الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المحررون العسكريون جنود الوطن الذين دافعوا عنه بأرواحهم وأقلامهم..أشهرهم "الغيطاني وقبضايا ومباشر والكنيسي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت الصحافة بالطبع هي مرآة حرب أكتوبر، كانت تطمئن الجماهير الذين طالبوا رئيس بلادهم حينذاك بالحرب ضد من احتلوا أرضهم، حتى قامت الحرب ورصدها مجموعة من الصحفيين العسكريين الذين حاولوا نقلوا بطولات وأعمال الجيش المصري للمجتمع وكيف أنه ضحى بدمائه.

كان المحرر العسكري وقتها هو الآخر محارب بقلمه، يدافع عن وطنه وينشر الحقائق والصورة من أرض المعركة، ويتعرض هو الآخر لخطر كبير، ونرصد من خلال التقرير التالي عددا من اللقطات التي عاصرها المحررون العسكريون سواء الباقين على قيد الحياة حتى الآن أو من وافتهم المنية وكتبوا شهادتهم التي سجلها التاريخ كمرجع هام مثل الراحل صلاح قبضايا والذي لقب بعميد المحررين العسكريين، والراحل جمال الغيطاني.


جمال عبدالرحيم 
قال جمال عبدالرحيم، وكيل نقابة الصحفيين، إن مصر عرفت الصحافة العسكرية منذ أكثر من خمسة آلاف عام أي قبل أن يطرق الآخرون هذا الميدان، مضيفا أنه من صفحات التاريخ نعرف أن أقدم صحيفة عسكرية قد نقشت على الحجر من وجهين وأشرف على تحريرها من يدعي "بتاح" وقد جرى توزيعها على قادة الجيش وعدد من الحكام وبلغ مجموع نسخها مائة نسخة تقريبًا.
وتابع عبدالرحيم، وقد نحت الفنان المصري في صدر الصحيفة صورة الفرعون " مينا" "نارمر" ومن حوله لفيف من الأسرى قطعت رءوسهم ووضعت بين أقدامهم، واشتملت موادها على أنباء المعارك وذكريات القادة وأعمال الجنود، مشيرا إلى أن أول صحفي عسكري مصري ذاع صيته كان القائد المصري "ووني" من رجال الفرعون "بيبي الأول" من ملوك الأسرة السادسة وقد سجل أخبار معاركه على الحجر في طائفة من النقوش على أشتات من الآثار.
وأضاف عبدالرحيم، وكثيرة هي جهود المراسل الحربي المصري في ميادين القاتل، فمن فلسطين إلى سيناء ومنطقة القناة إلى سوريا فالجزائر فاليمن فسيناء مرة ثالثة فمنطقة القناة خلال معارك الاستنزاف، فالجبهة شرق وغرب القناة خلال حرب أكتوبر، فسوريا فالــيمن الجــنوبي كميــادين للعمليات..
وتابع "وفي حرب الإستنزاف وحرب أكتوبر الخالدة كان محمد عبد المنعم المحرر العسكري للأهرام هو الصحفي الوحيد الذي شارك في المعركة السيف والقلم معا فكان ضابط بالقوات الجوية والدفاع الجوي واستدعي للعمــليات برتبة الــرائد فكان يخدم كضابط بين صفــوف المقاتلين وفي الوقت نفسه يسجل بقلمه كصحفي ما يجري من معارك،.. فكان تسجيلا واقعيا ودورا مشرفا لم يتح لأحد غيره".
واستطرد "وفي خطة خداع العدو قبل حرب أكتوبر لم تجد القيادة العامة غيره لإشراكه في خطة الــخداع بخبر ينشر في الأهرام عن سماح وزارة الدفاع بسفر الضباط لإجراء العمرة فكانت القيادة تعلم انه ضابط وملتزم ونشر الخبر دون جلجلة وتفاخر وابتلعته مخابرات العدو".
وأكد وكيل نقابة الصحفيين "أنه خلال هذه المتابعة المستمرة سقط من الصحفيين والمصورين العسكريين شهيدان هما الصحفي بخيت أبو السعود من جريدة المساء والمصور حسن عبد القادر من جريدة الجمهورية، وتعرض آخرون للإصابة بنيران الأعداء من بينهم صلاح قبضايا المراسل الحربي لجريدة الأخبار وذلك في مسرح العمليات باليمن، وشارك كثيرون منهم في العمليات بصورة أو بأخرى فقد كان لجمال حمدي من روز اليوسف دور بارز خلال الثورة التي اشتعلت في عدن ضد قوات الاحتلال البريطاني، كما عاش كل من أحمد يوسف رئيس قسم التصوير بجريدة الأخبار وأنــطوان ألبير المصور بالأهرام وصلاح هلال رئيس قســم التحقيقات بالأهرام تحــت الحــصار الإسرائيلي في مدينـة العريش فـي يونيو (1967).

