الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

انفراجة في المشهد السياسي الإيطالي مع قرب تشكيل الحكومة الجديدة

جوزيبي كونتي رئيس
جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الايطالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت الساحة الإيطالية تشهد بوادر انفراجة مع قرب الإعلان عن تشكيل الحكومة الإيطالية الجديدة بقيادة جوزيبي كونتي، والمؤلفة من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحركة الخمس نجوم، ليعود الهدوء نسبيا إلى المشهد السياسي الإيطالي بعد أسابيع من الصراعات والتوترات المتأزمة.
وتزايدت الآمال بقرب تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن صوت أعضاء حركة خمس نجوم الإيطالية إلكترونيا بالأغلبية أمس الثلاثاء لصالح تشكيل ائتلاف حاكم يجمع بين الحركة والحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث صوت 79.3 % من أعضاء الحركة لصالح تشكيل الائتلاف برئاسة جوزيبى كونتي.
وبهذا يستطيع كونتي، القائم بأعمال رئيس الوزراء حاليا، تقديم حكومته إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا والحصول على موافقته، ثم الحصول على موافقة غرفتي البرلمان (الشيوخ والنواب).
وكان كونتي قد استقال من منصبه كرئيس للحكومة في 20 أغسطس الماضي أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، وذلك في أعقاب إعلان نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني في الثامن من الشهر نفسه انهيار التحالف بين حزبه الرابطة اليميني المتطرف وحركة "الخمس نجوم" وتقدم بطلب لسحب الثقة من حكومة كونتي، مما أدى إلى انهيار الائتلاف الحكومي وإشعال الأزمة السياسية في البلاد.
ووفقا للمراقبين، فإن الحزب الديمقراطي قد بذل جهوداً مضاعفة للتوصل إلى تشكيل ائتلاف حاكم جديد، لأنه رأى في انهيار الائتلاف الحكومي السابق فرصة ذهبية له للعودة إلى حكم البلاد بعد أن تركه في أوائل العام الماضي عقب هزيمة برلمانية ساحقة. 
في هذا السياق، قال الأمين العام للحزب نيكولا زينجاريتي "إننا نعمل بصبر وجد من أجل حكومة تسمح بتحقيق تغيير حقيقي إيطاليا بحاجة إليه"، مضيفاً أنه "متفائل وواثق من ذلك".
ومن أهم ما تضمنته مسودة برنامج حكومة الإئتلاف الجديدة إعداد موازنة العام المقبل لعرضها على المفوضية الأوروبية قبل نهاية الخريف، والتي كان من أبرز بنودها وقف زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى الحد الأدنى للأجور، وتقليل العبء الضريبي، ومساعدة الأسر وذوي الاحتياجات الخاصة. كما تضمن البرنامج الحكومي حزمة من الإصلاحات العدلية، إضافة إلى إعادة النظر في قانون الأمن وإجراءات تنظيم الهجرة التي اعتمدتها الحكومة السابقة تحت الضغط المستمر من سالفيني وتهديداته.
وواجهت عملية تشكيل الحكومة عدة عقبات أهمها أن الحزبين لهما رؤى مختلفة إزاء معظم القضايا، فعلى سبيل المثال وجّه زعيم حركة خمس نجوم، لويجي دي مايو، إنذاراً الجمعة الماضية إلى الحزب الديمقراطي للقبول بكل شروط حركته أو الذهاب إلى صناديق الاقتراع لإجراء انتخابات مبكرة. وبدا أن هذا الحدث كان صادما للديمقراطيين، الذين سارعت قيادتهم إلى إلغاء اللقاءات التفاوضية التي كانت منظمة مع حزب الرابطة لإعداد برنامج عمل الحكومة الجديدة.
ونظرا لندرة الحلول البديلة فضلا عن امتلاك حركة خمس نجوم أكبر كتلة في البرلمان منذ الانتخابات التشريعية عام 2018، مما يجعل وجودها أساسيا لتشكيل غالبية حكومية، نجح الجانبان في تنحية الخلافات جانبا والوصول إلى صيغة توافقية للبرنامج الحكومي.
ومن العقبات أيضا التي واجهت عملية المفاوضات مسألة توزيع الحقائب الوزارية، وإصرار رئيس حركة الخمس نجوم، لويجي دي مايّو، على تولّي منصب نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية، مثل وضع سالفيني في الحكومة المستقيلة، وهو ما رفضه الحزب الديمقراطي الذي أصرّ على أن تكون هناك نيابة واحدة للرئيس من حصته، على اعتبار أن كونتي محسوب على الحركة، رغم عدم انتسابه رسميّاً إليها، وأكد أن قبول الحزب لتولّي كونتي رئاسة الحكومة مشروط بعدم تولّي دي مايّو منصب نائب رئيس الوزراء.
ورغم كل هذه النقاط الخلافية، أكد كونتي أن هناك "بيئة عمل جيدة" بين الحزب الديمقراطي وحركة "خمس نجوم" وهو ما أدى بدوره إلى التوصل لمسودة البرنامج الحكومي المشترك، بعد عدة أيام من المفاوضات تخللتها هجمات كلامية حادة وتعليق جلسات.
والأمر الملاحظ في هذه الأزمة هو بروز كونتي كشخصية مركزية يترسخ دورها داخل المشهد السياسي الإطالي، خاصة بعد التأييد الذي حظى به مؤخرا على الصعيدين الداخلي والخارجي. فمن ناحية، حظى كونتي بدعم واضح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال القمة الأخيرة لمجموعة الدول الصناعية السبع في فرنسا، والتي أعرب خلالها ترامب عن أمله في أن "يبقى كونتي رئيساً للوزراء"، واصفا إياه بانه "رجل موهوب جدا" ومؤكدا أن كونتي "مثًل إيطاليا بقوة خلال قمة مجموعة السبع، فهو يعشق بلاده ويعمل بشكل جيد مع الولايات المتحدة".
كما حظى كونتي بدعم من البابا فرنسيس بابا الفاتيكان الذي استقبله الاسبوع الماضي وعقد معه محادثات قصيرة.
في سياق متصل ، أفادت استطلاعات الرأي، التي أجراها معهد بيبولي مؤخرا، أن كونتي هو السياسي الأكثر شعبية في البلاد، حيث أظهر الاستطلاع أن نحو 55% من المستطلعة أراؤهم لديهم ثقة في كونتي، وهو ما يعد ارتفاعا بمعدل 5 نقاط مقارنة بشهر يوليو الماضي. كما أظهر استطلاع آخر نشرته صحيفة «لا ستامبا» الاسبوع الماضي، أن الثقة في الزعيم اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني، تراجعت بواقع 6 نقاط لتصل إلى 38%.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه سالفيني، نداءاته المتكررة إلى رئيس الجمهورية للعودة إلى صناديق الاقتراع، واصفاً مساعي تشكيل الحكومة الجديدة بأنها "مهزلة بين حزبين لا يجمع أي شيء بينهما".
في ضوء ما سبق، يتفق المراقبون على أن تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة كونتي هو أفضل السيناريوهات الحالية لوضع حد للأزمة الإيطالية والتي تبعدها عن شبح إجراء انتخابات مبكرة من شأنها أن توصل سالفيني للانفراد بالحكم، وهو ما قد يضع إيطاليا في أزمة حقيقية من شأنها أن تعوق إدارة شئون البلاد، وأن تضع روما في مواجهة صعبة مع بروكسل والاتحاد الأوروبي.