الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ملف اللاجئين.. سلاح "أردوغان" لابتزاز الاتحاد الأوروبي.. يهدد بفتح الأبواب أمام السوريين لدخول دول "اليورو" للحصول على المساعدات.. تركيا تتحدث عن استقبال 3.5 مليون لاجئ سوري واستلمت 467 مليون يورو

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكل تصريح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في 5 سبتمبر الجاري، المتعلق بسماح بلاده بفتح الأبواب أمام اللاجئين خاصة السوريين للدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، تهديدا للاتحاد الأوروبي.


أردوغان، ربط بين تهديده، وعدم تقديم الاتحاد الأوروبى المساعدة الضرورية لأنقرة في ظل العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التى أضحت تعيشها تركيا، متهمًا الاتحاد الأوروبى بعدم الوفاء بصورة كاملة بوعده بشأن المساعدات المالية، وهى الاتهامات التى نفاها الاتحاد الأوروبي.
الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبى كان قد تعهد خلال القمة التركية – الأوروبية، المنعقدة في 29 أكتوبر 2015، بتقديم حزمة مساعدات مالية أولية من 3 مليارات يورو لدعم السوريين في تركيا حتى نهاية 2017، وخلال القمة الثانية في 18 مارس 2016، تقرر تقديم حزمة إضافية من 3 مليارات يورو حتى نهاية عام 2018، في حال انتهاء الحزمة الأولى.
وتستهدف تلك المساعدات تنفيذ العديد من المشاريع الهادفة إلى تلبية احتياجات اللاجئين السوريين في تركيا وتقديم الخدمات الأساسية من تعليم وغذاء وبنى تحتية، وبموجب هذه الاتفاقيات تعهدت تركيا بأن تكون دولة مقر بالنسبة للاجئين وأن تُوقف عمليات تدفق اللاجئين إلى الجانب الأوروبى عبر بحر إيجة، وأن يتم إرسال كل اللاجئين الذين تمكنوا من العبور إلى اليونان، وتحتضن تركيا داخل أراضيها نحو ٣.٥ مليون لاجئ سورى وتعد الدولة الأكثر استضافة للاجئين السوريين في العالم.

أزمات متداخلة
استقبلت تركيا في السنوات الماضية ملايين اللاجئين من دول مختلفة على رأسها سوريا التى قدم منها منذ اندلاع الأزمة في البلاد عام ٢٠١١ نحو ٣.٥ مليون شخص، حسب معطيات أنقرة، كما أن قيمة مساعدات اللاجئين التى قدمها الاتحاد الأوروبى حتى الآن إلى تركيا بلغت ٤٦٧ مليون يورو من أصل ثلاثة مليارات يورو وعد التكتل بتقديمها لحكومة أنقرة على مدى العامين ٢٠١٦ و٢٠١٧، وأوضحت المفوضية أن هذا الدعم جزء من إجمالى بقيمة ١.٢٥٢ مليار يورو تم الاتفاق على تخصيصه لصالح ٣٤ مشروعًا محددًا. يذكر أن الاتحاد الأوروبى يساعد في تمويل إيواء اللاجئين في تركيا وذلك في مقابل تعاون أنقرة في جهود حل أزمة اللاجئين.
ولم يكن هذا الملف فقط هو السبب في توتر العلاقات التركية الأوروبية بصورة منفصلة ولكن تعددت القضايا الخلافية بين الجانبين، خاصة ملف غاز منطقة شرق المتوسط، وأن الاتحاد الأوروبى أعلن في ٠٩ يوليو ٢٠١٩، إمكانية تعليق الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا ووقف المساعدات المالية لها احتجاجًا على أنشطة التنقيب غير المشروعة عن الغاز الطبيعى بالقرب من السواحل القبرصية.
وتضمنت مقترحات المفوضية الأوروبية للضغط على تركيا من أجل وقف أعمال التنقيب عن الغاز بالقرب من سواحل قبرص (العضو في الاتحاد الأوروبي) تعليق أى اجتماعات على مستوى الوزراء أو على مستوى القمة مع تركيا، إلى جانب وقف المحادثات الحالية بين الجانبين بشأن اتفاقية للطيران.
كما أعلن الاتحاد الأوروبى من قبل خلال قمة بروكسل في ٢١ يونيو ٢٠١٩، تهديد تركيا بالعقوبات إن لم توقف توقف عملياتها غير الشرعية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص، وذلك بعد ساعات على إرسال أنقرة سفينة تنقيب ثانية إلى هناك، وعملت دول الاتحاد على اتخاذ تدابير مناسبة في خياراتها تجاه التصعيد التركى في منطقة شرق المتوسط، وصلت حد التهديد بفرض العقوبات الاقتصادية على خلفية سلوكها التصعيدى تجاه اليونان وقبرص على الغاز في منطقة شرق المتوسط، وتكمن أهميتها كونها تأتى في ظل الضغوط الاقتصادية التى تشهدها تركيا بالأساس، ومن ثم تتزايد نتائجها في التأثير على الداخل التركى ووضع حزب العدالة والتنمية في وضعية سلبية.

