الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

من ذاكرة ماسبيرو.. "الشعراوي" يجيب ببساطة عن السؤال الصعب: هل الإنسان مسيرًا أم مخيرًا؟

الشعراوى
الشعراوى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تعرض الداعية الإسلامى الراحل، الشيخ محمد متولى الشعراوي، في برنامجه الشهير «نور على نور»، الذى كان يقدمه الإعلامى الراحل أحمد فراج، للحديث عن «القضاء والقدر»، ومحاسبة الإنسان على أفعاله، قال: «من الإنصاف أن نقول إن الإسلام هو المنهج الوحيد، أو الدين الوحيد، الذى استطاع بوضوح، أن يضع النقاط على الحروف، في هذه المسألة، ليقنع القلب والعقل والوجدان معًا».
واستدرك «الشعراوي»، قائلًا: «لكن النقص نشأ من أن مناهج الديانات السابقة، لم تصلنا كما أنزلها الله على رسله، بل وصلت محرفة، ومن ثم فليس العيب في الدين، وإنما العيب في نقل ذلك الدين، وهل الإنسان مسيرا أم مخيرا؟، مجبر أم مختار؟».
وأوضح كيف تنشأ المشكلة من الأساس؟؛ مشيرًا إلى أنه «إذا كنت مثلا تحكم على إنسان، أهو كريم أم بخيل، لا تنشأ هذه المشكلة في الحكم، إلا إذا رأيت له بعض التصرفات، كان فيها كريمًا، وبعض التصرفات كان فيها بخيلًا، فترددت في المسألة؛ أهو كريم أم بخيل؟!، ولو أن كل التصرفات التى أخذتها عليه «كرمٌ» ما نشأت المشكلة، ولو كانت كل تصرفاته تعكس البخل ما كان هناك داع للتساؤل: أم هو كريم؟، إذًا فترديد الأمر: أهو كريم أم بخيل؟ يدل على أن تصرفات حدثت منه تثبت أنه كريم، وتصرفات أخرى حدثت منه تثبت أنه بخيل».
وأضاف «الشعراوي»: «لو كان في ظاهر الحياة، أن الإنسان يرى نفسه مجبرًا على كل أعماله، لما نشأت فكرة أهو مخير؟ ولو أنه كان مخيرًا في كل أعماله، ما نشأت فكرة أهو مسير؟ إذًا الإنسان يجد أفعالا كثيرة تحدث فيه، بدون اختيار منه، فيرى أنه لم يعد له اختيار، فهو مسير فيها، وأشياء كثيرة تقع على حسب ما قدر واختار، فهو يريد أن يلبس بدلة لونها كذا، ويريد أن يأكل طعاما مذاقه كذا، ويريد أن يتعلم في مدرسة كذا، ويريد أن يعمل كذا، فتقع الأمور كما يقرر أو يريد، أو قريبا من ذلك، إذًا فهناك أمورٌ يكون للاختيار دخلٌ فيها، وأمورٌ ليس للاختيار دخلٌ فيها، ومن هنا نشأت المشكلة».
وللإجابة عن سؤال: هل الإنسان مسير أم مخير؟ قال الشيخ الشعراوى (رحمه الله): «لا بد أن نعرف حقيقة هذا المحكوم عليه، ما هو الإنسان أولا؟ الإنسان كائن من الكائنات الموجودة في الأرض، وليس الجنس الوحيد فيها، وهناك أجناسٌ أخرى تشاركه في الوجود، ولكن بالاستقراء وجدنا أن الإنسان أقوى هذه الأجناس، وكل الأجناس في خدمته، وأقرب الأجناس إليه من جهة الدنو، المدركة بالحس، الحيوانات، وتحت الحيوانات النباتات، وتحت النباتات الجماد».
وتابع «الشعراوي»: «إذًا فالأجناس الموجودة؛ جماد ونبات وحيوان وإنسان، والنبات امتاز عن الجماد بالنمو، وصار جنسًا برأسه، والحيوان امتاز عن النبات بشيء من الحس والحركة، أما الإنسان فامتاز عن الحيوان بالفكر، بمعنى المقياس الذى يختار بين البدائل، أى أن الأمر الذى لا بديل فيه، لا عمل لعقلك فيه، إذا عمل العقل؛ أفعله أم لا أفعله؟. إذًا هناك بديل، وما دام هناك بديل فعقلك يرجح ويختار، أما الأمور التى لا بديل لها، فلا عمل للعقل فيها أبدًا».
وأضاف: «إذًا فالإنسان رغم كونه أعلى الأجناس، ففيه حيوانية، وفيه نباتية، وفيه جمادية، فما فيه من قدر الجمادية والنباتية والحيوانية، فأنا مسيرٌ فيه كالجماد والنبات والحيوان، إذا رفعت نفسى سأسقط كقطعة الحجر، بأن يتحكم في قانون الجماد، والجاذبية تشدنى أيضًا فأنمو، ولا دخل لى في ذلك النمو، وليس لى عملٌ فيه بالمرة..».
وتابع «الشعراوي»: «فأنا أحس وأتحرك، لكن ليس لى عمل بهذا الإحساس أو تلك الحركة، ولا إدارة دواليب جسمى وأجهزته، ولا أعرف كيف تدور الدورة الدموية، ولا أعرف كيف تقوم الرئة بعملها، ولا الجهاز البولي، ولا الجهاز التناسلي، ولا الهضمي، ولا أى جهازٍ آخر، لا أعرفُ شيئًا من هذا، وما في الإنسان من الحيوانية، فهو مسخر فيه، كالحيوان تمامًا، ولا اختيار له في شيء».
واختتم الداعية الإسلامى الراحل، الشيخ محمد متولى الشعراوي، بقوله: «من رحمة الله بي، أن جعلنى مسيرًا في ذلك كله، وإلا تؤجل إدارة أجهزة جسمى إلى أن يصير لى عقل، وأعرف أدور أجهزة الجسم، فمن رحمته سبحانه وتعالى أن جعل الإنسانَ مسيرًا، ولا عمل له في هذه المسألة».