الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

من قتل محمود البنا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


 

شاهدنا على صفحات الجرائد والمواقع الإخبارية قبل أيام أخبارًا أحزنت قلوبنا، وجمدت الدموع في أعيننا، وكشفت العوار عن مشكلات اجتماعية كنا قد غضضنا الطرف عنها، وكان لزامًا علينا أن نقف أمامها وقفة جادة حتى لا تتفاقم الأمور، و"يسبق السيف العذَل" كما تقول العرب.
محمود البنا، أو "شهيد الشهامة"، صاحب السبعة عشر عامًا، ذلك الشاب الخلوق المهذب، يشاء القدر أن يرى أحد شباب بلدته تلا، بمحافظة المنوفية، ويدعى "محمد راجح" يحاول التحرش بإحدى الفتيات، فإذا بالبطل الشهيد "محمود البنا" يهب لنجدة هذه الفتاة، محاولا إثناء الجاني "راجح" عن موقفه، قائلا له حسب رواية أم الشهيد: "ليس من الأخلاق أن تتعدى على فتاة، اعتبرها مثل أختك"، فكان رد فعل راجح: "طيب ابقى انزلي وأنا أوريك". 
"راجح" شاب مرفه، تخشاه فتيات القرية، ومعروف بتهوره وبلطجته وتحرشه بالفتيات وسوء خلقه، وتلك الحادثة لم تكن الأولى بالنسبة له.
لم يتقبل "راجح" نصيحة محمود، فطوّعت له نفسه قتل إنسان بريء بغير حق دون أن يفكر للحظة واحدة في عاقبة هذا الأمر، بالاشتراك مع بعض أصدقاء السوء حتى فاضت روح "محمود" إلى بارئها منذرًا المصريين بوجود أزمة ومشكلة اجتماعية لا بد لنا من التصدي لها. 
ولكن يبقى السؤال الذي نحاول الإجابة عنه: مَنْ قتل محمود؟
سارع البعض على صفحات "السوشيال ميديا" إلى كيل الاتهامات لبعض الفنانين الذين جسّدوا شخصية المجرم الذي يشهر سلاحه في وجوه المسنين والنساء والأطفال المسالِمِين، ذلك البلطجي الذي لا يكترث لعادات أو تقاليد أو قيم أو أخلاق.
لكنني أرى أن هناك متهمين آخرين في هذه القضية، فكل أم أو أب دلل طفله وربَّاه على الكِبْر والعُجْب بنفسه وعدم الاكتراث بالآخرين واعتبارهم في مرتبة أدنى منه هم بالفعل قتلة مشاركون له في جريمته، وكل معلم بخل على طلبته بالنصيحة وبث روح الحب والتعاون ونبذ العنف هو متهم وشريك أيضًا، بل إنني لا أبالغ إذا قلت: إنني لا أطالب بمحاسبة "راجح" فقط وأصدقائه، بل لا بد من محاكمة أبويه محاكمة عادلة حتى يكونا عبرة لمن يعتبر، ولا أخفيكم سرا أنني لا أعفي نفسي أنا كاتب هذه السطور من المسئولية، فلقد شجَّعت وشاهدت معظم الأفلام والمسلسلات التي تجسد شخصية البلطجي بشكل تشمئز منه النفوس.
"مَنْ أَمِنَ العقوبةَ أساء الأدب".. تلك الجملة أعتبرها بيت القصيد ولُبّ الموضوع في هذه القضية؛ فلو علم المجرم أن عقوبته ستكون رادعة حينها سيفكر ألف مرة قبل أن يرتكب جريمته، وحتى لا يتكرر الأمر أطالب سيادة النائب العام بالقصاص لروح "محمود".