الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الكيف الحلال.. القهوة قليلها مفيد وكثيرها ضار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مشروب لتهدئة النفس وكثرتها ترفع الضغط 
بدأت في «بكرج» وتعد على نار الرملة وأصبحت «تيك آواى» وتباع على عربات الشوارع
د.عفاف عزت: تحمى أنسجة الجسم من التلف والإفراط في تناولها يصيب بارتفاع ضغط الدم
كل مألوف يفقد جماله، إلا أن تألف الصباح مع فنجان القهوة لا يفقد جماله لدى محبى وعشاق القهوة، ليكون مبتدأ اليوم بارتشاف حبات البن المطحون، التى تتهادى إلى الجسد فتدب فيه الروح وتتيقظ وتستفيق العقول الخاملة، أو كما يقول الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش «القهوة هى القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح، والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار».
ويعد مشروب القهوة أحد أهم المشروبات التى يتناولها الشعب المصرى، وتأتى في المرتبة الثانية بعد الشاي.. ويطلق عليها مصطلح «الكيف الحلال».

للقهوة تاريخ عريق مع الشعب المصرى، ويروى الأديب جمال الغيطانى في كتابه «ملامح القاهرة في ألف عام» عن تاريخنا مع القهوة، قائلا: «منذ أن اتسعت القاهرة ولم تعد الحياة قاصرة فيها على الخلفاء الفاطميين وحاشيتهم، ولا شك أن المقهى كان موجودا بشكل مختلف عما نعرفه الآن، القهوة التى استمد منه المكان اسمه لم تدخل مصر إلا في القرن السادس عشر الميلادي، وقيل إن أول من اهتدى إليها هو أبو بكر بن عبد الله المعروف بـ«العيدروس»، كان يمر في سياحته بشجر البن فاقتات من ثمره حين رآه متروكا مع كثرته، فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر، وتنشيطا للعبادة، فاتخذه طعاما، وشرابا، وأرشد أتباعه إليه، ثم وصل أبو بكر إلى مصر سنة ٩٠٥ هجرية، وهكذا أدخل الصوفية شراب القهوة إلى مصر، واختلف الناس حول هذا المشروب الجديد، هل هو حرام أم حلال؟».
وأضاف «الغيطاني»: «حرم البعض القهوة لما رأوه فيها من ضرر، وخالفهم آخرون ومنهم المتصوفة وفى سنة ١٠٣٧ هجرية، زار القاهرة الرحالة المغربى أبو بكر العياشى، ووصف مجالس شرب القهوة في البيوت، وفى الأماكن المخصصة لها».
وأوضح الغيطانى «في مطلع القرن العاشر الهجرى حسمت مشكلة تحريم القهوة أو تحليلها، وانتشرت في القاهرة الأماكن التى تقدمها، وأطلق عليها اسم المقاهي، ويبدو لنا أن هذه الأماكن كانت موجودة من قبل ذلك بمئات السنين، ولكن لم يطلق اسم المقاهى لأن القهوة نفسها لم تكن دخلت إلى مصر». 
ونقل الأديب جمال الغيطانى في «ملامح القاهرة في ألف عام» عن المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين، الذى ألف كتاب «المصريون المحدثون»، وصفه لمقاهى القاهرة في القرن التاسع عشر، قائلا «يقدم القهوجى القهوة بخمسة فضة للفنجان الواحد، أو عشرة فضة للبكرج الصغير الذى يسع ثلاثة فناجين أو أربعة».
وتابع «الغيطاني»: «في بداية القرن التاسع عشر كانت القهوة تقدم في «بكرج» موضوع على جمر في وعاء من الفضة والنحاس يسمى «عازقي»، ويعلق هذا الوعاء في ثلاث سلاسل، ويقدم الخادم القهوة ممسكا أسفل الطرف بين الإبهام والسبابة، وعندما يتناول الفنجان والطرف يستعمل كلتا يديه واضعا شماله تحت يمينه، وتستعمل مجمرة تسمى «منقدا» من النحاس المبيض بالقصدير، ويحرق فيها البخور أحيانا، وكانت القهوة يضاف إليها أحيانا الحبهان، أو المصطكا، أما الأغنياء فكانوا يضيفون إليها العنبر».