وترصد "البوابة" أبرز المحررين العسكريين وتجاربهم في ساحة القتال:

حمدي الكنيسي
عمل حمدي الكنيسي كمراسل حربى للإذاعة المصرية وقدم حينها برنامجى "صوت المعركة" و"يوميات مراسل حربى".
يقول حمدي الكنيسي، رئيس الإذاعة المصرية الأسبق، أنه كان ضمن مجموعة من الأدباء الذين قاموا بجمع توقيعات مع عدد من أدباء ومثقفين مصر في نهاية عام 1971 من أجل حث الرئيس السادات على الحرب، وقلنا له "هتحارب امتي ياريس، فالشعب كله كان قلق وينتظر كلمة واحدة وهي الحرب".
ويستعرض الكنيسي كيفية مشاركته في تغطية أحداث الحرب قائلا "بمجرد اندلاع الحرب مباشرة اتجهت لرئيس الإذاعة وقتئذ الإذاعى الراحل محمد محمود شعبان «بابا شارو» وقلت له أريد أن أتحرك لأكون المراسل الحربى للإذاعة، وأبدى الرجل دهشته ووافق بعد إعجابه بموقفى، وقلت له سأطالب باستدعائى للقوات المسلحة للقيام بهذا الدور، وساعدنى «بابا شارو» بالتواجد في المكتب العسكرى داخل ماسبيرو.
وواصل «الكنيسى»: «كان بالمكتب في هذه الفترة الفنان أحمد بدير، والإعلامى أحمد سعيد، لكننى كنت أتحرك كل يوم بعد الفجر إلى الجبهة ثم أعود مساءً إلى ماسبيرو وكانت العملية على قدر أنها مرهقة لكن سعادتنا كانت كبيرة لأننا نقوم بعمل وطنى وإعجاز كان ينسينى هذا المجهود، خاصة مع الصيام، ولم أشعر معه بالجوع نهائيا، وذلك بسبب أننى كنت أرى أمامى أناسًا تُضحى بحياتها ببساطة لمجرد حبها للوطن».
وتابع "بدأت التحرك وأخذت معى جهاز الاذاعة، وكنت أذهب يوميا من القاهرة إلى الجبهة بعد صلاة الفجر لأسجل لقاءات وبطولات مع جنودنا البواسل وأعود مع آخر ضوء إلى القاهرة لأفرغ تلك التسجيلات في مبنى الإذاعة والتليفزيون، أنا المذيع الوحيد الذى كان له برنامجان بإذاعتين في وقت واحد".

