الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أردوغان يقتحم شمال سوريا وسط رفض دولي ومخاوف من عودة "داعش"

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكرت مصادر دبلوماسية، الأربعاء، أن كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة تقدموا في مجلس الأمن بطلب عقد اجتماع طارئ مغلق لمجلس الأمن، لبحث الهجوم التركي في سوريا.
وكان رئيس مجلس الأمن الدولي الحالي جيري ماتيوس ماتجيلا قد دعا تركيا صباح الأربعاء إلى "تجنب المدنيين" و"ممارسة أقصى درجات ضبط النفس" خلال عملياتها العسكرية في سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن الأربعاء، عن بدء العملية العسكرية شمال شرقي سوريا، مستهدفا ما قال إنها "تنظيمات إرهابية"، على حد تعبيره.
وقال الرئيس التركي، الذي أطلق على العملية اسم "نبع السلام"، إن "الجيش أطلق العملية العسكرية ضد تنظيمي "بي كا كا" و"داعش" الإرهابيين، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وأوضح مسئول أمني تركي أن العملية العسكرية في سوريا بدأت بضربات جوية وتدعمها نيران المدفعية ومدافع الهاوتزر.
وتتزايد المخاوف من عودة تنظيم "داعش" الإرهابي للظهور على الساحة، وذلك بالتزامن مع تعليق قوات سوريا الديموقراطية كافة عملياتها ضد تنظيم داعش.
وجاء هذا التعليق بعد ساعات قليلة من إعلان تركيا بدء عملية عسكرية واسعة النطاق ضد القوات الكردية في شمالي سوريا.
من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مسئولين أمريكيين ومصدر عسكري كردي قولهم، إن المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن أوقفوا عملياتهم ضد تنظيم داعش في سوريا مع بدء تركيا هجوما عسكريا في شمال شرقي البلاد.
وقال المصدر العسكري الكردي لرويترز، إن "قوات سوريا الديموقراطية أوقفت العمليات ضد داعش لأنه يستحيل تنفيذ أي عملية في الوقت الذي تتعرض فيه للتهديد من قبل جيش كبير على الحدود الشمالية".
في السياق ذاته، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا حالة "النفير العام" مطالبة بالاحتشاد على الحدود مع تركيا.
وجاء في بيان صادر الأربعاء، عن الإدارة الذاتية "نعلن كإدارة ذاتية في شمال وشرق سوريا حالة النفير العام لمدة ثلاثة أيام على مستوى شمال وشرق سوريا، ونهيب بكافة إداراتنا ومؤسساتنا وشعبنا بكل مكوناته التوجه إلى المنطقة الحدودية المحاذية لتركيا للقيام بواجبهم الأخلاقي وإبداء المقاومة في هذه اللحظات التاريخية الحساسة".
وأضاف بيان الإدراة الذاتية "ننادي كافة أبناء شعبنا بكل مكوناته في كردستان وكافة أرجاء العالم للقيام بواجبهم تجاه أرضهم وشعبهم في الداخل والقيام بالاحتجاجات والاعتصامات في كافة أماكن تواجدهم وخاصّة في دول المهجر".
ووضع البيان المؤسسات الدولية في موقف المسئولية، وقال "نحمّل الأمم المتحدة بكافة مؤسساتها والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا وكافة الدول والمؤسسات صاحبة القرار والتأثير في الشأن السوري كامل المسئولية الأخلاقية والوجدانية عن أي كارثة إنسانية تلحق بشعبنا في شمال وشرق سوريا".
وبعد أن ظلت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، الطوق الملفوف على رقبة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، جاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمالي سوريا، ليمهد الطريق أمام عملية تركية يرى الكثيرون أن نتائجها ستكون كارثية، وأخطرها عودة "داعش" لدائرة الضوء مجددا.
وحذر المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، من خلال تغريدة في حسابه الرسمي بتويتر، من مغبة الانسحاب الأمريكي، بقوله: "هناك المزيد من العمل الذي ينبغي إنجازه لمنع داعش من العودة مجددا، والمحافظة على الإنجازات التي تحققت في هذا الميدان".
وتابع بالي في تغريدة أخرى: "يوما ما عندما تستخدم تركيا مقاتلي داعش الأسرى كتهديد لأوروبا والعالم تماما كما استخدمت اللاجئين السوريين، سنذكّر الذين وثقوا بتركيا بأن صمتهم كان السبب الرئيسي وراء ذلك".
وذكر أحد المسئولين الأمريكيين الذي طلب عدم نشر اسمه، أن تعليق قوات سوريا الديموقراطية كافة عملياتها ضد تنظيم داعش أثر أيضا على التدريب الأمريكي الخاص بقوات معنية بحفظ الاستقرار في سوريا.
وحثت ألمانيا بدورها تركيا على وقف عمليتها العسكرية في سوريا، وقال وزير خارجيتها هايكو ماس في بيان: "تركيا تخاطر بمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، وعودة نشاط تنظيم داعش. الهجوم التركي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة، وأيضا تدفقات جديدة للاجئين".
