الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضفضة حول القومية العربية «5»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«عبدالناصر» والقومية العربية
يقوم مفهوم القومية العربية على الاعتزاز بالانتماء إلى الأمة العربية التى تجمعها لغة وثقافة وتاريخ وجغرافيا ومصالح واحدة، وفى مطلع القرن العشرين كانت القومية العربية هى القاطرة التى قادت حركات التحرر من النفوذ التركى بعد سقوط الخلافة العثمانية ومجيء الاستعمار الأجنبي، وتحول دولة الخلافة الإسلامية إلى احتلال تركى يحكم الأجزاء التى لم تقع بعد تحت الاحتلال الأجنبى من الوطن العربي، وهى بلدان المشرق العربي، التى لم تلبث أن ثارت على هذا الاحتلال، فيما عُرف بالثورة العربية الكبرى، التى اعتبرت أحد أبرز تجليات القومية العربية بشكلها المعاصر.
وباعتبار ثورة 23 يوليو 1952، التى كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أهم قادتها وأبرز رموزها، نقطة تحول كبرى، ليس في تاريخ مصر فقط، وإنما في تاريخ الأمة العربية كلها فقد حظى عبدالناصر بما لم يحظ زعيم آخر بحب شعوب هذه الأمة، ولم يؤثر في هذه الشعوب زعيم مثلما أثّر جمال عبدالناصر، بتوجهه القومي، وبخطبه التى كانت تنتظرها الجماهير العربية بلهفة، وتتجاوب معها وهى على بعد آلاف الأميال من مصر العروبة، التى اكتسبت صفتها هذه من خطب عبدالناصر، ومن مواقفه الوطنية والقومية.
وازداد سطوع نجم جمال عبدالناصر في العالم العربي، خاصة بعد انتصاره في أزمة السويس وفشل العدوان الثلاثى على مصر.
ولعبت إذاعة «صوت العرب» دورًا كبيرًا في إشعال حماس الجماهير العربية، ببثها لخطب عبدالناصر، ونشرها لأفكار عبدالناصر القومية بين الجماهير العربية، حتى أصبح عبدالناصر، بهذه الأفكار التى كان يدعو إليها، زعيمًا لا ينازعه أحد، فتربع على عرش قلوب أبناء الأمة العربية.
وجاء إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وتأسيس «الجمهورية العربية المتحدة» ليرفع من أسهم عبدالناصر لدى الجماهير المتعطشة للوحدة، فصارت تهتف له، وتتخذ منه النموذج الأول، وربما الأوحد في تلك المرحلة، للقيادة والزعامة. ثم أصبح عبدالناصر خطرًا يهدد الغرب بدعواته لإنهاء الاحتلال والتبعية لدول الغرب ومساعدته الكثير من حركات التحرر في البلدان العربية ودعمهم ماديًا ومعنويًا فأخذ الغرب في إعداد المؤامرات ضد عبدالناصر فمن العدوان الثلاثى وسحب البنك الدولى تمويل السد العالى بالإضافة إلى فشل الوحدة بين مصر وسورياحتى نكسة 67.
ورغم كل هذه الانتكاسات إلا أن شعلة القومية العربية لم تنطفئ، وظلت مصر، بزعامة عبدالناصر، تلعب دورًا مهما في قيادة الأمة العربية. وكانت آخر جهود عبدالناصر مؤتمر القمة العربى الطارئ الذى عُقد في القاهرة يوم 27 سبتمبر 1970، لإطفاء نيران الخلاف بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهو المؤتمر الذى تعرض عبدالناصر في ختامه لنوبة قلبية، لتفيض روحه إلى بارئها، ويعم الحزن الوطن العربى من مشرقه إلى مغربه، وتنتهى حقبة حافلة، ليس من تاريخ مصر وحدها، وإنما الأمة العربية كلها، إن تاريخ عبدلناصر ليذكرنا بتاريخ محمد على باشا عندما بدأ يصنع نهضة تنموية زراعية وصناعية وتعليمية كبيرة في مصر وبدأ أيضًا في التوسع وضم البلدان العربية واحدة تلو الأخرى حى وصل على أبواب الأستانة مقر الباب العالى أو السلطان العثمانى بدأ الغرب بالتآمر عليه واجتمعوا وحاربوه جميعًا ودمروه وكتبوا معاهدة لندن 1840 والتى وضعت نهاية مأساوية لمحمد على باشا. 
وللحديث بقية......