الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

49 عاما على رحيل الزعيم.. 5 محطات في حياة «عبدالناصر»

الزعيم الراحل الرئيس
الزعيم الراحل الرئيس جمال عبدالناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
  • ٤٩ عاما على رحيل الزعيم.. 5 محطات في حياة «عبدالناصر»
  • قانون الإصلاح الزراعي وإنصاف الفقراء.. إعلان تأميم قناة السويس.. التخلص من سيطرة الهيمنة الأجنبية إعلان الوحدة العربية مع سوريا.. وإعادة تأهيل الجيش بعد النكسة
  • أحمد القويسنى: زعامة «ناصر» تجاوزت النطاق المحلى وأصبح قيادة عالمية
  • على الإدريسى: القطاع العام كان يقود الاقتصاد المصرى بمنتهى الكفاءة
يحل غدا السبت، الموافق ٢٨ سبتمبر، الذكرى الـ٤٩ لوفاة الزعيم الراحل الرئيس جمال عبدالناصر، والتى ستظل ذكرى خالدة في أذهان المصريين، لما أثرت الوفاة على المحبين للزعيم بحالة من الحزن والدهشة لموته المفاجئ للجميع، حيث شيعت جنازته في حضور الملايين من أبناء الشعب.
وُلد الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر»، في حى «باكوس الشعبي» بمحافظة الإسكندرية، في ١٥ يناير ١٩١٨، لأسرة بسيطة ترجع أصولها إلى قرية «بنى مر» بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، وانتقل في مرحلة التعليم الأولية بين العديد من المدارس الابتدائية، وكان والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد، فأنهى دراسته الابتدائية في قرية «الخطاطبة» إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، فحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة النهضة الثانوية بحى الظاهر بالقاهرة في عام ١٩٣٧.
ساهم والد الزعيم «جمال عبدالناصر»، في تكوين شخصيته التى تظل راسخة في أذهان المصريين والوطن العربى أجمع، رغم مرور سنوات عديدة على رحيله، إلا أنه حاضر بمواقفه وقراراته الحازمة التى أصدرها خلال فترة حكمه لمصر، التى تذكرها كل كتب التاريخ، وعقب إتمام دراسته الجامعية وحصوله على البكالوريا في القسم الأدبي، قرر الالتحاق بالكلية الحربية، ولكنه لم يقبل في الكلية، ثم تقدم إلى كلية الحقوق ومكث فيها ٦ أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦، واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصرى من الشباب فتقدم للكلية الحربية مرة أخرى ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في يوليو ١٩٣٨، التحق فور تخرجه بسلاح المشاة، ونقل إلى «منقباد» في الصعيد، وهو ما أتاح له النظر إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم من جديد.
مشوار اليوزباشى
رُقى «عبدالناصر» إلى رتبة اليوزباشى «نقيب» في ١٩٤٢، وفى عام ١٩٤٣ عُين مدرسًا بالكلية الحربية، وتزوج من «تحية محمد كاظم» في ١٩٤٤، وأنجب منها ابنتيه «هدى ومنى» وثلاثة أبناء، هم: «خالد وعبدالحميد وعبدالحكيم»، شارك في حرب ١٩٤٨ خاصة في أسدود ونجبا والفالوجا. 
كان للزعيم «جمال عبدالناصر»، دور مهم في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصرى أطلقت على نفسها اسم «الضباط الأحرار»، وانتخب في عام ١٩٥٠ رئيسا للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، وقاموا بثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، تم إلغاء النظام الملكى وأعلن قيام الجمهورية في مصر، وكان اللواء محمد نجيب أول رئيس لها، وفى يونيو عام ١٩٥٦ أصبح «عبدالناصر» أول رئيس منتخب لجمهورية مصر العربية في استفتاء شعبي.
مكتسبات الثورة
قضت ثورة ٢٣ يوليو التى قادها الزعيم جمال عبدالناصر والضباط الأحرار، على الرأسمالية والإقطاع، حيث يعد قانون الإصلاح الزراعى من أهم مكتسبات الثورة، الذى صدر بعد شهرين فقط منها في سبتمبر ١٩٥٢، وبموجبه تم توزيع الأراضى على الفلاحين. 
ويقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان يمتلك مجموعة من المفاهيم الأساسية، فكان يركز على جزء متعلق بالعدالة والحماية الاجتماعية، وخاصةً للطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل، وأن يكون لهم مساهمة ونصيب من الدخل القومى والناتج المحلى الإجمالى في مصر، وأن يكون متوسط نصيب الفرد أفضل مما كان عليه، فضلًا عن عدالة التوزيع فيما يخص الناتج المحلي. 
