلة ساعات وتستهلك نفس إمكانيات التخزين.
■ كيف يمكن التغلب على ارتفاع تكلفة إقامة المحطات الشمسية؟
- نقوم بعمل نظام لبناء محطات نمطية بشكل واحد، المحطات الأولى ستكون غالية وترخص بعدها المحطات، مثل الهاتف المحمول عند بداية ظهوره، كان غاليا ومع الانتشار أصبح رخيصا.


■ هل تكلفة تلك المحطات مرتفعة؟
- هناك فارق كبير بين المحطات التى تعمل الآن بالوقود والفحم، فتكلفتها مضاعفة بشراء المحطة وتكلفة الغاز أو الفحم الذى يستخدم لتشغيلها، أما محطات الطاقة الشمسية الحرارية، فإن تكلفتها كلها تنحصر في ثمن شرائها، وتوفر الوقود، لاعتمادها على طاقة متجددة وهى الشمس، كما أن عمرها الافتراضى ٤٠ عامًا.
■ هل يمكن تصنيعها في مصر؟
- نعم.. يوجد إمكانيات كبيرة تساعد على تصنيع تلك التكنولوجيا هنا، ويمكن أن نتحول إلى مصدرين لها إلى الدول العربية، التى يمكن استخدامها فيها، لكن الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية، وقد بدأت وزارة الإنتاج الحربى بتوطين تلك التكنولوجيا المهمة التى تتوافق مع المعايير الدولية، ويمكن لجهات كثيرة الدخول في هذا الاستثمار، منها القطاع الخاص والعام إذا كان مستعدا.
■ لدينا مشكلة في امتلاك بيوت الخبرة، كيف نتغلب عليها؟
- هناك شركات يمكن التفاوض معها، بموجب تعاقد لترخيص مقابل الحصول على مبالغ مالية، لمدة ٥ أو ١٠ سنوات، وبعدها يمكن الاستمرار في التصنيع لحسابك أو تستمر معه في حال تطوير المنتج، والهند فعلت هذا لمدة ٥ سنوات، وحصلت على ترخيص من شركات أوروبية، بما يتوافق مع متطلبات المجتمع.


■ ما سر غضبك من وزارة الكهرباء؟
- الوزير المسئول عن إنتاج الكهرباء في مصر يعمل بالطرق التقليدية، ويستعين بخبراء أجانب، ليس لديهم فكرة عن محطات الطاقة الشمسية الحرارية، الوزير عرض عليهم مشروعات الخلايا الضوئية والرياح، وكلها طاقات غير مستمرة، ويمكن أن تتوقف، وهؤلاء ليس من مصلحتهم أن تتطور مصر، لذلك يشيرون علينا بعمل محطات فحم، بحجة أنه رخيص، أو وجود فحم نظيف، وهى أكذوبة، وقد عرضت مشروع الطاقة الشمسية على الوزير، وبعدها تجاهلني، رغم أنى تركت عملى في ألمانيا لأفيد بلدى، لكن الوزير يتجاهل الخبرة المصرية ويصر على الاستعانة بخبراء أجانب، رغم خطأ بعضهم في مشروع الخلايا الضوئية بأسوان، حينما تم وضعها في مكان واحد، وكان يمكن توزيعها على ٣٦ كيلو متر في كل محافظات الصعيد، لكنهم اختاروا أسوان لأن بها أكبر إشعاع شمسى، ولم يفهموا وجود حرارة مرتفعة، مما يسهم في تخفيض إنتاج الكهرباء، ولا تؤدى الغرض المطلوب منها.
■ هناك بدائل كثيرة مثل توليد الطاقة من الرياح.. ما تعليقك؟
- تراخينا كثيرا حينما استخدمنا البترول في توليد الطاقة، وعلينا تغيير التفكير، واستخدام ما تقدمه لنا الطبيعة من طاقات متجددة، وتوفيقها مع احتياجاتنا، فمثلا توليد الطاقة من الألواح الضوئية، يمكن استخدامه على أسطح المنشآت العامة التى تعمل نهارا فقط، أما المنشآت التى تعمل ليلا ونهارا، فلا يوجد من الطاقة المتجددة غير استخدام مساقط المياه، أو الطاقة الشمسية الحرارية، أو نظل نحرق البترول ونستخدم الفحم، لتوليد كهرباء، وفيما يتعلق بطاقة الرياح، فهى جيدة، والدولة تطبقها بشكل جيد في منطقة خليج السويس، واستغلت سواحل البحر في بناء حقول لها، وهذا ساعد بشكل على تجاوز أزمات انقطاع التيار الكهربائى عقب ثورة ٣٠ يونيو


