الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جورج شاكر يكتب: الأسرة ودورها في حماية الأبناء من الإدمان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى يقينى أن مشكلة الإدمان واحدة من أخطر المشكلات المجتمعية؛ لأنها تستهدف أغلى ما نملك، وهم شبابنا أهم ثرواتنا فهم ركيزة الحاضر وأمل المستقبل.
نعم! المخدرات من أبشع وأشنع أنواع الآفات التى تهدد بشراسة وعنف المجتمعات، وتلوثها بأضرارها الخطيرة، ومن أسف تصور وترصد لنا التقارير الرسمية بأن انتشار تعاطى المخدرات بات انتشاره فى أوساط صغار السن من تلاميذ المدارس، وبين الشباب من طلبة الجامعات كانتشار النار فى الهشيم، الأمر الذى يحتم علينا جميعًا أن نستيقظ قبل فوات الأوان، وأن نتكاتف كلنا فى التصدى لهذه الظاهرة المخيفة المرعبة.
حقًا! وقفة تقدير واحترام، وتحية شكر وامتنان لرجال الشرطة العظماء الأوفياء عيون مصر الساهرة على أمن بلادنا، الذين يقومون بدورهم على أكمل وجه، ويبذلون النفس والنفيس فى تعقب الطغاة والجناة تجار المخدرات، الوكيل الحصرى لتسويق وترويج الموت، الذين يبيعون الأوهام فى محلات توسيخ الأدمغة، وتزييف الحقيقة، وتغييب العقل بخبث ومكر ودهاء، بغية الثراء الفاحش والسريع فى الوقت نفسه. 
ولكن ليس بمجهودات وزارة الداخلية المشكورة فقط، يمكننا محاصرة ومكافحة هذه الظاهرة الخطيرة والجسيمة، وإنما هناك قوى وأطراف أخرى يجب أن تشارك فى هذه المهمة الثقيلة، مثل وزارات: الصحة، والتعليم، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي. 
ولا يمكن أن أنسى الدور الحيوى والمهم الذى يمكن أن تقوم به دور العبادة (المساجد والكنائس) لما لها من تأثير كبير من خلال توعية وتحذير شبابنا عن مخاطر الإدمان... وفى هذا السياق أعجبنى أحدهم عندما قال: 
عندما خلق الله آدم ووضعه فى الجنة أوصاه قائلًا: «من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت».
وأردف قائلًا: «إن شجرة معرفة الخير والشر التى كانت فى وسط الجنة، التى نهى الله عن الأكل منها كانت شجرة مخدرات، بالطبع هذا خيال خصب وجميل، ولكن ليس لدينا ما يؤكد على ذلك، ومع هذا فالرسالة التى أراد توصيلها المتحدث هو تحريم المخدرات وهى رسالة فى غاية الأهمية». 
نعم! قبل دور الوزارات المعنية فى التصدى لقضية الإدمان، وقبل دور المسجد والكنيسة، يأتى فى الصدارة وفى المقدمة دور البيت والأسرة، فالأبناء نعمة منحها الله للإنسان، وهذه النعمة تصبح تاج النعم إذا صُناها وقمنا بتنميتها روحًا ونفسًا وجسدًا، ولكن يمكن أن تتحول هذه النعمة إلى نقمة إذا أهملناها وانشغلنا عنها بأى أمر من أمور الحياة مهما كانت قيمته وأهميته. 
كم من أناس ينشغلون عن تربية أولادهم فى جمع المال، ويبقى السؤال: ما مصير الثروة التى تشغلك عن تربية أبنائك؟ سيبددونها سريعًا، وإن كانت مال قارون كما يقولون، وما قيمة الاسم والمجد الذى تشيده ليظل لامعًا عبر الأيام، سوف يلطخه الأبناء بسلوكهم المنحرف، فى الوجه المقابل عندما تهتم بتربية أولادك ستكون أول مَنْ يفرح ويفخر بهم ويكونون هم تاجًا على رأسك، ونيشانًا على كتفك، ووسامًا على صدرك. 
نعم! الجهد الذى تبذله فى تربية أولادك إنما هو أروع استثمار فى حياتك يدر عليك عائدًا طيبًا وفيرًا فوق حد التصور.
كم تألمت كثيرًا عندما سمعت قصة إنسان كان له ابنان، وفر لهما كل الاحتياجات المادية، لكنه لم يعطهما من وقته الثمين أى اهتمام، أعطاهما المال لكنه لم يعطهما الرعاية والحنان، وفّر لهما الغذاء الجسدى ولم يوّفر لهما الطعام الروحى والأخلاقى والنفسي، ذلك لأنه كان مشغولًا جدًا بالمسئوليات والمهام العديدة المنوط بها، وكانت النتيجة أن الابنين التف حولهما أصدقاء السوء، وأصبحا مدمنين للمخدرات، خاصة الابن الأصغر الذى جرفه تيار الشر وأخذه إلى بعيد، ومع الأيام ساءت حالته، إذ دمرته الأمراض حتى أضحى بقايا إنسان، وفى النهاية كانت النتيجة الحتمية والمنطقية أنه مات بسبب الإدمان... بعد عدة أيام كان الأب جالسًا فى المنزل يشاهد أحد البرامج التليفزيونية، وكان المذيع يتحدث مع شباب أدمنوا المخدرات، وراح يسألهم سؤالًا محددًا: ما الذى دفع بكم إلى طريق الإدمان؟! وفجأة ظهر الابن الأصغر على شاشة التليفزيون وكأن عيونه موجهة إلى أبيه الذى يشاهد البرنامج، وكان هذا البرنامج قد تم تسجيله مع الابن قبل موته بعدة أسابيع، واستمع الأب إلى ابنه وهو يقول: «لو كان لى أب محب ما كنت أدمنت... لو كان لى أب يعطينى من يومه بعض الوقت يسمعنى ويحاورنى فيه ما كنت أدمنت، لو كان لى أب يهتم بى نصف اهتمامه بالعمل وجمع المال ما كنت قد أدمنت»، وبعد أن استمع الأب إلى حديث ابنه انكسر قلبه وتزلزلت مشاعره وعواطفه، وأخذ يبكى بكاءً مرًا، وتعلم الدرس، وبدأ ينتبه إلى ابنه الثانى يعالجه ويرعاه ويهتم به ويعطيه من وقته، ليعود إلى الطريق الصحيح، وينقذ ما يمكن إنقاذه.