الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الأرض المحروقة.. سيناريوهات «أردوغان» لتدمير الشرق الأوسط من البوابة السورية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحذيرات من استغلال المنطقة الآمنة لإعادة توطين «داعش» بتمويل قطرى
إكرام بدر الدين: توقعات بنقل «الإخوان» إلى جوار «داعش» في شمال سوريا لضرب الأكراد
عبدالحكيم الطحاوى: أموال قطر وتحالف أنقرة مع التنظيم الدولى لـ«الإخوان» لإعادة «داعش» إلى دمشق
الرئيس التركى يمنح الإرهابيين قبلة حياة.. ويسعى لتغيير التركيبة العرقية في المناطق الحدودية
أنقرة تخطط لتدوير الصراع على الحدود بين الأكراد واللاجئين


تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الغليان، بسبب التطورات الجارية في شمال سوريا، جراء العدوان التركى عليها، وسعى الدكتاتور العثماني، رجب طيب أردوغان إلى تطبيق سياسة الأرض المحروقة، لفرض إرادته على النظام السوري.

يبدو أن تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، الذى مثّل بداية جيدة، للوصول إلى حل سياسى ينهى الأزمة السورية المتفاقمة منذ نحو ٩ سنوات، كان سببًا في إثارة غضب الأنظمة التى لا تريد أن تترك سوريا قبل التقسيم، وهي: إيران، وقطر، وتركيا، التى تسعى كل منها لتحقيق هدف لها على الأراضى السورية.
وفى الوقت الذى تريد فيه إيران أن تضمن استمرار نفوذها، على معظم الأراضى السورية، وبخاصة في الشرق، نجد أن قطر لا تعبأ سوى بتمويل كل نشاط يضمن بقاء تنظيم داعش الإرهابى حيًا في تلك المنطقة، باعتباره ذراعًا عسكرية للدوحة، تراوغ به الجميع. 
الأمر ذاته ينطبق على تركيا، التى تشير المعلومات الواردة، من كواليس التحركات في تركيا إلى أن أردوغان يبذل كل جهده لإنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريا، لتمكين داعش من السيطرة على تلك المنطقة، حتى يحول التنظيم بينه، وبين الأكراد.
سيناريوهات أردوغان لفرض سيطرته على شمال سوريا، كفيلة بإشعال صراع جديد في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل الصمت الدولى تجاه تركيا، واكتفاء الدول الكبرى ببيانات الشجب والإدانة، للاجتياح التركى العسكرى لمناطق شمال سوريا.


جريمة أردوغان
يرى الدكتور عبدالحكيم الطحاوي، العميد الأسبق لمعهد الدراسات الآسيوية، بجامعة الزقازيق، أن إصرار أردوغان على اجتياح شمال سوريا عسكريا، يحمل في طياته الكثير من الكواليس، والأهداف الخبيثة، منها إنشاء المنطقة الآمنة، التى يرغب أردوغان في إقامتها داخل الحدود السورية، لكن ليس للحماية من الإرهاب كما يزعم.
وأوضح الطحاوي، لـ«البوابة نيوز»، أن تصرف أردوغان يستهدف إنشاء منطقة خاضعة للنفوذ والسيطرة التركية، بما يسمح لأنقرة، بإعادة توطين قوات داعش فيها، لتقف كحائط صد، ضد الأكراد، وكذلك لتنفيذ اتفاقه مع الدوحة، بعدم السماح بالقضاء التام على تنظيم داعش في منطقة الشرق الأوسط.
وحذر «الطحاوي» من أن التحركات التركية، تستهدف تدمير منطقة الشرق الأوسط، لإعادة تشكيل دولها، بحيث لا يكون هناك وجود لدولة قوية سوى تركيا، بما يجبر العالم على منحها حق إعادة الأمن للمنطقة، وبالتالى تتحول أنقرة إلى شرطى العالم في دول المنطقة، وهو ما يعد خطوة على سبيل تحقيق الحلم التركى باستعادة الإمبراطورية العثمانية.


