الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسرار جديدة عن استخدام البالونات في الدفاع الجوي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عرفت المشير الراحل محمد على فهمى أواسط السبعينيات حيث كان عضوا معى بنادى التوفيقية للتنس ودولاب ملابسه بجواري.. كان يتجنب الحديث معى عندما عرف أننى صحفي، وهو بطبعه لا يقبل على التحدث لوسائل الإعلام.
صديق لى دلنى على مفتاح الحوار، قال اجعله يتغلب عليك فى التنس، وقد كان، سألته عن ذكرياته فى حرب ٧٣ وقبل أن يحكى قلت له أريد أشياء لم تنشر، ابتسم وقال خطاب السادات يوم ٢٤ أكتوبر عام ٧٢ كان مفتاح النصر، قلت له كيف يا أفندم؟ فقال جمع السادات جميع قادة الأفرع الرئيسية ورئيس هيئة العمليات والقائد العام ورئيس الأركان وتحدث بصوت قوى واضح النبرات فبعث الأمل فى الجميع، قال حرفيا: "إن شاء الله ربنا يوفقكم، زى ما قلت لكم باعيد كلامي، لحظات قدر اتحطينا أمام التحدي صعب فيه تضحيات وآلام ودم ولكن يعلم الله أن مفيش أمامنا حل غيره.، حاولت بكل ما أستطيع والعامان اللذان توليت فيهما التخفيف منها ما أمكنش النهاردة زى ما قلت لكم احنا أمام اختبار قدر، هل إحنا موجودين وألا مش موجودين! بعد كل اللى عملناه واللى بنيناه ووفقنا فيه بالنسبة لشعبنا بالنسبة للعرب، بالنسبة لأمريكا بالنسبة لأوروبا والعالم كله هل إحنا موجودين أم لا سمعنا كلام كتير وتجريح أكثر، ولحظة لازم نواجهها محكوم علينا من الكل إن إحنا ناس لا قدرة لنا.. خلاص مشلولين.. وهيتحول الشلل لعجز مطلق..ونهائي..مش حاقبله.. نقبل القدر ونشتغل بأفضل ما يكون مستخدمين العقل الذى منحنا الله.. نستخدم إمكانياتنا كأفضل ما يكون وفى الحدود التى نستطيع تحملها.. بعد ذلك يفعل الله ما يشاء وعملنا اللى علينا.. ولن يخذلنا الله أبدا ما دمنا مؤمنين وعلى حق.
وأضاف «إحنا بنعوض نقص المعدات والسلاح بالإيمان والاستبسال..وهما أقوى من أى شيء..لا زلت مؤمنا بالعسكرى المصري.. ومؤمنا بإننا يمكن أن نعمل حاجة وأشرف لنا نموت وراسنا فى سابع سما عن أن نتخاذل ونقبل بأى حاجة..الشعب دا طيب وأصيل وإداكم اللى عنده.. وإذا كانت العملية على الكرسى ونقبل بأى حاجة وندخل فى عقول الناس أى تهريج وأى مزايدات وخلاص.. أنا معملش هذا أبدا.. ولا قيمة للكرسى عندى بدون كرامة... يوم ما أحس إنى مش كفء.. أو إننا مش قادرين أقولهم دوروا على حد تانى يمشى لأنى أنا غير كفء... الكرسى عندى لا يساوى شيئا.. القرار أكتبه فى ثلاثة أسطر وأبعته لرئيس مجلس الشعب». 
هز الخطاب وجداننا جميعا وأدى القادة تحية عاصفة للرئيس وكان وقع أقدامهم يهز الأرض من الحماس.
سألته هل كان هناك تعديل على خطة المآذن العالية التى وضعها الفريق الشاذلى؟ قال نعم وهذا لا يعرفه كثيرون..التعديل أجراه الفريق أول عبدالغنى الجمسى «رئيس هيئة العمليات» يوم ٢٦ سبتمبر ١٩٧٣ حيث طلب إعادة التخطيط على أساس أن يبدأ التمهيد النيرانى للمدفعية بعد ٥ دقائق فقط من عبور الطائرات المصرية لخط الجبهة وهى متوجهة لتدمير أهدافها وذلك لعدم إعطاء الفرصة للعدو للقيام بتمهيد نيرانى مضاد قبل قيامنا نحن بالقصف المدفعى المطلوب ولعدم إعطاء الفرصة للمدرعات المعادية التى تقع بالقرب من قناة السويس من التقدم لاحتلال المصاطب المجهزة لها على الشاطئ الشرقي.. وكانت الخطة الرئيسية ألا يبدأ الضرب المدفعى إلا بعد عودة الطائرات من ضربتها المركزة خوفا من تعرضها لنيران صديقة من التى تضخها المدفعية المصرية.
وماذا عن سلاح الدفاع الجوي؟ قال أنا الذى استحدثته منذ عام ١٩٦٩ وساعدنا فيه الاتحاد السوفيتى بصواريخ سام ٦ وسام ٧ لكن أهم اكتشافات حرب أكتوبر إعادة استخدام سلاح البالونات وكان وسيلة لإعادة الطيران المنخفض فى الحرب العالمية الثانية.. وتخلى عنها الجميع باعتبارها سلاحا غير فعال.
نحن أعدنا استخدام هذا السلاح وانتشرت وحدات البالونات حول المطارات والقواعد الجوية ودربنا الأفراد اللازمون على نفخها ورفعها فى أماكن محددة تسمح لطائراتنا بالهبوط على الممرات وتعوق طائرات الأعداء من الاقتراب على ارتفاع منخفض.
لو قدرنا ثمن البالونات التى استخدمت فى كل المطارات لوجدناها لا تساوى ثمن طائرة واحدة، لكنها رغم ذلك لعبت دورا فعالا فى غارات حرب أكتوبر وكم طائرات الأعداء التى أسقطناها لاصطدامها بأسلاك بالوناتنا التى تم توزيعها بمهارة فائقة على هيئة شبكة واسعة كونت مظلة واقية لمطاراتنا ومصيدة هلاك محقق لطائرات العدو.
كانت تكتيكات قادة الدفاع الجوى فى المطارات أن ترتفع وتنخفض البالونات فى مناورات حسب خطة محكمة واستخدمت البالونات أيضا إلى جانب الدفاع الجوى فى مهام أخرى كإعادة الإذاعة والاستطلاعات وتحقيق الاتصالات الإشارية وغيرها من الاستخدامات البالغة الحداثة فى مجال الحرب الجوية ودفاعاتها.
هذا الأسلوب الذى هجرته كل المدارس العسكرية الحديثة أثبت أن المقاتل المصرى عازم على تحقيق النصر على عدوه بأى سلاح وبأى أسلوب.. هذا المقاتل الذى اتهموه بالعجز والتخلف الحضارى والجمود الفكرى أثبت مرونة رائعة فى تطوير الوسائل القديمة وإخضاعها لمقتنيات الحرب الجوية الحديثة وبشكل مبتكر جعل من سلاح قديم كالبالونات وسيلة جهنمية مبتكرة أسقطت طائرات الفانتوم وسكاى هوك.