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف بدعمه للرئيس دونالد ترامب، فقد غرّد على حسابه الرسمي في تويتر قائلا: "لنصلي من أجل حلفائنا الأكراد الذين تم التخلي عنهم بشكل معيب من قبل إدارة ترامب"، مضيفا "هذه الخطوة ستضمن عودة ظهور تنظيم داعش".
من جانبه، طالب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر تركيا بوقف حملتها العسكرية ضد القوات الكردية بشمال سوريا. وقال يونكر في مبنى البرلمان الأوروبي "أطالب تركيا وبقية المعنيين بالتحفظ في التعامل العسكري ووقف الحملة المنطلقة فورا". وتابع يونكر "إذا كانت خطط تركيا تتضمن إقامة منطقة آمنة، فإن الاتحاد الأوروبي سوف لن يشارك ماليا في ذلك".
فيما قال رئيس الوزراء الإيطالي كونتي، إن العملية التركية في سوريا تهدد بزعزعة استقرار المنطقة وإلحاق الضرر بالمدنيين.
وظلت قوات سوريا الديمقراطية حليف الولايات المتحدة في قتال "داعش" بسوريا، وقد خسرت ما يقارب الـ11 ألف مقاتل خلال ذلك الصراع.
وتمكنت هذه القوات في مارس الماضي، من السيطرة على آخر معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا، ببلدة الباغوز بمحافظة دير الزور، إلا أن المقاتلين الأكراد يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بين رئيس أمريكي حريص على الوفاء بوعوده بإخراج الولايات المتحدة من دائرة الحروب الخارجية، وحكومة تركية تعتبرهم "إرهابيين" يهددون أمن بلادها.
وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة، تبرز مسألة أسرى "داعش" الذين كانوا حتى الآن تحت سيطرة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، حيث نقلت شبكة "إن بي سي" الإخبارية عن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني قوله، إن أعدادا كبيرة من المقاتلين الأكراد الذين كانوا مكلفين بحراسة عناصر من "داعش" توجهوا لصد الهجوم التركي.
وبحسب كوباني فإن ما يقارب 12 ألف إرهابي ممن كانوا تحت حراسة القوات الكردية، قد باتوا يمثلون الآن "أولوية ثانية" بالنسبة لهم، عقب الهجوم التركي.
ويرى مراقبون أن ما يجري من "توغل تركي" و"انسحاب أمريكي" يعد بمثابة شريان حياة لعودة الجماعات الإرهابية، التي يزدهر نشاطها وتعود للظهور في حالات الفراغ، كتلك الموجودة حاليا في شمال سوريا.
وتعليقا على إمكانية استغلال "داعش" للمتغيرات الجارية في الشمال السوري، نقلت "إن بي سي" عن أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس قوله: "المستفيد الأكبر من الانسحاب الأمريكي هو داعش. سيرى الجميع، وأتمنى أن أكون مخطئا، ظهور الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي، مستغلة العنف الدائر في شمال سوريا والهجوم التركي".
كذلك حذرت مديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة كارين فون هيبل، من أن انسحاب الأكراد من شمال سوريا وتركهم لمعسكرات الاعتقال الخاصة بمقاتلي "داعش" سيجعل المنطقة نواة لظهور نسخ جديدة من التنظيم الإرهابي.
وكان تقرير أمريكي قد حذر في يونيو الماضي من عودة أكثر خطورة لتنظيم "داعش"، مؤكدا أنه "يحضر لاستعادة أراض في سوريا والعراق، وبشكل أسرع".
وأوضح التقرير الذي أعده مركز دراسات الحرب بواشنطن، أن "داعش" لا يزال يحتفظ بشبكة مالية عالمية تمول عودته، وتمكنه من إعادة هيكلة عملياته للعودة.
وبين أن زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، كان "يعمل بشكل ممنهج على إعادة تشكيل التنظيم، للتحضير لموجة جديدة من العنف في المنطقة".
وأكد التقرير أن التباطؤ في مكافحة "داعش"، منحه فرصة للتخطيط للمرحلة الثانية من الحرب، مؤكدا أن هذا التباطؤ قد يساعد على تمدد التنظيم في كل من سوريا والعراق مرة أخرى.
وحذر التقرير من أن "داعش" أعاد تشكيل قدراته الأساسية نهاية العام الماضي، مما قد يمكنه من شن هجمات أكبر في الأشهر المقبلة.
ولفت أيضا إلى إمكانية "داعش" شن سلسلة من الهجمات في أوروبا، معتبرا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخطأ بالإعلان عن القضاء على التنظيم، ومغادرة القوات الأمريكية لسوريا.
ودعا التقرير الولايات المتحدة لاتخاذ تدابير عاجلة لتقويض إعادة ظهور "داعش" في العراق وسوريا، ولتوسيع عمليات المساعدات الإنسانية للتخفيف من جاذبية التنظيم الإرهابي الذي يستغل هذه النقطة.