الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد مطالبة الرئيس بسرعة الإنجاز.. أين وصل قطار تجديد الخطاب الديني؟ السيسي يضع المؤسسات الدينية أمام مسئولياتها في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.. وخبراء: ضرورة لإظهار الصورة الحقيقية للإسلام

 الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تكاد تمر مناسبة يتحدث فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الشعب والمسئولين، إلا ويجدد فيها مطالبته للمؤسسات الدينية في مصر، بسرعة الإنجاز في ملف تجديد الخطاب الديني.
وبات من الواضح أن مؤسسات الدولة، المعنية بتطبيق أفكار تجديد الخطاب الديني، ليست قادرة على مواكبة سرعة الرئيس السيسي في إنجاز الموضوعات المهمة، لا سيما المتعلقة بأمن المجتمع، والمرتبطة بالمواجهة الساخنة التي تخوضها الدولة المصرية ضد الإرهاب والفكر المتطرف. 
حديث الرئيس، خلال جلسة: "تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليا وإقليميا"، ضمن فعاليات المؤتمر الوطني الثامن للشباب، السبت الفائت، عن تأخرنا في تجديد الخطاب الديني، بما يواكب العصر، وعن أن الإرهاب كفكرة شيطانية، تستهدف ضرب مركز ثقل الدين لدى الإنسانية، تضع المؤسسات الدينية الإسلامية المصرية، وغيرها، أمام مسئولياتها، في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، وتطرح سؤالا مهما مفاده: إلى أين وصل قطار تجديد الخطاب الديني؟ وما سر عدم الاستجابة لمطالب الرئيس السيسي، في تسريع وتيرة العمل والإنجاز بهذا الملف؟

العبرة بالفهم
ويرى الدكتور عبد الغني الغريب رئيس قسم العقيدة بجامعة الأزهر، أن تجديد الخطاب الديني، يعد أمرا ضروريا لتطور الحياة، مشيرا إلى أنه لا أحد يفكر في المساس بالنصوص الصحيحة الواردة في الكتاب والسنة، وإنما الأمر يرتبط بالفهم المناسب للحياة العصرية.
ويمدنا الغريب بمزيد من الشرح فيقول لـ"البوابة نيوز"، إن النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية، ثابتة غير قابلة للتعديل، وإنما العبرة بالفهم المرتبط بها، وهو ما يتغير بمرور الزمن، بدليل أن الإمام الشافعي بدل الفقه الذي وضعه في الشام، عندما نزل إلى مصر للإقامة بها، مضيفا: "ولو كان الفهم لا يمكن تغييره، لما وضع الشافعي قواعد فقهية جديدة عندما جاء إلى مصر، ولأصرّ على فقهه الذي وضعه في الشام".
وتساءل الغريب: "لماذا لم يفسر رسول الله صلى الله عليه وسلم، القرآن الكريم؟"، مضيفا: "لو فعل الرسول ذلك لتحول القرآن إلى كتاب جامد لا يمكن أن يواكب العصر الحديث، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان سيفسره بمفردات وفهم عصره، حتى لا يستعصي الأمر على المسلمين وقتها، وكنا لن نجرؤ على مخالفة تفسيرات الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لم نكن لنستطيع أن نستنبط أحكاما، لما يستجد من أنشطة بشرية".
وتابع: "لو أن الفهم الفقهي توقف عند فترة السلف، ما كنا لنستطيع أن نستنبط الفتاوى لما نحن فيه الآن من مسائل شديدة الحديثة، ومن أمثلتها، الطلاق عبر الهاتف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كيف كنا سنضع فتاوى لهذه المسائل، لو كان الإسلام دينا جامدا لا يقبل التطوير؟!"
ودعا أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، المسئولين عن تجديد الخطاب الديني، إلى الاضطلاع بمسئولياتهم، ومواكبة الإنجازات التي تحدث في كل مكان على أرض مصر، والعمل بشكل دؤوب على إنجاز هذا الملف، بما يحفظ للمجتمع حقه في فهم سليم للنصوص الدينية، يواكب العصر، ويوضح الصورة الحقيقية للإسلام، وينفي عنه تهم الجمود والرجعية والتشدد. 

