الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر في مواجهة التحديات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواجه مصر طوال تاريخها تحديات داخلية وخارجية بتكاتف أبنائها وتوحد صفوفها والتمسك بهويتها، والتحديات هنا تختلف باختلاف الزمان إلا أن أهدافها واحدة في السيطرة على مقدرات الوطن لصالح دولة ما أو جماعة بذاتها أو نفر من أبنائها العاقين الذين يخلطون الأوراق ويتمسحون تحت لواء شعارات لا تغنى ولا تشبع من جوع، فمن جاء ليستعمر فحول الاستعمار إلى ادعاءات كاذبة، وكأنهم قد جاءوا للإعمار وليس الاستعمار، ومن رفع شعارات وطنية ودعوات ديمقراطية وإعلام للعدالة الاجتماعية، وهم لا يريدون ولا يستهدفون سوى تحقيق مصالح خاصة وذاتية، بل منهم، وهذا هو الخطر، من يريد هدم الوطن تحت ادعاء المعارضة والرأى الآخر. 
وما لى أذهب بكم بعيدًا فقد اختطف الإخوان الوطن بعد 25 يناير تحت زعم وادعاء هذه الشعارات، فتارة هى دينية وأخرى وطنية، فأرادوا تحويل مصر إلى ولاية تابعة لخلافة عثمانية غربت عنها شمس الحياة، تحت زعم أن الأرض كلها لله فلا فرق بين مسلم في غزة وآخر في مصر وكأن مصر وأرضها ميراث خاص قد ورثوه عن الأجداد، كانوا يريدون إسقاط مصر وهويتها الجامعة لكل المصريين، ويستبدلونها بهوية بمسمى إسلامى متاجرةً بالإسلام ودغدغة للعواطف الدينية، أرادوا أن يحكموا مصر بتاريخها وحضارتها بأسلوب القبيلة، ولما انتفض الشعب بعد إقرار بيانهم الدستورى في نوفمبر 2012، أرادوا أن يحكمونا قهرًا أو قسرًا أو يقتلونا، ولما ظهرت ملامح النهاية لدولتهم الزائلة تجمعوا في رابعة بهدف إعلان دولة إخوانية في مواجهة مصر وبمساندة قوى دولية لا تضمر لمصر غير الشر تحقيقًا لمصالحها الإستراتيجية، ولما سقطت دولتهم بإرادة شعب ومساندة جيش وطنى قاموا بأعمال القتل والتخريب، فبعد فض رابعة قاموا بتصفية حساباتهم واعتدوا على الأقسام والمحاكم وحرقوا الكنائس في هجمة تتارية لا تحدث من أى شخص أو جماعة لديها ذرة من وطنية أو لمحة انتماء غير الانتماء للجماعة، ثم مارسوا كل ما يؤمنون به وكل ما يجيدون فعله في سيناء التى كانوا يريدون تحويلها إلى إمارة إسلامية على مقاس فكرهم، وبفعل التراكم في عامهم الأسود تحولت سيناء إلى بؤرة إرهابية مثلت خطر كل الخطر على الوطن حتى كانت عملية سيناء 2018 التى وجهت ولا زالت توجه ضرباتها إلى هذا الإرهاب نيابة عن العالم كله وليس مصر وحدها وإيمانًا من مصر بمواجهة هذا الخطر الدولي، وبموقف الشعب ومساندة الجيش استطاعت مصر أن تعود إلى دولة مستقلة، وبدلًا من الفشل الذى ينتظره هؤلاء ومن معهم بعد نجاح ثورة الشعب شاهدوا عمران وتعميرا؛ فاستعادت مصر مكانتها وأعادت علاقاتها بالجميع، وتحاول أن تسترد عافيتها وأن تستعيد دورها الإقليمى والعالمي. فهل هذا يسعد الجماعة ويرضى من لا يريد خيرًا للوطن؟ بالطبع لا. بل ستظل هذه التحديات موجودة طوال الوقت، خاصةً أن الثورة الاتصالاتية قد أصبحت أداة خطيرة في التواصل المحلى والعالمى؛ فأصبحت أداة للتعبير الفردى والجماعى، خاصة أن هذه الوسيلة لا ضابط ولا رابط لها، وهذا هو الخطر، ولذا كانت هذه الوسائل الجائزة الكبرى لهذه القوى في نشر الشائعات بهدف إِضعاف الروح المعنوية للشعب، وهذا الإِضعاف هو نقطة البداية لمحاولة الكسر ونشر التفتت وإذكاء التشرذم وإسقاط المصداقية بين الشعب والنظام، بل الأهم هو إسقاط مصداقية الجيش باعتباره القوة الوطنية القادرة على حماية الوطن وقهر الأعداء وإسقاط المؤامرات. فما حدث في الأسابيع الماضية من لغط وتقولات وشائعات طبيعى في إطار هذه التحديات، بل هذا أحد أنواع هذه التحديات وغير ذلك كثير، هنا وبكل وضوح وعلى أرضية وطنية لا يزايد عليها أحد نقول فلتكن هذه التجربة فرصة لإعادة النظر في أمور كثيرة، ولذا فالإصلاح للأنظمة أداة مستمرة طوال الوقت بلا توقف. والمعارضة أداة تنوير لأى نظام فلا يوجد نظام سياسى بلا معارضة، والمعارضة هنا غير الممارسات غير القانونية التى تمثل إسقاطًا للقانون تهديدًا لسلامة الوطن، فهذه الممارسات تواجه بالقانون ولا علاقة لها بالمعارضة التى تعتبر جزءًا من النظام السياسى دستوريًا وبُوصلته واقعيًا، ولصالح الوطن الذى يضم الجميع، هذا الوطن الذى يمكن أن تتبادل فيه الأدوار.
نعم المرحلة الماضية مصر كانت شبه دولة وكانت الفوضى تضرب بأطنابها في كل الاتجاهات، وكان لا بد من ضوابط ومن الانتباه لما يحاك للوطن، خاصةً أن الجماعة لا تزال كوادرها النائمة في كل المؤسسات، لكن لا بد من إعطاء دفعة للأحزاب وللحياة السياسية حتى يكون هناك برلمان ومجلس شيوخ ومحليات على قدر المسئولية الوطنية التى تحتاجها مصر الآن. 
الرأى والرأى الآخر وحرية التعبير في إطار الدستور والقانون هو العاصم لسلامة الوطن فهذا أحد أساليب تنمية الانتماء لمصر التى هى مصر لكل المصريين.. حمى الله مصر وشعبها وجيشها.