الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أدوار السلطة.. وأدوار الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• قبل أن نبدأ فإننى أقدر في دولة الرئيس عبدالفتاح السيسي أشياء عديدة، يأتى في مقدمتها تضحيته بنفسه وتقديمه المصلحة الوطنية دائمًا على مصلحته الشخصية كرئيس للبلاد، وإعطاء المصلحة العامة أولوية مطلقة على ما عداها. 
• فالرجل يقرر في ثقة وجسارة، ويضحى غير عابئ بشعبيته ويصدر قرارات قد تفقده جزءًا من شعبيته أو من مناصريه باعتبارها قرارات مصيرية وحتمية لا نملك في هذه الظروف رفاهة الاختلاف عليها أو رفاهة تأجيلها!!
• ولأن شعبيته بدأت ضخمة وطاغية في العام ٢٠١٣ فإنها تحتمل أن يستقطع منها ويأخذ وهو ما مكنه أيضا من الإقدام على كل تلك القرارات الصعبة دون أن يفقدها كلها. 
• وقبل أن نبدأ أيضا فإننى أؤكد أن الرئيس السيسي أنجز ما لم ينجزه أحد قبله وفى فترة وجيزة لم تتجاوز السنوات الخمس فقط وهو شيء مذهل ويدعو للفخر ويتطلب شكر الرجل شكرًا بلا حدود.
• كما أننى أرى أن كل ما أنجز في مجال البنية الأساسية كان مطلوبًا بشدة وملحًا بشدة وأوافق عليه طبعًا. 
• وعمومًا فليس مطلوبًا في هذه الظروف الصعبة من السيد الرئيس أن يتراجع عن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أقدم عليه في جسارة ووطنية غير مسبوقة في العام ٢٠١٦ عندما قرر تحرير سعر الصرف وهو البرنامج والقرار الذى تأخر سنوات وسنوات وخشى من تولى المسئولية قبله على الاقتراب منه أو اتخاذه.
• وليس مطلوبًا منه أن يصدر القرار بعودة الدعم للطاقة وتخفيض أسعارها وليس مطلوبا منه أن يتراجع عن منع التوظيف الحكومى، وليس مطلوبا منه أن يضخ المليارات لزيادة مرتبات الموظفين.
أو يتراجع عن تحرير سعر الصرف ويقرر غدا أن الدولار يقابله ١٠ جنيهات ويعود ويلقى كل صباح حزمة من الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى نجح في بنائه وتشييده، والذى تجاوز حتى الآن حدود الـ٤٥ مليار دولار ليحمى قيمة وهمية وغير حقيقية للجنيه المصرى. 
• وليس مطلوبًا منه أيضا كما ذهب البعض أن يكافئ المصريين على رفضهم دعاوى الفوضى وعلى عدم استجاباتهم للهدم، فمنطق المكافأة غير وارد بين الرئيس والشعب أصلا ولا يجب أن يكون موجودا، فهذا أسلوب معيب في التفكير ذهب إليه البعض بغير دراية أو إدراك.
• فالشعب عندما يحافظ على وطنه ودولته ويرفض إسقاطها وهدمها لا ينتظر مكافأة من أحد، فهذا وطنه وتلك مصالحه التى يحميها ويزود عنها.
•هناك نوعان من الأدوار يقوم بها رؤساء الدول، أدوار يطلق عليها في علم الإدارة السياسية «أدوار السلطة» مثل المشروعات القومية الكبرى ومشروعات البنية الأساسية الضخمه التى لا تصب بشكل مباشر في دخول المواطنين وجيوبهم، ولا تصب بشكل مباشر في احتياجاتهم اليومية وشواغلهم الآنية وعذاباتهم اليومية ولا تعود أيضا على شخص رئيس الدولة بأى مصالح تصويتية في الانتخابات. 
