الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نقاد: حبيب الصايغ أحدث نقلة في الشعر الإماراتي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبقى اسم الشاعر الراحل حبيب الصايغ كصوت مؤثر فى خريطة الشعر الإماراتي، حيث أسهم بشكل كبير فى حركة الشعر الحديثة، وكان من أوائل جيله الذين اهتموا بقصيدة النثر وبرع فيها، وفى الوقت نفسه حافظ على الكتابة بقصيدة التفعيلة والقصيدة التقليدية.
فى عام ٢٠١٢، وتزامنًا مع اختيار الشاعر الراحل حبيب الصايغ «شخصية العام الثقافية» فى معرض الشارقة الدولى للكتاب، أصدرت دائرة الثقافة والإعلام فى الشارقة كتابًا بعنوان «حبيب الصايغ.. ريادة الشعر والحياة»، والذى احتوت صفحاته تكريما لأعمال الراحل التى ساهمت على المستوى الإبداعى الشخصى والثقافى العام فى تشكيل علامة فارقة فى الحياة الثقافية الإماراتية والعربية، حيث كان الراحل قد أحدث نقلة فى الشعر الإماراتى بمختلف اتجاهاته، الكلاسيكي، شعر التفعيلة وقصيدة النثر؛ إضافة إلى نصوصه النثرية وعمله الإعلامى ككاتب وكصحفى وكمسئول ساهم فى إبراز ثقافة بلاده، حيث أسس سلسلة مطبوعات أضفت على الحياة الثقافية الإماراتية المزيد من الغنى والتميّز ببعدها العربي.
وضم الكتاب خلال ٣٦٤ صفــحـــة، شهادتين، وقراءات لأكثر من عشرين كاتبًا، وتناول فى قسمه الأول شهادات ودراسات تناولت عالم حبيب الصايغ الشعرى والثقافى، فى حين تناول القسم الثانى دراسات تناولت آثاره الإبداعية؛ بداية من المصاعب المبكرة التى تعرض لها الراحل -الذى عاش فترة طويلة خارج وطنه- وجعلته ينشر مؤلفاته فى بلاد أخرى، وبينما أصدر مجلة «أوراق» الهادفة إلى التحديث، كان يعمل على الدخول فى تُربة قصيدة النثر التى اتجهت موضوعاتها نحو نزال الواقع الذى عاش بعض تفاصيله خلال اجتياح بيروت، وقبلها فى الستينيات هزيمة يونيو فى مصر، وهو ما اتّضح فى ديوانه «الناطق باسم نفسه»؛ كذلك فى دواوينه «قصائد إلى بيروت»، «وردة الكهولة»، و«ثلاثة أرباع الغيم»، كان يخوض مختلف الأشكال الشعرية دون حماسة لنوع محدد، وهو ما بدا فى ديوانه «وردة الكهولة» الذى اختتمه بقصيدة عمودية عنوانها «الجواهري» رغم أنه ضمّ تجارب فى كتابة قصيدة النثر، لكنه لم يتخل تمامًا عن شعر التفعيلة ليقدم نموذجًا لتعايش الأشكال الشعرية المتناقضة.
ورأى بعض من تناولوا إبداع الراحل فى الكتاب أن ديوان «أسمى الردى ولدي» يشكل ذروة تجربة الصايغ الشعرية، واعتبره آخرون احتفاء بالموت وتملصًا منه بقبوله والاقتراب منه، ورؤية شعرية ماكرة حد الروعة، بل ووصفت قصيدة من الديوان وهى «موت الموت» بـ«العمل الملحمي» الذى يعود بالقارئ إلى زمن المعلقات، حيث قصيدة مملوءة بالانتصارات والانكسارات، وكأن الراحل يرفض أن يتواضع ليس أمام الموت فقط بل والحياة أيضًا.
وفى كتابه «تمرد اللغة واستعادة الصوت.. قراءة فى عوالم حبيب الصايغ الشعرية»، تناول الناقد والباحث المصرى الدكتور صديق جوهر، الذى شغل منصب رئيس قسم الأدب الإنجليزى فى جامعة الإمارات العربية المتحدة، عوالم الشاعر الإماراتى الراحل من خلال مجموعات أربع له هى «التصريح الأخير للناطق الرسمى باسم نفسه ١٩٨١- الملامح ١٩٨٦- قصائد على بحر البحر ١٩٩٣ - اسمى الردى ولدى ٢٠١١»، كجزء من تجربة أعمق وأغنى تشمل اثنتى عشرة مجموعة شعرية، هى -كما يقول المؤلف- تشكل «ذخيرة شعرية وأدبية خليجية وعربية وإنسانية جديرة بالاعتبار من حيث جدية الخيار الشعرى لدن الصايغ ومن جهة كم الإنجاز ونوعية الناتج»؛ حيث رأى خصائص تجربة الصايغ فى إيجاز التجربة الإنسانية، سواء فى القصيدة الواحدة المستقلة أو فى النص الطويل، وهيمنة الصوت المتكلم على القصيدة الغنائية، وغلبة الصوت الناطق الرسمى باسم نفسه، و«ميل القصيدة إلى أن تكون شخصية فى موضوعها وذاتية فى التقاطها للعالم الخارجي، دون أن يلغى ذلك حقيقة أن التضمين والتماهى مع الآخر يحتلان جانبًا من تلك الشخصنة العالية وهذه الذاتية المفرطة، والتركيز العالى فى طرائق التعبير».
أمّا كتاب «الدلالة الحافة فى شعرية النص الجديد- أسلوب النص» للقاص والناقد السورى الدكتور دريد يحيى الخواجة، فيقدم رؤية نقدية لتجربة الصايغ، من خلال تعيينات داخلية نصية وبنية التشكيل النصى الدلالي، وجماليات أشكال التكرار النصى وبنية السرد الشعري، وقصيدة السؤال والاستدراكات على النص الكلي، ومستدلات الكلام والوقت فى فتحة النصوصية المركزية الدلالية، وبنية السرد الشعرى وجماليات الإزاحة اللغوية؛ كما تناوله باعتباره نموذجًا للغموض فى القصيدة العربية الجديدة؛ وكتب يقول «هاجس الوقت، من ضمن هواجس أخرى فى قصائد الشاعر حبيب الصايغ، ليست مجرد مصاحبات تعبر بها اللغة فى النص، بل هى نتيجة تحديق عميق ملتهب داخل بنية تفكيرية تأملية تقوم عليها أنساق شعرية متنوعة، فيها بروز اشتغال فنى خاص تورث سمات شعرية الصايغ ومنها «انفتاح نصوصه بعضها على بعض»، وتطبع شخصية شعرية بقلق «الإنساني» فى الزمن، والمصير، والمعاناة فى دوائر فلسفة الميلاد والموت والطفولة وأبعاد العلائق البشرية».