السبرتاية
تتعدد طرق إعداد القهوة حيث يمكن تحضيرها عن طريق «الرمالة»، وهى موقد به رمال وتوضع فيه الكنكة، والطريقة الأخرى هى وضعها على البوتاجاز، وقديما كانت «السبرتاية» هى الطريقة المثلى لإعداد القهوة.
والسبرتاية هى مجسم من النحاس الخالص، قاعه مستدير، يوضع به مادة السبرتو التى تساعد على الاشتعال، ويصعد على تجويف بشكل عمودى متصل بالقاع الذى يمده بالـ«سبرتو»، وفى آخر التجويف توجد شعلة ويوضع عليها الكنكة، وذلك هو الشكل التقليدى لها إلا أنها تطورت وأصبح يصنع منها أشكال أخرى.
وتُصنع السبرتاية في درب النحاسين بشارع المعز لدين الله الفاطمى بحى الحسين بالقاهرة، ويقول مصطفى خليفة، صاحب محل لبيع منتجات النحاس بشارع المعز لدين الله: «إن «السبرتاية» منتج يقبل على شرائه جميع الجنسيات، حيث يتردد على حانوته، مصريين وسياحا عربا وأجانب يبتاعون السبرتاية نظرا لشكلها المميز، وأكد أن الإقبال عليها في الوقت الحالى أصبح أقل من العقود الماضية». 
وعن أسعارها، يقول «إنها تبدأ من تسعين جنيها حتى تصل إلى ثمانمائة جنيه، ويشتريها البعض من أجل الزينة، وتوضع أحيانا في مقتنيات العروس».
وفيما يتصل بجودة النحاس المصنوع منه السبرتاية، يؤكد الرجل الذى شارف عمره على الستين، إن «السبرتاية مصنوعة بالكامل من النحاس الخالص، ولكن اختلاف السعر يرجع إلى أن سُمك النحاس يتغير بين سبرتاية وأخرى فكلما زاد سمكه زاد سعرها».


فوائد وأضرار القهوة
فيما يتعلق بفوائد وأضرار القهوة، تقول الدكتورة عفاف عزت أستاذ الكيمياء الحيوية والتغذية بالمعهد القومى للبحوث، إن «القهوة تحتوى على مادة الكافيين التى تساعد على التيقظ والتنبه، لذا يقبل الطلاب خلال فترة الامتحانات على شرب القهوة لأنها تساعد في التنبه والاستيعاب الجيد لكل شخص يبذل مجهودا ذهنيا، ويحتاج الجسم منها نحو ١٢٠ مللى جرام يوميا، أى ما يعادل ثلاثة أكواب من القهوة، ونصحت بضرورة ألا يزيد تناول القهوة عن ذلك».
وأضافت «عزت» في تصريحات لـ«البوابة»، أن «حبات البن تحتوى على العديد من المواد المضادة للأكسدة، فتقوم بدور الحماية للأنسجة المختلفة من التلف والهلاك».
وعن أضرار تناول القهوة، تقول الدكتورة عفاف عزت إن «تناول القهوة بكثرة قد يتسبب في ارتفاع ضغط الدم عند البعض، وزيادة ضربات القلب والتوتر، ونصحت بضرورة شرب القهوة قبل النوم بنحو ثلاث أو أربع ساعات».
وفى تقرير لصحيفة «آي» البريطانية، نشر في الأول من مايو ٢٠١٩، قالت إن «القهوة قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي»، وأشارت الصحيفة إلى أن الدراسة التى أجراها فريق في جامعة «نفارا» في إسبانيا، وجدت علاقة بين القهوة وحمض الفينول الذى يساعد على الوقاية من سرطان الثدي.