• حيث ينطلق الناخبون دائمًا من الشخصى بينما لا يدفعهم العام للنزول أو التصويت لشخص الرئيس حال إعادة انتخابه، وهى على سبيل المثال وليس الحصر مشروع ازدواج قناة السويس العملاق، ومشروع ربط سيناء بالوطن الأم لأول مرة عبر تشييد الأنفاق الضخمة للسيارات والقطار، ومشروعات البنية الأساسية كهرباء وطرق وبناء وتشييد عاصمة إدارية جديدة وبناء مطارات ومدن جديدة و......
• وأدوار أخرى يقوم بها رؤساء الدول يطلق عليها «أدوار الدولة»، وهى تلك الأدوار التى تهتم باليومى والآنى والمعيش والحالى للمواطن وتحاول رصد المشكلات الحقيقية لكل فئه من فئات المجتمع وتسهر على حلحلتها أو حل بعضها ومحاولة تخفيف عذابات الناس اليومية وتحسين ظروف حياتهم المعيشية، وهى الأدوار التى يكون مردودها عاليا جدا في أى تصويت انتخابى لصالح شخص الرئيس. 
• وهى أدوار قام الرئيس ببعضها، مثل توصيل الدعم لمستحقيه من خلال وزارة التموين، وتشييد منظومة الخبر المدعوم، وعمل شبكة ضمان اجتماعي للمهمشين والأرامل والمعاقين في صورة إعانات شهرية ومعاشات تكافل وكرامة، كما يحاول الآن الرئيس إنجاز منظومة للتأمين الصحى لأول مرة تاريخيًا وهو عمل ضخم طبعا، بالإضافة إلى محاولته إصلاح التعليم والقضاء على الدروس الخصوصية من خلال إنشاء بنك المعرفة وتوفير المقررات مشروحة عبر الإنترنت تنهى حاجة الطلاب إلى الدروس الخصوصية تماما. 
• وكنت قد طالبت سيادة الرئيس السيسي في بداية فترته الحالية عبر سلسلة مقالات نشرتها «البوابة» نهاية العام ٢٠١٧ وبداية العام ٢٠١٨ أن يراوح الرئيس في فترته الرئاسية الجديدة التى بدأت في منتصف العام ٢٠١٨ بين ما يعرف في علم الإدارة السياسية «بأدوار السلطة» و«أدوار الدولة» بعد أن اضطرته الظروف إلى إعطاء أولوية قصوى لأدوار السلطة على حساب أدوار الدولة في فترته السابقة.
• ورغم إدراكنا أن الرئيس يحاول الإنجاز على المستويين وبشكل ضخم ولافت لا يزيغ عنه إلا حاقد أو مريض أو ضرير ويحاول منذ فترة السير في الطريقين وينجز على المستويين ويراوح بين أدوار السلطة وأدوار الدولة. 
• لكننى اليوم أتطرف في طلبى من سيادته بعد أن عشت الظروف الأخيره من مخططات دنيئة تستهدف استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التى نعيشها والآثار السلبية لعملية تحرير سعر الصرف وتدوير الدعم ورفعه عن أنواع الطاقة من بترول وكهرباء وتوجيه في اتجاه معاشات الفقراء وشبكة الضمان الاجتماعي، والتى حاول عبرها تنظيم الإخوان الدولى الإرهابى وأجهزة مخابرات كل من تركيا وقطر وغيرهما التخطيط لتثوير المصريين ومحاوله تشويه الرئيس وما يقوم به من أدوار وضرب العلاقة بينه وبين مواطنيه والتشكيك في أفراد أسرته ومحاولة هز الأمن القومى بشدة وإصابة الرئيس بالإحباط الشديد وعدم ترشحه لفترة رئاسية جديدة في العام ٢٤. 
• أطالب السيد الرئيس اليوم ليس بالمراوحة بين أدوار السلطة وأدوار الدولة كما طالبته من قبل، ولكن أقول لسيادته اليوم خوفًا عليه وعلى الوطن وسدًا لثغرات قد يتسلل منها الإرهابيون وأعوانهم أو يحاولون استغلالها، المصلحة تقتضى أن تعطى أولوية مطلقة لأدوار الدولة في فترتك الرئاسية الحالية على حساب أدوار السلطة.