الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الجارالله: تدخل تركيا الدموي ومجازرها في سوريا لن يلغي الحقوق الكردية

العميد أحمد الجارالله
العميد أحمد الجارالله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد رئيس تحرير صحيفة "السياسة" الكويتية العميد أحمد الجارالله، أن التدخل التركي الدموي ومجازرها التي ترتكبها حاليا في سوريا، لن يلغي الحقوق الكردية المعترف بها من غالبية دول العالم.
وقال الجارالله – في افتتاحية صحيفة "السياسة" الكويتية اليوم الأحد، تحت عنوان ("الأردوغانية" بين أضغاث أحلام عبدالحميد وواقعية أتاتورك) – "إن المُراقب للسِّياسة التركية طوال السنوات الثماني الماضية، يرى تغييراً شاملاً فيها، إلى حد الانغماس في قضايا المنطقة، بعدما أيقنت السلطة الحاكمة، أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مجرد سراب لا أكثر، وبالتالي فإن العودة إلى الحلم الإمبراطوري، هو الخيار الوحيد لحزب العدالة والتنمية، الذي يستند إلى خلفية إيديولوجية إسلامية من صناعة جماعة (الإخوان).
وأضاف أنه على هذا الأساس يُنظر إلى مجمل التطورات التي شهدتها كل من سوريا والعراق بفعل التدخل التركي، المباشر تارة، وغير المباشر مرات عدة، إلى أن وضعت الحقيقة أمام أنقرة، أن مشروع الهيمنة الجديد، لا يمكن تحققه من خلال جماعة (الإخوان) عربياً، بعد الانتكاسات التي منيت بها في عدد من الدول، وإن سوريا التي حولتها تركيا ساحة خلفية لها، بدعم الجماعات المتطرفة، وتسهيل دخول المقاتلين الأجانب إليها، لم تعد هي تلك التي أخذت الحماسة شرائح من شعبها تحت شعار الثورة، والتي يمكن أن تحقق هدفها في الإفساح بالمجال للاتراك بالتوغل إلى عمق العالم العربي".
وشدد الجار الله على أن صانع القرار التركي لابد أن يدرك، أن غزو دولة عربية، حتى لو كانت هناك خلافات سياسية معها، ليس مقبولاً عربياً، ولا حتى إسلامياً، وأممياً أيضاً، لأن موازين القوى تتغير بفعل التبدلات الحاصلة عالمياً، والاستناد إلى جماعات سياسية محلية، لا يمنح الغازي مشروعية التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأردف قائلا "أنه على أنقرة النظر إلى التجربة الإيرانية المستمرة منذ 40 عاماً، والفشل الذي منيت به طوال العقود الأربعة، وعدم القدرة على التوسع، حتى باستخدام الأوراق والعصي الطائفية في عدد من الدول العربية، لأن مشروعها في أساسه، قام على سلسلة من العيوب القاتلة، فإذا كانت إيران استفادت من هشاشة الوضع اللبناني، واستطاعت عبر (حزب الله) الإمساك بقرار ذلك البلد، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها، بل عملت على وضع لبنان في محجر الرقابة الدولية، بعدما دمرت اقتصاده ودفعته إلى الانهيار، بدليل سلسلة الأزمات التي تتوالد كالفطر حالياً".
وتابع الجارالله قائلا: "وفي العراق لم يكن المشروع الإيراني أفضل حالاً، بل على العكس، أثبتت الانتفاضة الشعبية الأخيرة، أن النقمة ليست على الطبقة السياسية الحاكمة فقط، بل على إيران أيضاً، وتغلغلها في مفاصل الدولة، أما في اليمن، فتلك قصة يجب على كل عاقل النظر إليها بروية، كي يعرف إلى أين أوصل التدخل الإيراني الشعب اليمني، إذ رغم المليارات التي أنفقتها طهران على تعزيز نفوذها فيه، وجعله ممراً إلى المملكة العربية السعودية، بهدف السيطرة على الأماكن الإسلامية المقدسة، لإكساب ذلك التوسع الشرعية الدينية، منيت بالفشل، كما فشلت في تصدير الثورة إلى البحرين، التي تعتبر من الدول الصغيرة بعدد السكان، ولم تستطع عصابات ايران العميلة، تغيير المزاج الشعبي المؤيد لآل خليفة، وكذلك فشلت في السعودية والإمارات والكويت، ولا تزال العائلات الحاكمة تتمتع بتأييد شعبي كبير، والتفاف وطني حولها".
وتساءل رئيس تحرير صحيفة "السياسة"، أنه استنادا إلى هذه الحقائق، هل يتصور صانع القرار التركي قدرته على نجاح مشروعه التوسعي، فإذا كانت إيران فشلت طوال أربعين عاماً، وتحولت جراء ذلك لدولة معزولة، منبوذة من كل دول العالم، ولم تفدها المليارات التي أنفقتها على عصاباتها في الإقليم، فهل ستتغير الصورة، لأن التركي يستند إلى جماعة سياسية سنية (الإخوان) في فرض مشروعه؟.
وأضاف الجارالله قائلا: "هذا الانفصام في الشخصية السياسية التركية، لا يختلف عما هو قائم إيرانيا، غير أن الاثنين يشبهان في المآلات، نهاية السلطنة العثمانية التي وصفت آخر أيامها بالرجل المريض، رغم أنها كانت إمبراطورية تسيطر على أجزاء كبيرة من العالمين العربي والإسلامي، إلا أنها انتهت إلى التفكك، ويبدو حالياً أن حزب العدالة والتنمية، يقود تركيا إلى أن تصبح الرجل المريض، لأن قادته لم يقرأوا تاريخهم جيدا، كي يعرفوا كيف تبخرت أحلام السلطان عبدالحميد، لأنه لم يأخذ بالوقائع التي كانت موجودة في ذلك الحين .. ويبقى السُّؤال: هل سيُكرر رجب طيب أردوغان خطأ عبدالحميد، أم أنه سيستفيق في اللحظة الأخيرة، ويعود إلى استكمال مسيرة مصطفى كمال أتاتورك؟".