■ هل عرضت ذلك على المجلس الاستشارى العلمى للرئيس؟
- نعم عرضته، لكن دور المجلس استشارى فقط، وليس له علاقة بالتنفيذ، ولسنا المستشارين الوحيدين، ومن حق الرئيس أن يأخذ به أو لا، فهو لديه رؤية شاملة عن الأمور، لما لديه من بيانات ومعلومات في الناحية التى يحتاجها الأمر محل المشورة، الرئيس السيسي يهتم بكل كبيرة وصغيرة، ولديه مستشارون في كل مجال حتى يبنى قراره على أسس علمية ومدروسة.
■ جهود كبيرة قامت بها الحكومة لترشيد استخدام الطاقة.. كيف تقيمها؟
- كان لدينا استخدام سىء للطاقة، بدأ يتحسن الآن بشكل كبير، وأغلب المصانع كانت لا تهتم بتحسين كفاءة التشغيل لديها، وهذا كله بسبب وجود دعم للكهرباء من قبل الدولة، أما الآن بعد رفع الدعم تم ترشيد الاستهلاك، والتفكير اختلف نهائيا، ستجد المستثمر الآن يبحث عن المعدات الموفرة للطاقة عكس الأول.
■ لكن ليست كل المصانع في بلادنا تعمل بمعدات موفرة للطاقة؟
- التغيير في السلوكيات يحتاج وقتًا، لكن الأوضاع الراهنة جيدة، وحدث ترشيد للاستهلاك بشكل كبير.


■ هل ساهمت اللمبات الموفرة في ترشيد الاستهلاك؟
- اللمبة الموفرة سعرها أغلى من العادية، لكنها توفر استخدام الكهرباء، كما أنها لا تعمل على رفع درجة حرارة الغرفة.
■ هل الدعم كان السبب في الاستهلاك الخاطئ للطاقة؟
- طبعا.. في فترة من الفترات ارتفع دخل المواطنين وكانت أسعار الكهرباء ثابتة، فكانت النتيجة تبذيرًا في الاستهلاك، الدعم بدأ في عام ١٩٩٨ بقيمة ٢ مليار جنيه، ووصل في ٢٠١٢ إلى ١٢٠ مليار جنيه، وهذا يؤثر سلبا على الصحة والتعليم والمواصلات، وكان الأولى دعم التصنيع من خلال دعم منتجات لديها منافسة قوية في أسواق عالمية وبعدها يتم خفضه.
■ البعض يقول إن مشروعات الدولة غير مدروسة.. ما حقيقة هذا في قطاع الطاقة؟
- في ٢٠٠٨ الشعب المصرى كله بدأ يشعر بأن هناك نقصا في الكهرباء، نتيجة انقطاعها، وزاد الأمر في عام ٢٠٠٩ حتى تفاقم في ٢٠١١ بعد انهيار البنية التحتية للقطاع وعدم وجود صيانة له، وكل هذا كان يمكن التنبؤ به وتنفيذ خطط له، لكن وزارة الكهرباء قبل ٢٠١١ كانت غير مدركة هذا الأمر، وعندما تولى الرئيس السيسي، مقاليد الحكم، وجد أن هناك فجوة كبيرة في الكهرباء، فطلب من إحدى الشركات العالمية شراء ٣ محطات كبيرة لتوليد الكهرباء، بتخفيض سعر الجملة، لكى يعوض النقص وأيضا يكون لدينا فائض يتم التصدير إلى دول أخرى، وكان معروفًا أن بعض الجزر اليونانية كانت تحتاج إلى الكهرباء، خاصة بعد تحذيرات الاتحاد الأوروبى لليونان بضرورة وقف استخدام الفحم الملوث للبيئة، فأسرع السيسي بخبرة رجل له بعد نظر، بتوطيد العلاقات مع أثينا، ووقع اتفاقات لتصدير الطاقة إليهم، وتم بناء المحطة الثالثة بالقرب من بحيرة البرلس، حتى تكون قريبة من البحر، وسيتم عمل كابل بحرى ليبدأ التصدير قريبا.


■ هل لدينا فائض في الكهرباء الآن؟
- نعم بنسبة ٥٠٪، نحن نستطيع أن نصدر نصف ما ننتجه الآن.
■ إذن.. لماذا سعر الكهرباء مرتفع؟
- الارتفاع سيظل مستمرا، مع استمرار استخدام المحروقات، سواء الغاز أو البترول أو الفحم في تشغيل المحطات، وحتى لو كان عندنا الغاز، لا بد أن نستفيد به في التصدير أو بناء مصانع كيماويات، ولا بد من اللجوء إلى الموارد المتجددة لتوليد الطاقة؛ لأنها الأرخص والأفضل بيئيًا.
■ ما هو المشروع الذى تحلم بتحقيقه في مصر؟
- ممر التنمية، الذى قدمه دكتور فاروق الباز منذ سنوات، بغرض إنشاء طريق بالمواصفات العالمية في صحراء مصر الغربية، يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا، حتى بحيرة ناصر في الجنوب وعلى مسافة تتراوح بين ١٠ و٨٠ كيلومترا غرب وادى النيل، الممر يفتح آفاقا جديدة للامتداد العمرانى والزراعى والصناعى والتجارى حول مسافة تصل إلى ٢٠٠٠ كيلو متر.