ولفت إلى أن تركيا تحالفت مع التنظيم الدولى للإخوان، ومن ورائه قطر بأموالها، لإعادة داعش إلى سوريا، من بوابة المنطقة الآمنة، مضيفا: «وهذا ما يفسر أن تركيا لم تبدأ عمليتها العسكرية فعليا، إلا بعد إعلان الولايات المتحدة قرب الانسحاب من سوريا، إذ إن هذا يشير إلى أن أردوغان لا يريد أن تخرج أمريكا من سوريا قبل أن يكون تغيير الواقع قد بدأ بالفعل، حتى لا يجد نفسه في مواجهة روسيا، التى قد تجبره على التوقف، إذا وجد نفسه وجهًا لوجه أمامها».



نبع السلام المزيف
بدوره أيد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، التحليل السابق، موضحًا أن اختيار تركيا اسم «نبع السلام»، لإطلاقه على عمليتها العسكرية في الأراضى السورية، ليس سوى تزييف وتضليل، يخفى الهدف الحقيقى من هذه العملية، وهو إعادة تنظيم داعش الإرهابى إلى هناك.
وتوقع «بدر الدين» أن تعمل تركيا على نقل قيادات الإخوان، المقيمين على أراضيها، إلى جوار تنظيم داعش، في المنطقة الشمالية السورية، التى ستخضع لتركيا، ليكونوا جميعا بمثابة جبهة موحدة، تحمى تركيا من الأكراد، ومن احتمالات إقامة دولة مستقلة لهم، وكذلك تسهم في إثارة القلاقل بالدول المجاورة، لا سيما مصر والعراق. 
وشدد أستاذ العلوم السياسية، على أن عملية «نبع السلام» المزيفة، ستنتهى بتقسيم سوريا إلى عدة مناطق لا تخضع لسيطرة الدولة المركزية، تمهيدًا لإقامة دول ترضى عنها تركيا وإسرائيل.


انتهاكات معتادة
من جانبه، أكد محمد ربيع، الباحث في الشأن التركي، أن الانتهاكات التركية للأراضى السورية، باتت من الأمور المعتادة، في ظل صمت العالم عن عقاب تركيا، على تدخلها في شئون دول المنطقة. وأوضح أن العمل العسكرى التركى في شمال سوريا، سيكون له رد فعل وخيم، وسيدفع أردوغان ثمنًا باهظًا له، حتى لو لم يصل الأمر إلى فرض عقوبات اقتصادية، وسياسية ضده. كما سيكون مكلفًا للغاية على الصعيد الاقتصادي، خاصة أن الاقتصاد التركى ضعيف للغاية حاليًا، إضافة إلى أن الليرة التركية، خسرت أمس فقط، ٨٪ من قيمتها. ولفت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، لن تبقى بمفردها في مواجهة الأطماع التركية، وإنما سيكون بجانبها الجيش السوري، وكذلك روسيا، رغم أنها أعلنت عن كونها لا تعلم شيئًا عن الانسحاب الأمريكى من سوريا.
وأوضح «ربيع» أن كل ما يفعله أردوغان، يصب في خانة استعادة التعاطف من قبل الشعب التركي، فهو مجرد تحرك عسكرى شعبوي، يرغب من خلاله في جذب تعاطف بعد أن بدأ الشعب يلفظ سياسات أردوغان، وانتهاكاته لحقوق الإنسان في الداخل التركي.


