الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الله.. والإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تدعي جماعة الإخوان المسلمين أنها هي التي تقوم على هذا الدين، وأنها المتحدثة باسم الله على الأرض، ويبدو أنها تعتقد - في قرارة نفسها - أن المرشد هو كالخليفة في العصور الغابرة، يعتبر ظل الله في الأرض، وبالتالي فإن تعاليمه يجب أن تلقى السمع والطاعة دون مناقشة أو مراجعة، حتى يرضى الله عن أعضاء الجماعة من جهة، ولأن كلام المرشد من كلام الله من جهة أخرى.
وما يقوم دليلا على ذلك هو أن المرشد - في أحد لقاءاته التليفزيونية في أعقاب ثورة يناير - عندما سُئل عن لماذا يرشح مكتب الإرشاد رئيساً للجمهورية من أعضاء الجماعة، في حين أن الأفضل أن يترشح المرشد نفسه لهذا المنصب لأنه الممثل الأعلى للجماعة ويستطيع أن يتخذ القرارات دون الرجوع إلى من هو أعلى منه، قال المرشد إن منصبه أهم من منصب رئيس الجمهورية، وإنه كان يريد أن يصبح خليفة للمسلمين وظلاًّ لله في الأرض بعد أن يصل الإخوان الى أستاذية العالم.
ولكن كل سجل الجماعة بعد - بل وفي أثناء - ثورة يناير، كان سجلاًّ أسود شيطانيا لا علاقة له بالله أو بالإسلام من قريب أو من بعيد، فمن قال إن الله أمرهم بالتخلي عن الشباب الثائر ورفض الانضمام لفعاليات يوم الغضب في 25 يناير 2011، خشية نظام مبارك وترسانته القمعية، وكأنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية، أو خشية أن يفقدوا ما كان يمنحه لهم مبارك من مزايا في الانتخابات والنقابات، أي طمعا في الدنيا الزائلة التي يدّعي الإخوان زهدهم فيها.
ومن قال إن الله أمرهم بخيانة الثورة بالجلوس مع عمر سليمان - نائب رئيس جمهورية مبارك قبل تنحي مبارك عن السلطة - بينما كان الشباب الثائرون الطاهرون في الميادين، بغية رفع الحظر عن الجماعة وأن يسمح لهم بتأسيس حزب سياسي، وأن يشاركوا في قضم كعكة السلطة في مقابل الانسحاب من الميادين.
ومن قال إن الله أمرهم بالكذب على الشعب المصري الطيب، أسوة باليهود الذين قالوا منذ قديم - كما ورد في القرآن الكريم - "ليس علينا في الأميين سبيل"، فانطلقوا يزعمون أنهم يتحدثون عن الله والإسلام بالوكالة، وأنهم سوف يحققون للشعب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، إلى جانب المائتي مليار دولار التي وعد بها محمد مرسي المصريين إذا انتخبوه والتي هي خير شاهد على ذلك، فانتخبهم الشعب في البرلمان والرئاسة ووافق على دستورهم المشوّه، وصدّق شيخهم القرضاوي الذي وعد الناس بعشرين مليار دولار إذا صوتوا بـ "نعم" للدستور، ليصحو الشعب بعد هذه السلسلة التي لا تنتهي من الأكاذيب على كابوس حكم الإخوان الذي جثم على صدر المصريين عاما كاملا لم يشهد المصريون له مثيلا في تاريخهم الحديث.
ومن قال لهم إن الله أمرهم بالقتل والحرق والتدمير والتفجير والتكفير انتقاما من هذا الشعب الذي أوصلهم إلى سدة الحكم، لمجرد أنه قال لهم أنتم لا تصلحون لحكم هذه البلاد، لأنكم انتقلتم بنا من فشل إلى فشل، وقسمتم الشعب فرقا وشيعا وفصائل وضعتوها على أهبة المواجهة للانزلاق الى أتون حرب أهلية، لولا عناية الله وحفظه لهذا الشعب الذي لا يحب الدماء وصناعة الموت،  ويعشق الحياة منذ أن أسكنه الله الوادي والدلتا وأجرى له نهر النيل ليعمر هذه الأرض الطيبة.
ومن قال إن الله أمرهم بقتل جنود الجيش وأفراد الشرطة لمجرد أنهم يحولون دون مخططاتهم لبيع مصر وتفتيتها لصالح الأمريكان مرة، ولصالح اليهود مرة، ولصالح قطر مرة، ولصالح إخوان السودان مرة، اعتقادا منهم أن تفتيت الوطن إلى ولايات ليس مهمّاً ما دام سيتم تنفيذ مشروع الخلافة المزعومة، ليضم كل هذه الولايات أو الأمصار - جمع مصر - تحت لوائه، لو كان الله أمركم بهذا لكان قد وقف إلى جواركم، وما كان قد نزع الملك منكم، ولكن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر، إن الله لم يأمركم بهذا أيها الأفاقون طلاب الدنيا المتصارعون على السلطة، لقد اتخذتم إلهكم هواكم، فانظروا إلى أين يأخذكم الهوى، إلى الدرك الأسفل من النار لتذوقوا وبال أمركم في الآخرة، وتذوقوا الخزي والذلة بأيدي المؤمنين بالله والوطن في الدنيا.