استنشقت نسمة الهواء الباردة وهى تضم يدها بين كتفها أمام النافذة المغلقة والتى ترى من ورائها السماء الصافية بين مجموعة من النجوم فنظرت إلى الأسفل لتسمع أصوات ضجيج مدينتها، المدينة التى حلمت بالسفر إليها منذ طفولتها وهى مدينة القاهرة انتبهت من شرودها وهى تمسك كوب القهوة الساخن التى أعدته للتو وتجلس على أحد المقاعد فى منزلها وتفتح إحدى مواقع التواصل الاجتماعى وتكتب «اعلم أننى فعلت الصواب.. ولكننى دائمًا أحن إلى ذكريات الماضى».
أغلقت محمولها وهى تشعر بالنعاس فقامت من مكانها وذهبت إلى غرفتها لتخلد إلى النوم فهذه هى ياسمين القوية التى تحملت مسئولية نفسها منذ الصغر، أغمضت عينيها وهى تحاول ألا تتذكر الخزى الذى تشعر به فعندما كانت فى العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها تشاجر والديها وأخذت أمها داليا وحسن وبقيت هى وحيدة مع والدها وبالرغم من وحدتها وهدوء منزلها معظم الوقت إلا أن والدها يعطيها كل العطف والحب والحنان ويهتم بها كأميرته المدللة الصغيرة وهى كانت تعتبره كل شيء بالنسبة لها وعندما كبرت وصار عمرها الـ ١٦ سافرت فى نزهة ترفيهية مع والدها إلى القاهرة وانبهرت بجمال المساجد والشوارع وكثرة السكان والزحام فى الأماكن فأحبت كل هذا كثيرًا فهو ليس مثل قريتهم الصغيرة التى لا يوجد بها روعة الحدائق والأزهار والمترو وسلالم الكهرباء وعندما مرت على أحد الأماكن سألت والدها.. ما هذا المكان؟ فقال لها إنها جامعة القاهرة التى يلتحق بيه الطلاب بعد حصولهم على أعلى الدرجات فى الثانوية.
نظرت إلى المكان فى تأمل وهى تحدث نفسها جامعة القاهرة لقد أصبحتى حلمى وسأذاكر وأحصل على أعلى الدرجات لكى ألتحق بكٍ... فتحت عينيها وهى تشعر بالخزى تجاه والدتها التى تخلت عنها وتارة تبتسم من مواقفها مع والدها وكم كانت عنيدة وأصرت على تحقيق حلمها وقبل أن تطفئ النور لتخلد إلى النوم قالت عبارتها الأخيرة:
«On the way to my dream، I will get it، despite all the stresses of life»
فى الطريق إلى حلمى، سوف أحصل عليه، على الرغم من كل ضغوط الحياة.