الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أستاذ تاريخ في جامعة كاليفورنيا: أردوغان ينظر إلى اجتياح سوريا كطوق نجاة

 أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال أستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا، باكي طزجان، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خطأ؛ ذلك أن الأكراد لم يكونوا أعداءً طبيعين للأتراك يقتتلون معهم منذ مئات السنين كما قال الرئيس.
وفي مقال نشرته صحيفة (لوس انجلوس تايمز) أكد باكي أن قادة الأكراد كانوا متحالفين مع الحُكام العثمانيين ضد إيران في بواكير القرن السادس عشر الميلادي، وأن هذا التحالف الثقافي والعسكري ظل قويا على مدى قرون.
ودلّل الكاتب على ذلك التقارب بالإشارة إلى أن أحد أشهر المفكرين المحدثين الأتراك سعيد النورسي كان كرديا، وهو مثال واحد بين كثيرين.
واستدرك باكي قائلا: "ليس سرًا مع ذلك أن تاريخ تركيا في القرن العشرين هو أيضا تاريخ لاضطهاد الأكراد.. كما أن قيام الدولة التركية الحديثة غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية كان إيذانا بزوال حلم دولة كردستان".
وقامت المواطَنة في الجمهورية التركية الحديثة على قدمين هما: المسلمين السُنة والهوية التركية، أما الأكراد – أكبر أقلية عرقية - فقد عانت التهميش في ظل ذلك.
وفي عِقدَي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي تعرّض الأكراد لمجازر وحشية ردًا على حركات تمرد عسكرية استغلها النظام الحاكم في قمع المعارضة السياسية وترسيخ أركان نظام الحزب الواحد.
واحتدت التدابير القمعية ضد الأكراد بعد الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980 في تركيا، حيث أنكرت الحكومة الهوية الكردية وأطلقت على الأكراد اسم "أتراك الجبال".
ثم ظهر حزب العمال الكردستاني الذي بدأ كتنظيم سري أنشأه طلاب جامعيون في أواخر حقبة السبعينيات لكنه حمل السلاح وانخرط في صراع مع الدولة التركية عام 1984 أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من المواطنين الأتراك.
ولكن في أوائل حقبة التسعينيات حاولت الحكومة التركية التفاوض مع حزب العمال الكردستاني. ولم يكد يأتي العام 2000 حتى تم السماح بنشر الثقافة واللغة الكردية في عموم البلاد بموجب إصلاحات قادها رجب طيب أردوغان الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الحين. وتكلل هذا الطريق عام 2011 حين قدم أردوغان اعتذارا علنيا على المذابح التي وقعت بحق الأكراد.
وقال الكاتب إن تركيا تبرّر اجتياحها مؤخرا لشمال سوريا بالزعم أن الحزب الكردي في سوريا - حزب الاتحاد الديمقراطي - يشكّل تهديدا. وثمة علاقات وثيقة بين حزبَي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، لكن من الأهمية بمكان هنا التذكير بأنه وفي أواخر صيف 2015، سُمح لرئيس الحزب الأخير – صالح مسلم - بدخول تركيا بحريّة من أجل تدشين علاقات دبلوماسية تمخضت عن افتتاح مكتب لتمثيل الحزب في أنقرة.
لكن نهاية عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في ذلك الصيف قادت إلى تحول دراماتيكي في مسار العلاقات بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي. وجاء تغيير الرئيس أردوغان لمسار عملية السلام بعد انتخابات يونيو 2015 والتي تكبد فيها حزب العدالة والتنمية خسائر للمرة الأولى منذ وصوله إلى الحكم عام 2002.
وقد استفاد من عملية السلام خصومُ أردوغان السياسيون في حزب الشعوب الديمقراطي الشعبوي اليساري الموالي للأكراد، وحزب الحركة القومية ذي الجذور الفاشية.
وكان على حزب العدالة والتنمية أن يجد شريكا في حكومة ائتلافية، لكن حدثت مستجدات سياسية حالت دون نجاح ذلك ليجد أردوغان نفسه في نهاية المطاف مضطرا إلى تجميد المفاوضات والدعوة بدلا من ذلك إلى انتخابات جديدة.
ورأى صاحب المقال أن السنوات الأربع الماضية شهدت تزايدا في اتخاذ التدابير الاستبدادية في كافة نواحي الحياة في تركيا، أبرزها تجلى في قمع السياسيين والنشطاء والصحفيين والأكاديميين الذين أظهروا دعمهم للحقوق المدنية الكردية وإيجاد حل سلمي للصراع العسكري التركي مع حزب العمال الكردستاني.
وهنا أشار الكاتب إلى أن صلاح الدين دميرطاش، رئيس حزب الشعوب الديمقراطية والذي نافس في سباقين انتخابيين رئاسيين حاز فيهما على نحو عشرة في المائة من أصوات الناخبين – يقبع في السجن منذ عام 2016 وحتى الآن.
ونبّه باكي إلى أن اجتياح تركيا شمال سوريا هذا الشهر أعقب هزائم انتخابية مُني بها حزب العدالة والتنمية في وقت سابق من العام الجاري، وكانت أغلى تلك الهزائم في اسطنبول، التي كان أردوغان عمدة لها ذات يوم.
أما نجاح حزب العدالة والتنمية اقتصاديا، والذي كان عاملا رئيسيا من عوامل انتصاراته في الماضي، فقد انهار في خضم التراجع الذي يشهده الاقتصاد التركي مؤخرا.
ورأى الكاتب أن اجتياح سوريا يمثل طوق نجاة لأردوغان ووسيلة لتعزيز شعبيته السياسية.
وخلص باكي إلى القول إن ما كان يُدعى في القرن الماضي بالمسألة الكردية هو في حقيقة الأمر مسألة الديمقراطية التركية، والتي لن تجد حلا في التحرك العسكري، كما أن إلقاء اللوم على قوى خارجية مثل سوريا أو الولايات المتحدة واتهام تلك القوى بدعم حزب العمال الكردستاني لن يجلب سلاما دائما وإنما سيوطد حُكم أردوغان. 
إن إجبار سوريا على طرد عبد الله أوجلان – مؤسس وزعيم حزب العمال الكردستاني - عام 1988 لم يضع نهاية للحزب، رغم أن أوجلان قضى العشرين عاما الأخيرة في سجن تركي. 
واختتم الكاتب قائلا: "إن السؤال الحقيقي هو كيف نبني تركيا ديمقراطية يرى فيها الأكراد تمثيلا شرعيا لهم في البرلمان، وليس في السجن، عندئذ لن يكونوا بحاجة للتعبير عن رغبتهم السياسية عبر تنظيم مثل حزب العمال الكردستاني.. ومن المؤكد أن إعلان تركيا يوم الخميس عن وقف لإطلاق النار مدته خمسة أيام في سوريا لا يكفي لتحقيق هذا الهدف".