وفى نفس السياق، فإن دراسة أجراها الباحثون في جامعة «نيويورك» على أكثر من ١٠٠ ألف دانماركى، استغرقت ثمانى سنوات، أن تناول القهوة بصورة يومية يسهم في انخفاض الإصابة بالمرارة.
استخدامات أخرى للقهوة
لا يقتصر الاستفادة من القهوة عند الشرب، وإنما تستخدم في مجالات أخرى، من بينها تزويد الحافلات بالوقود، وهو الأمر الذى تعمل عليه شركة «رويال داتش شل»، ونظيرتها البريطانية «بايو- بين»، اللتان تدعمان تكنولوجيا وقود القهوة والتكنولوجيا النظيفة، حيث قالتا إن الوقود الحيوى يحتوى على زيت القهوة، ويجرى إدخاله إلى سلسلة إمدادات وقود الحافلات، حيث يمكن استخدامه دون الحاجة لتعديله.
ويمكن أيضا استخدام بقايا القهوة كسماد للتربة وفقا لموقع «جارديننج شانيل»؛ فإن القهوة تحتوى على النيتروجين الذى تحتاجه التربة، فيما تستخدمه بعض النساء للعناية ببشرة الوجه. 

أسعار البن والقهوة
وعن أسعار البن؛ فإنها تبدأ من ٩٠ جنيها للكيلو جرام، ويصل أحيانا إلى ما يقرب من ألف جنيه، وذلك حسب جودته.
وفيما يتعلق بسعر فنجان القهوة، فإنه يبدأ في مصر بـ٣ جنيهات، بينما أدنى سعر للقهوة في فرنسا هو ٢ يورو، وتصل في بعض المقاهى إلى ١٠ يورو، وبالنظر إلى عدد من الدول العربية نجدها في السعودية بـ٥ ريـالات، وجنوب السوان ٧٠ جنيها، وفى الإمارات يقدم كوب القهوة بأسعار تتراوح بين خمسة دراهم وخمسة عشر، وفى سوريا ١٥ ليرة، وأما عن الجزائر فيبلغ سعره ٢٠ دينارا.
أنواع البن
تنقسم أنواع البن إلى نوعين أساسيين، هما الـ«روبوستا» والـ«أرابيكا» الذى يحوذ على ٧٠ بالمائة من إنتاج العالم، والنسبة الباقية للروبوستا، ويختلف النوعان في نسبة الكافيين والسكر والدهون الموجودة بحبة البن.
ويتميز الروبوستا باحتوائه على ضعف نسبة الكافيين الموجودة في الأرابيكا، فيما يحوى الأخير على ٦٠٪ دهون، بينما تصل نسبة السكر إلى ضعف الموجود في الروبوستا. 
عربات القهوة 
انتشرت مؤخرا في شوارع مصر عربات إعداد القهوة التى يقبل عليها كثير من الشباب، ويقول عمار محمد، عامل بكشك في الجيزة، ويملك ماكينة لتحضير القهوة، إن بيع المشروبات الساخنة في أكشاك البقالة لم يكن متعارف عليه من قبل، وكان شيئا مستغربا من قبل البعض في البداية، إلا أنه استمر في بيع المشروبات خاصة مع زيادة الإقبال عليها.
وأضاف أن سعر كوب القهوة يتراوح بين ٥ و٧ جنيهات فقط، وعن ثمن ماكينة القهوة يكشف أن إحدى شركات القهوة قدمتها له مجانا في مقابل أن يشترى منهم السلع المستخدمة في تحضيرها.
وأوضح أنه منذ عام ٢٠١٣، يعمل ببيع تلك المشروبات، وكان الإقبال كبيرا في البداية خاصة من الفتيات اللاتى لا تستطعن تناول القهوة في المقهى، إلا أن انتشار عربات القهوة قلل من نسبة الإقبال في الوقت الحالي.