العدالة الاجتماعية
وأضاف الإدريسي، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن العدالة الاجتماعية كانت محل تأييد من قبل البعض ورفض من قبل البعض الآخر، ولكن كان الهدف من هذا الأمر نبيلا وليس تفتيت الرقعة الزراعية وفرص الإنتاج وغيرها، إلا أن الهدف كان يرتبط بعدالة التوزيع، لافتًا إلى أنه ركز على الصناعة أيضًا، والتى كانت قوية وخاصة بمشروعات عديدة مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والسلاح من قبل المصانع الحربية وغيرها من الصناعات.
القطاع العام
وأوضح «الإدريسى» أن الرئيس «عبدالناصر» استطاع أن يجعل دورا مهما للقطاع العام، فكان هذا القطاع يقود الاقتصاد المصرى بمنتهى الكفاءة. كانت نسبة كبيرة من الشعب المصرى تعانى الفقر آنذاك، والتى أنتمى إليها الرئيس «جمال عبدالناصر»، فكان يقول دومًا: «أنا جمال عبدالناصر أفخر بأن عائلتي لا تزال في بنى مُر مثلكم، تعمل وتزرع وتقلع من أجل عزة هذا الوطن وحريته.. وأنا أقول هذا لأسجل أن جمال عبدالناصر نشأ من عائلة فقيرة، وأعاهدكم بأن جمال عبدالناصر سيستمر حتى يموت فقيرًا في هذا الوطن». كما كانت له مواقف إنسانية عدة تتناقض مع الطبيعة العسكرية التى اعتاد عليها، فيذكر الكاتب «صبرى غنيم» بعض المواقف الإنسانية له، فيقول: «بكى من أجل طفل فقير حافى القدمين، وثار لما علم بأمر موظف بسيط لم ينل حقه».
تأميم قناة السويس
اتخذ الرئيس جمال عبد الناصر، سياسات المحايدة خلال الحرب الباردة بين «الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي»، مما أدت إلى توتر العلاقات مع القوى الغربية التى سحبت تمويلها لإقامة السد العالي، ليرد عليهم بتأميم شركة قناة السويس عام ١٩٥٦، الأمر الذى استحسنه الشعب المصرى والوطن العربى أجمع، إلا أن دول العدوان الثلاثى «بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل» شنوا هجوما على مصر واحتلال سيناء، لكنهم انسحبوا وسط ضغوط دولية، وقد عزز ذلك من مكانة الرئيس «جمال عبدالناصر» السياسية.
ففى ٢٦ يوليو عام ١٩٥٦، ألقى الزعيم «عبدالناصر»، خطابا في الإسكندرية أعلن فيه تأميم شركة قناة السويس كوسيلة لتمويل مشروع سد أسوان في ضوء انسحاب الأموال البريطانية الأمريكية، الأمر الذى استفز بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مما أدى إلى قيام حرب ١٩٥٦، والتى انتهت بانسحاب القوات الأجنبية. 
ويوضح الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن قناة السويس بُنيت بأياد مصرية وهى حق مصرى أصيل، فكان عقد امتياز القناة لمدة ١٠٠ عام، وانقضى منها ٩٠ عامًا، ووردت معلومات بأن الشركة لن تُغادر القناة بصدد مد الامتياز، مشيرًا إلى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان لا يريد انتهاء الامتياز والدخول بعده في صراع مع الشركة للحصول على القناة دون مد الامتياز، فضلًا عن توفير التمويل لتحقيق مشروعاته التنموية واستكمال بناء السد العالي.
ضغوط خارجية
وأضاف الدمرداش، لـ«البوابة»، أنه تمت ممارسة الضغوط الخارجية عليه لمنع الحصول على التمويل اللازم لهذه المشروعات، ما نتج عنه تأميم القناة، موضحًا أن الزعيم كان يسعى إلى تكوين تكتل عدم الانحياز في ظل بوادر ظهور العالم ثنائى القطبية، وبالتالى فهذا التأميم كانت له أبعاد سياسية أيضًا، فكان المناخ الدولى يتجه إلى تقسيمة جديدة في خريطة العالم، فيما نمت شعبية الزعيم جمال عبد الناصر بالمنطقة بشكل كبير، خاصةً بعد الأحداث التى شهدها الوطن العربى من تأميم قناة السويس، والعدوان الثلاثى على مصر، والحشود التركية على الحدود السورية وصولًا إلى قيام حلف بغداد بالمؤامرات، وتزايدت الدعوات إلى الوحدة العربية تحت قيادته، وتحقق ذلك بتشكيل الجمهورية العربية المتحدة مع سوريا (١٩٥٨ - ١٩٦١) بعد توقيع مرسوم رسمي مع الرئيس السورى «شكرى القواتلي» ميثاق الجمهورية العربية المتحدة.
