الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأمن القومى العربى في خطر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتعرض الوطن العربى لهجمة شرسة كتلك التى تعرض لها منذ قرابة ألف سنة (أواخر القرن الحادى عشر)، عندما تعرض لغزو غاشم من الغرب تحت مسمى الحروب الصليبية، واستعادة بيت المقدس من أيدى المسلمين.
ومرة أخري، تعرض العرب لهجمة شرسة وأكثر دموية، قادمة من الشرق على يد التتار، وتصدى لهم الجيش المصرى في موقعة عين جالوت تحت قيادة سيف الدين قطز، سنة ١٢٦٠ ميلادية.
واليوم، يتعرض الوطن العربى لغزو عسكرى وحرب اقتصادية على كل الجبهات.
أولًا: الخطر القادم من الشمال، قامت تركيا بغزو شمال وشرق الأراضى السورية، بحجة إقامة حزام أمني يحميها من هجمات الأكراد في شمال العراق وسوريا وإيران، ويقطع الطريق على إقامة دولة كردية. وفى الحقيقة أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يحلم باستعادة أمجاد الدولة العثمانية والخلافة الإسلامية، وكأن الأراضى السورية أصبحت مستباحة لكل من هب ودب. 
والأغرب من ذلك، أن هناك جماعات في الدول العربية تؤيد أردوغان في غزوه للأراضى السورية، وعلى أمل أن يساعدهم ذلك في إقامة خلافة إسلامية في البلدان العربية التى فشلوا فيها بعد الربيع العربي، والتى مازالوا يحلمون بالعودة إلى الحكم فيها بمباركة أردوغان.
ثانيًا: الخطر القادم من الشرق، تحلم إيران باستعادة أمجاد دولة الفرس وإقامة إمبراطورية جديدة تشمل الهلال الممتد شمالًا من العراق وسوريا ولبنان، وجنوبًا من البحرين واليمن، وتحيط دول الخليج العربى بكماشة شيعية تحقق لها الزعامه التاريخية، وأمجاد دولة الفرس التى فقدتها منذ فجر الفتح الإسلامي. ومازالت إيران تدعم الشيعة لإثارة المشكلات في معظم البلدان العربية الآسيوية، وهى تدعى أنها تحارب إسرائيل وأمريكا.
ثالثًا: الخطر القادم من إسرائيل، إسرائيل لها أهداف إستراتيجية طويلة الأجل. ومنذ نشأة دولة إسرائيل بقرار من الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة رقم ١٨١، بتاريخ ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧، وهى تتوسع في ضم الأراضى العربية في فلسطين المحتلة. ولقد قضت حرب أكتوبر سنة ١٩٧٣ على أحلام إقامة إسرائيل الكبرى، وأعادت سيناء إلى حضن الوطن. ولكن الواقع أن إسرائيل تسعى طوال الوقت إلى ايجاد وطن بديل للفلسطينيين على حساب الدول العربية، وخاصة الأراضى المصرية في شبه جزيرة سيناء، وهو ما ترفضه الدولة المصرية تمامًا، وهناك اعتقاد أن صفقة القرن وإيجاد الوطن البديل هى المحرك للأحداث في الشرق الأوسط، بدءًا من غزو العراق، ومرورًا بالربيع العربي، وانتهاءً بسد النهضة الإثيوبي.
رابعًا: الخطر القادم من الجنوب، سد النهضة الذى تبنيه إثيوبيا يمثل تهديدًا لحصة المياه من نهر النيل لكل من مصر والسودان. والحقيقة أن فكرة إقامة سدود على النيل الأزرق فكرة قديمة بالنسبة لإثيوبيا، وأن مصر كانت قادرة على كبح جماح إثيوبيا، بالدبلوماسية أحيانا كما نهجها الزعيم جمال عبدالناصر، وبالقوة أو التهديد بها أحيانا، كما نهجها الرئيسان أنور السادات وحسنى مبارك. واستغلت إثيوبيا مشكلات مصر الداخلية بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وشرعت في بناء السد، بل وضاعفت من طاقة تخزين البحيرة من ١٤ إلى ٧٤ مليار متر مكعب. وتخشى مصر والسودان من انخفاض مؤقت من توافر المياه أثناء فترة ملء الخزان، وانخفاض دائم بسبب التبخر. وقد اتبعت إثيوبيا أسلوب التسويف واكتساب الوقت لحين الانتهاء من بناء السد وفرض الأمر الواقع، وزاد هذا التعنت بعد تركيب صواريخ إسرائيلية لحماية السد.
ولذا يجب على مصر أن تتمسك بحقوقها التاريخية في مياه النيل، وأن تتبع كل الطرق الدبلوماسية بما فيها الاستعانة بطرف محايد كما تنص عليها بنود الاتفاقية الإطارية. وحقيقة فقد ضرب الرئيس عبدالفتاح السيسي أروع المثل في الحفاظ على لغة حوار هادئة وحافظ على العلاقة الأخوية مع إثيوبيا، وننتظر أن ترد إثيوبيا بالمثل وتتفهم مخاوف مصر من تأثير السد على حصتها من المياه.
خامسًا؛ الخطر القادم من الغرب، عدم الاستقرار في ليبيا، ووجود العديد من الجماعات الإرهابية داخل الأراضى الليبية، ومساعدة تركيا لهذه الجماعات، ومحاولات التحرك داخل الأراضى المصرية، يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصري.
وفى ظل هذا المناخ الملبد بالغيوم على معظم بلدان الوطن العربي، وفى ظل تدخل سافر من البلدان المحيطة بالعرب ومن جميع الجهات، وفى ظل إجهاد لمعظم الجيوش العربية، وضعف لجامعة الدول العربيه، وتربص من دول الجوار غير العربية، ومساندة من بعض الدول الغربية، فليس أمام العرب إلا الوحدة ونبذ الفرقة، والوقوف صف واحد للعبور من الأزمات الحالية.
حمى الله مصر والعرب من كل الشرور ووفقهم إلى مساعدة أنفسهم والتغلب على المؤامرات التى تحاك ضدهم من جميع الاتجاهات.