الحلم الإمبراطورى 
فيما أكد بشير عبدالفتاح، الخبير في الشئون التركية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أن أطماع تركيا داخل الأراضى السورية، لن تتوقف عند حد معين، بل إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يخطط لفرض سيطرته على أكبر قدر من المساحة داخل الأراضى السورية، لإعادة الإمبراطورية العثمانية مرة أخرى إلى الحياة، حتى ولو جزء من الأراضى السورية. 
ولفت إلى أن الأطماع التركية في سوريا أصبحت الآن واضحة وضوح الشمس، فمنذ اندلاع الأزمة في سوريا، والكل يعرف حقيقة ما تقوم به تركيا من دعم الجماعات المسلحة بهذه المنطقة، وهو ما تمادى فيه أردوغان بعد الانتصارات المتلاحقة التى حققها الجيش العربى السوري، في حلب وريف دمشق والرقة وغيرها من المدن، التى أصبحت تحت السيادة السورية الآن. 
وأشار إلى أن تركيا تحاول السيطرة على منطقة عفرين، ووضع قوات تركيا فيها ونشر مئات الجنود والدبابات والآلات العسكرية، في محافظة إدلب، التى تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، التابعة لجبهة النصرة، الذراع اليمنى لتنظيم القاعدة، وأقامت هناك ٣ قواعد عسكرية، الأمر الذى يظهر حقيقة أردوغان، وتعاونه مع الجماعات الإرهابية المسلحة من أجل أهدافه الخاصة.
وأكد «عبدالفتاح»، أن الهدف غير المعلن لتركيا هو بترول هذا الإقليم، حتى وإن كان الهدف الظاهري، للتمدد التركى في الأرض العربية، هو مزاعم مواجهة الأطماع الكردية، التى تهدد تركيا، لافتا إلى أن ما يحرك تركيا حاليًا هو رغبة محمومة في الفوز بالبترول السوري، دون مقابل، وهو ما يفسر أيضا امتداد أطماع تركيا إلى شمال العراق.
وأضاف: «توغل قوات تركيا الآن، في منطقة عفرين السورية، ليس إلا إحدى حلقات الأطماع، وإن لبست رداء مقاومة الأكراد، وهنا لا ننسى أيضًا كيف تمددت تركيا تحت حكم أتاتورك، واستولت على إقليم الإسكندرونة السوري، وأهم مدنه أنطاكيا، وذلك عام ١٩٣٨، عندما منحت فرنسا هذا الإقليم، خلال انتدابها على سوريا، إلى تركيا لتبعدها عن الانضمام إلى المانيا النازية، من أبناء الجنس الآري، الذى يجمع الأتراك مع الألمان». 
وتوقع «عبدالفتاح» ألا تنفذ تركيا عملية كبيرة في سوريا، بعد تهديد ترامب الأخير بتصفية الاقتصاد التركي، إذا قامت بعملية في سوريا، لكن ما تفعله هو لحفظ ماء وجه أردوغان أمام العالم. سيكون هناك عملية محددة بدون خسائر.