توظيف اللاجئين
يمثل ملف اللاجئين إحدى القضايا المحورية التى يتم توظيفها من جانب أنقرة في تحقيق أهداف سياساتها الخارجية خاصة فيما يتعلق بمحورين أساسيين؛ الأول يتمثل في ضمان التأثير بصورة مباشرة في مجريات ومخرجات الأزمة السورية، والثانى يتعلق بتوظيف الجهود الدولية في ضمان استمرار الدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى لتركيا خاصة من جانب الدول الأوروبية، وبالتالى فإن هناك العديد من الأهداف التى تسعى تركيا إلى تحقيقها بانتهاج سياسات الضغط بورقة اللاجئين.
وعلى الرغم من أهمية هذا الملف بالنسبة لتركيا إلا أن هناك العديد من الأزمات التى ظهرت على خلفية هذا الملف؛ حيث ظهرت مشكلة اللاجئين بعدما تزايدت الضغوط الشعبية التركية تجاه سياسة العدالة والتنمية الذى حاول توظيف موجات التدفق العالية من جانب اللاجئين في ممارسة دور خارجى فاعل في الأزمة السورية بالمشاركة في عمليات التسوية السياسية المستقبلية والمتعلقة في المقام الأول بالمكون الكردى ومواجهته عسكريًا، أو من خلال استغلال اللاجئين للحصول على التمويلات الأوروبية الخاصة بصناديق الدعم الموجهة لهم، وفى هذا الإطار شهدت تركيا حالة من الاضطرابات الداخلية فيما يتعلق بوضعية اللاجئين الداخلية بفعل الضغوط الاقتصادية التى تشهدها تركيا، ومع تزايد الضغوط الداخلية تم ترحيل العديد من اللاجئين السوريين إلى إدلب وبعض المدن السورية، بالإضافة إلى تلويح أنقرة بورقة اللاجئين في تهديد الأمن الأوروبى مقابل الحصول على الأموال والدعم السياسى في مساندة الدور التركى في المنطقة وخاصة في الداخل السوري.

المنطقة الآمنة الهدف الاستراتيجي
تعتزم تركيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية إقامة «منطقة آمنة» في شمال شرق سوريا بحلول نهاية سبتمبر ٢٠١٩ لكنها مستعدة للتحرك منفردة إذا اقتضى الأمر، وفى حال ذلك تحتاج تركيا مساعدات مالية كافية ودعم لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، بمساعدة الاتحاد الأوروبي، وأوضحت أنقرة بأن هدفها بلاده توطين ما لا يقل عن مليون شخص من اللاجئين السوريين في المنطقة الآمنة، التى سيتم تشكيلها على طول ٤٥٠ كم من الحدود مع سوريا.
ومن زاوية أخرى فإن ملف اللاجئين يمثل أحد الأوراق ذات الأهمية الكبرى فيما يتعلق باتساع مساحة الضغط على النظام التركى لترحيلهم، ما يمكن لأردوغان أن يبرر الضغوط التى يتعرض لها داخليًا بالسعى لتوفير مكان آمن لترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى شمال شرق سوريا، أو في منطقة إدلب، أو للضغط على الاتحاد الأوروبى لزيادة مستوى الدعم المقدم خاصة وأن تركيا تعانى العديد من المشكلات من الأزمات الاقتصادية التى تؤثر بصورة سلبية على شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة معدلات البطالة، وتراجع الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة في ظل العقوبات الاقتصادية المحتملة عليها من جانب الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ومن ثم فإن هذا الملف يعد ورقة ضغط كبرى لتحقيق مصلحة الحزب وأردوغان ومن ثم الالتفاف على هذه الضغوط وتبرير موقفه.
وفى ٧ أغسطس ٢٠١٩، توصلت أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضى بإنشاء «مركز عمليات مشتركة» في تركيا لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة شمالى سوريا، وذلك كانعكاس لما شهدته مدينة إدلب السورية من تحركات عسكرية برية وجوية من جانب الجيش السوري، وإحراز تقدم للقوات الحكومية وانسحاب فصائل من المعارضة المسلحة من بلدة خان شيخون، بالإضافة لذلك أعلنت وزارة الدفاع التركية، في ١٩ أغسطس ٢٠١٩، بأن رتل عسكرى تابع لها يتكون من ٢٥ من الآليات والمعدات والشاحنات دخل من معبر باب الهوى الحدودى إلى الأراضى السورية، تعرض لقصف جوى خلال توجهه إلى نقطة المراقبة التاسعة في إدلب، وذلك بعد ساعات من تحذير النظام السورى لنظيره التركى من دعم الإرهابيين مناطق ريف إدلب، وذلك غداة دخول قوات النظام السورى إلى خان شيخون للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٤.
معركة إدلب والتهديدات التركية بتوظيف ملف اللاجئين لا ينفصلا عن التطورات في الشمال السوري، ومن المؤكد أن تركيا تبحث عن مشاركة مع قوات أمريكية على الشريط الحدودي، دون إلحاق أذى بقوات سوريا الديمقراطية والإدارات الذاتية في المنطقة، خاصة أن تركيا تحاول الوصول مع الولايات المتحدة إلى صيغة اتفاق بينهما حول المنطقة الآمنة.