فيما يقول أحمد عويس، الذى يعمل بأحد المقاهى بمحافظة الجيزة، إن «معظم أفراد الشعب المصرى يتناول الشاى بصورة يومية وأكثر من مرة في اليوم، إلا أن شاربى القهوة أصحاب مزاج خاص».
وأضاف أن «القهوة تأتى في المرتبة الثانية في قائمة المشروبات المطلوبة، ولكنه أكد أن الذين يتناولون القهوة شخصيات مزاجية يغضبون جدا حال وجدوا المشروب على غير ما أرادوا، لذا أكون حريصا جدا خلال إعداده».

قالوا عن القهوة
تحدث عدد من المشاهير عن عادة شرب القهوة، وتعلقهم بتلك العادة اليومية، ومن بينهم الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش، الذى يقول في كتابه «ذاكرة النسيان» عن القهوة: «أريد رائحة القهوة، أريد خمس دقائق، أريد هدنة لمدة خمس دقائق من أجل القهوة، لم يعد لى من مطلب شخصى غير إعداد فنجان قهوة، بهذا الهوس حددت مهمتى وهدفى، وثبت حواسى كلها في نداء واحد، واشرأبت عطشى نحو غاية واحدة: القهوة».
ويضيف الشاعر الفلسطينى الراحل «والقهوة لمن أدمنها مثلى هى مفتاح النهار، والقهوة لمن يعرفها مثلى هى أن تصنعها بيديك، لا أن تأتيك على طبق، لأن حامل الطبق هو حامل الكلام، والقهوة الأولى يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت الفجرُ، أعنى فجري، نقيض الكلام». ويواصل «درويش» وصف ولعه بالقهوة في صباح يومه، قائلا: «ورائحة القهوة تشرَب الأصوات، ولو كانت حيةً رقيقة مثل صباح الخير وتفسد، لذا فإن القهوة هى هذا الصمتُ الصباحى الباكر المتأنى والوحى الذى تقف فيه وحدك مع ماء تختاره بكسل وعزلة في سلام متكرر مع النفس والأشياء، وتسكبه على مهل وعلى مهل في إناء نحاسى صغير داكن وسرى اللمعان أصفر مائل إلى البني، ثم ضعه على نار خفيفة، آه لو كانت نار الحطب».
استهلاك المصريين
في إحصائية بشأن استهلاك المصريين لـ«الكيف الحلال»، قال الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن المصريين أنفقوا نحو ٧٥٧.٥ مليون دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضى ٢٠١٨.
وتظهر الإحصائية المنشورة أواخر العام المنصرم، زيادة استهلاك تلك المشروبات بنحو ٢٠٠ مليون دولار عن نفس الفترة خلال عام ٢٠١٧، بزيادة تعدت ٣٥٪.
واحتل الشاى الصدارة في قائمة أكثر السلع المستوردة بقيمة ٢٤٢.٧٥٥ مليون دولار، فيما كان نصيب البن غير المحمص نحو البن ٨٠.٠١١ مليون دولار.
الدول المنتجة للبن
فيما يتعلق بالدول المنتجة للبن؛ فإن البرازيل تتصدر تلك القائمة بحيث تزرع ٢٦ ألف كيلو متر مربع لتصدر للعالم نسبة الثلث من البن، بكمية تصل إلى أكثر من ٣ ملايين طن سنويا، وفقا لموقع «إنسايدر مانكى»، فيما تحتل فيتنام مركز الوصيف بإنتاج يصل إلى مليون و٧٠٠ ألف طن، وبالعودة مجددا إلى أمريكا الجنوبية نجد كولومبيا تحتل المركز الثالث في التصدير بنحو ٨٤٠ ألف طن، وأما المركز الرابع فمحجوز لإندونيسيا بـ٦٥٤ ألف طن، والخامس لهندوراس بـ٤٦٢ ألف طن.