ويرى السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الوحدة مع سوريا خلال فترة حكم جمال عبدالناصر لمصر جاءت نتيجة انتشار القومية العربية آنذاك، حيث إن الزعيم تجاوزت زعامته النطاق المحلى وأصبحت قيادة عالمية، وبالتالى فإن فكرة الوحدة العربية والقومية التى كانت ضمن أولويات الجانب السوري، مؤكدًا أنها جعلت من «عبدالناصر» زعيما يمثل التطلعات القومية، ومن هنا بدأت فكرة الوحدة ما بين مصر وسوريا معززة بتاريخ من العلاقات الوثيقة تحت مظلة واحدة.
وتابع «القويسني»، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن هذه الوحدة دفعت النخبة السياسية والعسكرية في سوريا إلى الترحيب بالوحدة العربية التى تمثل أملًا قوميًا، وأن ينضموا تحت زعامة معترف بها عالميًا، موضحًا أن تطبيق الوحدة وإدارتها اتضح من خلال الزعيم «عبدالناصر» وتوقع مسألة الاشتراكية العربية، وبدأ برنامجه في التأميم والقطاع العام وغيره، وبالتالى حدث نوع من الانشقاق. وأشار إلى أن العبرة أنه لا يكفى أن تتم وحدة عربية تحت الآمال العريضة فقط والتطلعات القومية، ولكن الإدارة الأكثر رسوخًا ونضجًا هى السبيل الوحيد لوحدة عربية مستقبلية.
نكسة ٦٧.. وحرب الاستنزاف
وكانت إسرائيل قد سعت للتوسع في عمليات الاستيطان في فلسطين والاعتداءات على سوريا، الأمر الذى دفع مصر إلى الدخول في حرب ١٩٦٧ والتى انتهت بالنكسة، بعد الحرب خرج الرئيس جمال عبدالناصر، على الجماهير طالبا التنحى من منصبه، وأعقب ذلك خروج مظاهرات في العديد من مدن مصر طالبته بعدم التنحى عن رئاسة الجمهورية واستكمال إعادة بناء القوات المسلحة تمهيدا لاستعادة الأراضى المصرية. واستجاب عبدالناصر لرغبة الشعب المصرى واهتم بإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، وبدأت حرب استنزاف مع «إسرائيل» عام ١٩٦٨، والتى شملت تبادلا لإطلاق نيران المدفعية على امتداد خط «بارليف» على حافة قناة السويس، مما أدى إلى تصعيد الأوضاع بسرعة. 
وعندما بدأ سلاح الجو غاراته على أهداف في عمق الأراضى المصرية، توجه عبد الناصر إلى الاتحاد السوفيتى طالبًا منه المساعدة ليس من خلال تزويد مصر بالعتاد الروسى فحسب، بل من خلال إرسال قوات جوية وبرية روسية. ووافقت روسيا رغم أنها لم تكن متحمسة على ذلك، اتفقت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتى على العمل لوضع حد للحرب وفقا لصيغة «وقف إطلاق نار» تبناها مجلس الأمن الدولي، وقتل خلال المعركة ١٤٢٤ جنديًا إسرائيليًا في الفترة ما بين ١٥ من يونيو ١٩٦٧ و٨ أغسطس ١٩٧٠.
ويؤكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، أن الحروب جاءت نتيجة حركات التحرر في الوطن العربى من دول الاستعمار الأجنبي، ولكن تأثير نكسة ١٩٦٧ امتد لسنوات وترك انطباعات عديدة لدى الشعب المصري، مضيفًا أنه خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد الناصر تغير المستوى الاجتماعي والتعليمى والأخلاقى والزراعى ووضع المرأة، ووضع المواطنين وزيادة الكثافة السكانية وغيرها. وأوضح «صادق»، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أن دخول مصر في نكسة ٦٧ ثم حرب الاستنزاف كان من الممكن ألا يتم في حال اتباع سياسات معينة، ولكن تعامل الزعيم معها بطريقة حكيمة وتم الرد على النكسة مباشرةً من خلال حرب الاستنزاف واسترداد الأراضى المسلوبة.