الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

القصة الكاملة لملحمة كبريت وعيون موسى

عيون موسى
عيون موسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد "معركة كبريت" من أكثر المعارك التي أظهرت بسالة وجدية المقاتل المصري أثناء حرب أكتوبر ظهر ذلك في صمودهم أمام الحصار والذي كان أطول حصار خلال الحرب، وتم الاستيلاء على المنطقة ومعها عيون موسى في مثل هذا اليوم 10 أكتوبر من عام 1973 في أيام حرب أكتوبر العظيمة.
وكانت مهمة الكتيبتين 601 و603 محددة في إشغال العدو والتمويه والتصدي له عند منطقة الممرات وتحديدا ممرا متلا والجدي، بدأت عملية الاقتحام في هذا الوقت باقتحام البحيرات المرة الصغرى تحت غطاء من نيران المدفعية والقصف الجوي المصري في الواحدة والنصف ظهرا، أي قبل العبور بنصف ساعة ثم التحرك شرقا على طريق الطاسة ثم طريق الممرات بهدف الاستيلاء على المدخل الغربي لممر متلا، مضت الكتيبة نحو الممرات، كان الهدف هو منع العدو القادم من التقدم إلى سيناء وكانت مهمة كتيبة أن تتحرك باتجاه ممر متلا والأخرى تتحرك باتجاه ممر الجدي.
كانت النقطة الحصينة في كبريت مقرا لإحدى القيادات الإسرائيلية الفرعية، ضمن خط بارليف وملتقى الطرق العرضية شرق القناة، وهو الأمر الذي عكس أهمية القاعدة إذ يمكن من خلالها السيطرة على كافة التحركات شرق أو غرب منطقة كبريت، وهي تقع في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث المصريين، وعلاوة على ذلك تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبرى والصغرى والمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي عند هذه المنطقة لا تزيد على 500 متر، وتوجد في الوسط جزيرة يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس الباسلة.
كان هذا الموقع الذي تمت إقامته في "كبريت" يتحمل الموجات الانفجارية لجميع أنواع القنابل حتى زنة ألف رطل. وكان يتوفر داخل النقطة إمكانات الاكتفاء الذاتي لمدة شهر ويزيد، وغرفة عمليات جراحية كاملة التجهيز وكميات كبيرة من الأدوية والمعدات الطبية.
واقتحام الموقع جاء بعدما وصلت معلومات للقيادة العامة للقوات المسلحة تفيد بأن الإسرائيليين بدءوا في تجميع قواتهم نحو نقطة كبريت للقيام بعملية اختراق عميق للقوات المصرية، وكانت النقطة القوية في كبريت لم تسقط بعد في العبور الأول فكلفت الكتيبة 603 مشاة باقتحام هذه النقطة والاستيلاء عليها.
وبالفعل في تمام الساعة 6:30 من يوم التاسع من أكتوبر تحركت الكتيبة في اتجاه كبريت، وكانت الخطة تقضي باستغلال نيران المدفعية والدبابات لاقتحام الموقع من اتجاهي الشرق والجنوب بسرية مشاة، في الوقت الذي تقوم باقي وحدات الكتيبة بعزل وحصار من جميع الاتجاهات لمنع تقدم قوات احتياطي العدو الإسرائيلي وتمت مهاجمة النقطة القوية واقتحامها الساعة 21:30 نفس اليوم.
قام بإبلاغ قيادته بتنفيذ المهمة وانتظر الأوامر. وجاء الرد للمقدم إبراهيم عبد التواب بالاستمرار في تنفيذ المهمة والتمسك بالموقع والسيطرة على المنطقة المحيطة به مهما كلف ذلك من تضحيات، وكلف قائد الكتيبة عناصر المهندسين بزرع حقول الألغام المضادة للدبابات على طرق الاقتراب المحتملة للقوات الإسرائيلية وتجهيز مداخل المنطقة بحقول ألغام.
وتفاصيل الحصار بدأت بعد ثلاثة أيام من الاستيلاء على الموقع كانت تحركات العدو تشير إلى استعداده للهجوم لاستعادة النقطة، فرأي قائد الكتيبة ضرورة القيام بخطة مضادة لإفشال الاستعدادات الإسرائيلية وذلك بتنفيذ غارات ليلية على القوات المتجمعة بالقرب من النقطة وإحداث أكبر خسائر بها، وكانت الغارات تتكون من ضابط وأربعة أفراد فقط وقد أدت هذه الغارات إلى إشاعة الذعر بين صفوف الإسرائيليين وتكبيدهم خسائر كبيرة.
كانت الغارات الجوية مستمرة، بمعدل غارة كل 5 دقائق. أكثر من 2500 طن من مادة 'T.N.T' تم إلقاؤها من الطائرات على الموقع، وبدأت مواقع المدفعية الإسرائيلية المجاورة توجه ضرباتها إلى موقع كبرىت غير أن إبراهيم عبد التواب طلب من أفراد الكتيبة عدم الرد إلا بإشارة منه، وطلب من الجميع أن يبقوا في وضع الاستعداد.
كان الملازم سامي حجازي مسئولا عن نقطة المراقبة الخارجية وكان يبلغ المعلومات إلى القيادة أولا بأول، وفي هذا الوقت أبلغ بتقدم الدبابات الإسرائيلية بنحو 20 دبابة من جهة الغرب، غير أن الدبابات دخلت في حقل ألغام كانت قد زرعته القوات المصرية.
هنا أصدر القائد إبراهيم عبد التواب أوامره بالضرب والهجوم، فأصيب الإسرائيليون بحالة من الذعر الشديد وتم تدمير نحو 16 دبابة إسرائيلية مما اضطر الآخرين إلى الهروب.
حاولت سيارة إسرائيلية الاقتراب من الموقع، فقام أحد أفراد الكتيبة بضربها، فانقلبت وتم أسر ثلاثة جنود إسرائيليين كانوا على متنها. وأثناء التحقيق معهم، كشف الأسري عن غارة إسرائيلية ضخمة يعد لها بهدف دك الكتيبة في الخامسة مساء، وبالفعل أربع طائرات فانتوم دكت الموقع بشراسة. ولكن رغم ذلك ظلت القوات صامدة. ولم يستطع الإسرائيليون اقتحام الموقع مجددا.
تم تدمير 27 دبابة وعربة مدرعة إسرائيلية مدمرة حول الموقع، واستشهد معظم أفراد الكتيبة وعلى رأسهم المقدم إبراهيم عبد التواب الذي استشهد في يوم 14 يناير 1974 وحينما أحس الإسرائيليون باستشهاده، لم تخرج طلقة واحدة بعد ذلك في ذلك اليوم، للتعبير عن احترامهم لاستبسال هذا الرجل في الدفاع عن موقعه.
ظلت الكتيبة صامدة في موقعها لمدة 114 يوما حتى جاء يوم 20 فبراير 1974 وانسحبت إسرائيل إلى خط المضايق الجبلية تنفيذا لاتفاقية فك الاشتباك ورفع الحصار عن الموقع.