الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البحث عن تذكرة عودة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وماذا بعد كل هذا الصخب الذي يسرق أعمارنا ويطفئ نضرة أرواحنا؟ ما هي المفازة إذا ما استطاع أحدنا الانتصار على الحياة لكنه أردى كل سنوات عمره قتيلة تحت قدمه؟ ما جدوى النجاح ولم يعد ما كنت تود رؤية بريقه في عينيه؟ أنت طبيب ما جدواها وروحك منهكة؟ مهندس وبنيانك خائر! مدرس و"بشورة" السنين تمحي بقايا آثار الفرح على وجهك! صحفي.. كاتب ما جدواها وحرفك منكفئ كأسير بأصفاد لا يستطيع التحرك إلا في مدارها.
أو تعلم يا أنا أو يا أنت أو يا هذا أن شئ ما كان يميز الأمس عن الغد عن يومنا، شئ ما غير ذلك الرقم على الصفحات، لكنه اختفى.. ربما كان أبا تسعى لإسعاده بنجاحك ومات.. ربما هو الذي كان ينزع ورقة الأمس من تلك "النتيجة" المعلقة على الجدار فترى الغد، ربما هو الذي كان يكتب لك على ورقة اليوم تلك الحكمة التي تشرح صدرك للحياة.
وربما كان هذا الشئ أمك قنديل الدار الذي انطفأ فسكن الظلام روحك وبت تبحث عن يومك لا تجده.
وربما كان هذا الشيء سنوات عمرك التي وضعتها في إطار وعلقتها على الجدار.. كإجابة للمارة عما ضاع من عمرك.. حاصل على بكالوريوس.. ليسانس..
أو ربما كان هذا الشيء هو الأقصوصات الصغيرة التي قرأتها عن الحب وتشوقت لأن ينضج قلبك كفاكهة في أوانها وحينما حدث، عطب قلبك على فرعه ولم يشتريه أحد.
أتعرف يا هذا أنا وأنت وكل ركاب القطار نتشوق للوصول إلى المحطة فالرحلة مذ بدايتها كانت على غير هوانا، لم نسمع سمرا يجذب أرواحنا، لم يمر بائع السميط البسيط في العربات، كما لم يمر بائع الكازوزة في ساعات القيظ، نعسنا كثيرا مجبرين لأن بائع الجرائد والمجلات لم يأت بحادثة جديدة ولم يغير صورة الإغراء وكل من في القطار حفظوا هذه الأرداف.
أنا متعب لا من بطء القطار لكن من شعوري أن القضبان تطول وأن من غادروا القطار، لا يريدوا أن يزاحمهم أحد في محطات الوصول فحطموا اللافتات.
يا هذا إذا مر عليك مراجع التذاكر فقل له هل لديه لتلك الروح المنهكة تذكرة عودة؟ وإذا ما وجدت لا عليك بالجسد الممدد على المقعد الخشبي بجوارها ففي أي محطة وصول القه في الفناء.. اعطها التذكرة إن وجدت وأخبرها ألا تلتفت للوراء فهذا القطار إنما صنع للحمقى والأغبياء.