وأدى إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب في ديسمبر ٢٠١٨ بسحب قواته من سوريا إلى حالة من الارتباك في المشهد السورى نتج عنه تداخل في المواقف والاتجاهات التى تتخذ تجاه حل الأزمة السورية، فمع انحسار الإرهاب ولو بشكل جزئى في البلاد وتصريحات الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» حول انتهاء تنظيم «داعش» فعليًا في سوريا والعراق وما تلاه بعد ذلك من تغيرات في المشهد السورى من تقدم للقوات الحكومية السورية، والدخول بعد ذلك إلى سيناريوهات عدة لحل الأزمة، جاء الموقف التركى الحالى ليعيد تعقيدات المشهد السورى من جديد، إذ إن عملية «نبع السلام» كما أسمتها تركيا تعد الهجوم الثالث من نوعه الذى تقدم علية تركيا في سوريا منذ عام ٢٠١٦. فقد أدت التطورات الميدانية التى تحققت على الأرض إلى تغير أنماط المعادلة حول كيفية إدارة أطراف الصراع للأزمة السورية حيث بات على تركيا أن تتخذ شكلا جديدا في التعامل مع هذه الأزمة خاصة أن أى نجاح تحققه الحكومة السورية على الأرض يعنى انهزام المشروع والمصالح التركية هناك.
دوافع خفية
وضعت تركيا أربعة أهداف أساسية لهذه العملية وفقا لما أشارت إليه الخارجية التركية من أن العملية تسعى بالأساس إلى: (تطهير المنطقة من الإرهابيين، ضمان سلامة الحدود، ووحدة الأراضى السورية، تمكين المهاجرين من العودة لمنازلهم بسلام وأمان، إحلال السلام والاستقرار بالمنطقة).
وبالنظر إلى الدوافع الأخرى الخفية جراء هذه العملية فإن تركيا تسعى إلى التخلص من قوات سوريا الديمقراطية على الأرض والتى ترى فيهم أنهم يمثلون خطرا على أمنهم القومى خاصة أنهم على علاقة بحزب العمال الكردستانى والتى ترى أنها منظمة إرهابية، أما فيما يتعلق بسلامة الحدود وتمكين المهاجرين من العودة إلى بلادهم فإن تركيا هى أحد أبرز الفاعلين في أزمة اللاجئين السوريين عام ٢٠١٥، كما أن التصريح الأخير للرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» حول إغراق أوروبا باللاجئين السوريين إذا وصفت العملية بالاعتداء العسكرى يؤكد على نوايا النظام التركى في التوغل بالعمق السوري.
سيناريوهات
سيناريوهات عدة، قد تصل هذه العمليات العسكرية إلى سيناريوهات عدة يمكن الإشارة إليها وما يترتب عليها من خلال النقاط التالية: 
تصاعد الاشتباكات: قد ينتج عن هذه العملية تصعيد الموقف بين الأكراد من جهة ومن جهة أخرى القوات التركية الأمر الذى يعنى اشتعال الصراع على الأرض مما يفتح المجال أمام الولايات المتحدة للعودة وبقوة مرة أخرى وسيكون الأكراد في هذه الحالة هم وقود هذا الصراع، خاصة أن هناك أنباء تشير إلى أن الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» ومن خلف الستار أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ هذه العملية، ومما يؤكد هذا الطرح هو أن القوات الأمريكية المتواجدة هناك والتى تقدر بـ ١٠٠٠ مقاتل لن تتمركز في المناطق الحدودية بين البلدين. 
أيضا قد تؤدى هذه العملية إلى تصاعد حدة الإرهاب في سوريا وتنامى ظهور تنظيم «داعش» مرة أخرى بالإضافة إلى الجماعات المسلحة الأخرى خاصة أن تنظيم داعش ووفقا لتقارير أممية بات يمتلك حواضن وخلايا نائمة ومثل هذه الفوضى تتيح له العود والانتشار مرة أخري.
تصدير أزمات: كانت الأزمة السورية وما زالت تعنى للرئيس التركى الأداة الأقوى في تعزيز حكم الرجل الواحد وتصدير الأزمات، حيث دعمت الحكومة التركية العناصر الإرهابية والمتطرفة التى تقاتل هناك فقد أتاح الصراع السورى الحلم أمام الرئيس التركى لتمديد أجنحته خارجيًا، ولكن أدت هذه السياسة إلى الكثير من التبعات على حزب «العدالة والتنمية» فقد تقلصت سيطرة الحزب على الكثير من المدن الكبرى في الانتخابات البلدية التى أجريت هذا العام، وهى تعتبر ضربة قاسمة للرئيس التركى إضافة إلى تصاعد في الأزمة الاقتصادية، وهو ما قد يفسر دافعا للرئيس التركى إلى شن هذه العملية في مسعى منه إلى تصدير ما يعانى منه داخليًا نحو الخارج. 
تغير في التركيبة العرقية 
قد يكون الهدف من العملية العسكرية التى تقوم بها تركيا حاليًا هو إحداث تغير في التركيبة العرقية في المناطق الحدودية مع بلاده، حيث قد يسعى «أردوغان» إلى توطين اللاجئين السوريين في المناطق الحدودية القريبة منه وبالتالى فإن ذلك سيقوض من التركيبة العرقية لهذه المنطقة ويحد من سيطرة الأكراد عليها لكن هذا سينتج عنها صراعات عربية كردية وبموجب القانون الدولى لا يمكن إجبار اللاجئين السوريين على العودة، كما أن هذه الفكرة إن طبقت على الأرض فستضع الولايات المتحدة والدول الداعمة للأكراد في الحرب على «داعش» في مأزق أخلاقى بضرورة الدفاع عنهم. 
وفى ذات السياق، فإن الطرح الذى قدمه الرئيس التركى في خطابه الأخير بالجمعية العامة للأمم المتحدة حول إنشاء منطقة عازلة كبيرة على طول الحدود السورية مع تركيا بعمق ٢٠ ميلا وطول ٣٠٠ ميل تحت السيطرة التركية تعزز هذا الطرح، خاصة أنه تحدث عن أن هذه المنطقة ستضم ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين لاجئ. 
وختامًا، يمكن القول إن الفصيل الكردى في سوريا بات يواجه أزمة مصيرية إن لم تحل قضيته بشكل جذرى وإذا حدث وتصاعدت العمليات العسكرية في سوريا فإن الأكراد هم أول من سيتوجهون إلى الحكومة السورية من أجل عقد اتفاقات تهدئة تحميهم من بطش النظام التركى الذى يضع في حسبانه العديد من الأهداف الخفية التى قد تؤدى إلى إحداث صراعات كبيرة في سوريا بين الأكراد كفصيل واللاجئين السوريين ما يعنى الدخول في صراعات إثنية تجلب مزيدا من الدمار والخراب لسوريا، كما أن المنطقة الآمنة التى تسعى تركيا إلى إنشائها قد تتحول إلى ما يشبه «المقبرة» للقوات التركية أو أى قوات أخرى.