عبده مباشر
هو كاتب وصحفي من أبطال أكتوبر، وكان من الأصدقاء المقربين للزعيم الراحل أنور السادات، ومن المواقف الطريفة التى يحكيها مباشر أنه عندما كان السادات لا يرغب في الإعلان عن قرار الحرب حتى يجعله سريًا ومفاجئًا، كانت في تلك الأثناء هناك مظاهرة متجهة لمنزل السادات تضم مئات المتظاهرين الغاضبين، وكان مباشر مشاركًا في تلك المسيرة وعلم أن المسيرة ستتجه إلى فيللا السادات، فأخبر أسرته حتى يتمكنوا من مغادرة الفيلا، وقام مباشر بقيادة المسيرة بنفسه، الا أنه قادها لمكان آخر بعيد تمامًا عن منزل السادات في حركة تمويه يبدو أنه تعلمها من تجاربه في ساحات المعارك.
واعتبر انتصار أكتوبر هو الابن الشرعى لقرار الرئيس السادات مبررا ذلك بأنه دخل الحرب بدون قوة عظمى تقف بجواره، وأًضاف قائلا: "مخطئ من يظن أن روسيا كانت حليفًا استراتيجيًا في حرب أكتوبر، لأنها لم تنس أن السادات طرد الخبراء السوفييت، ولم تنس أيضًا خطوط الاتصالات السرية بين السادات وهنرى كيسنجر قبل الحرب"، واستطرد: "كانت روسيا تدرك أن السادات سيعطيها ظهره، أو بالعربى "سيبيعها" على عكس بعض الرؤساء العرب الذين يبحثون عن مصالحهم بصرف النظر عن مصلحة شعوبهم".
ودلل الكاتب الصحفى على أن روسيا لم تكن حليفًا استراتيجيًا بموقف بسيط وهو أن القوات المسلحة احتاجت أيام الحرب إطارات كاوتش "عجلات" للمقاتلات القاذفة، لتآكل الإطارات لكثرة الطلعات، لكن القيادة العسكرية الروسية رفضت بشكل دبلوماسى فأرسلت لنا أحذية كاوتش رجالى، كلها "شمال"، بدلًا من إرسالها إطارات المقاتلات القاذفة.
ومن المواقف العصيبة، التى رآها الفدائى عبده مباشر أنه أثناء وجوده مع الفريق فؤاد عزيز غالى قائد الغرفة 18 مشاة بالجيش الثانى الميدانى حدث هجوم مدرع على مركز العمليات الذى يدير منه المعركة في موقع متقدم، وكان عبارة عن 3 دبابات إسرائيلية وبحركة غير إرادية، وحتى دون أخذ الأوامر تحرك جنديان أحدهما "لف" لغمًا على صدره، ونام تحت الدبابة الإسرائيلية، فانفجرت بمن فيها، وقدم روحه فداءً للوطن، والثاني جلس في وضع قتالي، وأصاب الدبابة الثانية فتوقفت.

صلاح قبضايا.. 
كان يلقب بـ«عميد المحررين الصحفيين»، وبترشيح من مصطفى أمين التحق بـ«الأخبار» كمراسل عسكري لها في أوائل الستينيات، وظل ‏اسمه ملازمًا للجريدة لفترة من الزمن؛ حيث شارك كمراسل عسكري في عدد من الحروب، ‏وأصيب في حرب اليمن.‏
ويعد كتابه «الساعة 1405» أول كتاب عن حرب أكتوبر 1973 وأهم المراجع عنها، والتي نوه فيه ‏إلى أن عظمة حرب أكتوبر تتجلى في أنها أبرزت مدى صمود المقاتل المصري، موضحًا أن إرادة ‏الإنسان المصري تغلبت على كل المعوقات والصعوبات التي واجهته.‏
وتحدث في كتابه عن الضابط الذي ابتكر خراطيم المياه لفتح السواتر الترابية في خط بارليف الحصين، ‏مؤكدًا أنه تمكن من فتح ثغرات بواسطة طلمبات أو ماكينات ضخ للمياه، والذي أدى إلى انهياره في ‏لحظات معدودة.‏
وفي كتاب آخر له بعنوان: «مشاهد الضربة الجوية» تحدث عن الضربة الجوية وعملية العبور، و‏الساتر الترابي وتحصينات خط بارليف، وكيف خالف قائد القوات الجوية كل المعارضين للعمليات ‏الهجومية.‏