سلاح ضد الإرهاب
"يا ترى الناس بتوع الدين شايفين تأثير عدم المواجهة الفكرية وتصويب الخطاب الديني إزاي وإحنا بنواجه الإرهاب.. أنت مش مصدق إنك متأخر 800 سنة في تفسيرك لبعض النصوص؟!"، كانت هذه الكلمات هي ما عبر به الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن رغبته المتجددة في تصويب الخطاب الديني، عبر تجديده لإنتاج فهم يواكب العصر الحديث، وهو ما تؤكد الدكتورة هدى درويش أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الزقازيق، ضرورة حدوثه في أسرع وقت ممكن.
وقالت الدكتورة هدى درويش لـ"البوابة نيوز"، إن الرئيس السيسي، أزال أي شبهة خلاف بحديثه الأخير، خلال المؤتمر الوطني الثامن للشباب، خاصة عندما قال: "مش بتكلم في ثوابت، محدش يقدر يتكلم في ثوابت، أنا بقول تجديد الخطاب الديني بما يتلاءم في العصر اللي إحنا فيه، اللي بنقدمه بيصطدم مع الحياة، ومع الإنسانية وتطورها، ربنا عمره ما ينزل أديان تصطدم مع التطور"، مشيرة إلى أنه لا يوجد أي اختلاف بين تجديد الخطاب الديني، والحفاظ على ثوابت الإسلام، التي لا يمكن لأحد أن يقترب منها.
وأوضحت أن الفهم الخاطئ من قبل بعض الفقهاء لمطالب تجديد الخطاب الديني، جعلتهم يحجمون عن أداء الدور المنوط بهم في هذه المسألة المهمة، مضيفة: "الدين الإسلامي نزل لكل العصور، وفيه ما يواكب جميع الأزمنة، لذا فإنه ليس بيننا وبين تجديد الخطاب الديني، سوى أن نعمل وفق المنهج العلمي الديني الصحيح، من أجل تنقية الفقه مما لم يعد صالحا لزمننا.
وتساءلت أستاذ مقارنة الأديان: "من أين جاء عبد الملك بن مروان، بالتجنيد الإجباري في الجيش الإسلامي؟ أليس هذا نوع من الفهم الحديث للفقه الإسلامي، بناءً على ظروف الدولة وأحوالها في آنذاك؟!"، داعية المسئولين عن تجديد الخطاب الديني إلى أخذ الأمور بالهمة، والاهتمام اللازمين، من أجل إنجاز هذا الملف، وإنقاذ الأجيال المقبلة، من ويلات الدماء التي يريقها الإرهابيون، تمسكا بآراء شاذة لم يعد لها مكان في زمننا هذا.
وشددت الدكتورة هدى درويش، على أن تجديد الخطاب الديني، هو الوسيلة الفكرية المهمة، التي تملكها مصر، كسلاح في وجه التطرف والإرهاب.

فكرة عالمية 
من جانبه أكد شكري الجندي، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن تجديد الخطاب الديني، يعد فكرة عالمية، يجب أن يهتم بها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وليس مصر وحدها.
وأوضح لـ"البوابة نيوز"، أن الانتباه لحديث الرئيس السيسي، المتكرر عن ضرورة تجديد الخطاب الديني، يمثل ضرورة قصوى في الوقت الحالي، من أجل حماية المجتمع، والشباب على وجه خاص من الفكر الانغلاقي التكفيري، الذي يقودهم إلى هوة الإرهاب السحيقة.
وأشار عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، إلى أن المؤسسات الدينية المصرية، حققت نجاحا ملحوظا في بعض الأعمال المرتبطة بتجديد الخطاب الديني، مضيفا: "وزارة الأوقاف استطاعت السيطرة على المساجد، في جميع أنحاء الجمهورية، ومنع الإرهابيين والمتشددين من استغلالها لنشر أفكارهم، وهذا أمر جيد يجب البناء عليه لمواصلة المسيرة حتى النهاية".
وكشف "الجندي"، عن أن اللجنة الدينية بمجلس النواب، ستعقد في بداية دور الانعقاد الأخير للمجلس، عددا من المؤتمرات بالمحافظات، بحضور رموز الأزهر والأوقاف، للحديث عن أهمية تجديد الخطاب الديني، وعالمية فكرة التجديد، باعتبارها تهم كل مجتمع مسلم في هذا العالم.