الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

اشتباكات عدن.. خلط للأوراق وتساؤلات حول مستقبل الأزمة اليمنية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت التوترات والاشتباكات العنيفة، التي شهدتها مدينة عدن أمس الأربعاء، بين قوات الحرس الرئاسي اليمني ومسلحين تابعين لما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، لتخلط الأوراق في المشهد السياسي والأمني المتأزم في اليمن، لاسيما وأنها اندلعت بين طرفين يفترض أنهما حليفان في مواجهة الحوثيين، وهما قوات الحرس الرئاسي الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يشارك مع الحكومة اليمينة الشرعية في إئتلاف يسعى لانهاء سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في البلاد.
كما تطرح اشتباكات عدن، التي تتخذها الحكومة الشرعية اليمنية كعاصمة مؤقتة للبلاد منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء قبل نحو أربع سنوات، العديد من التساؤلات حول مستقبل الأوضاع الأمنية والسياسية في هذا البلد الذي تمزقه الحرب الأهلية. كما تثير المخاوف والشكوك بشأن مصير الجهود الدولية والاقليمية التي تُبذل حاليا، لإيجاد تسوية سياسية للصراع السياسي والعسكري في اليمن.
وكانت شرارة هذه التوترات، التي تشكل منعطفا لافتا في الوضع الأمني في اليمن، قد اندلعت عقب مشاركة الآلاف من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتزعمه محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي، في تشييع جثمان العميد منير اليافعي، القيادي في قوات الحزام الأمني (التابعة للمجلس)، إلى مقبرة قريبة من القصر الرئاسي اليمني في منطقة "معاشيق" في عدن، قبل أن يتطور الأمر إلى اشتباكات متبادلة بين مسلحي المجلس وحرس القصر الرئاسي.
وكان العميد منير اليافعي قد قضى مع العشرات من الجنود اليمنيين في هجوم مزدوح شنه الحوثيون بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة، يوم الخميس الماضي، على معسكر الجلاء في مديرية البريقة غرب عدن، وهو ما اعتبرته بعض قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي أمراً مدبراً لتصفية القائد الموالي لهم، ووجهت تلك القيادات أصابع الاتهام إلى موالين لحزب "الإصلاح" الإسلامي، رغم اعتراف الحوثيين أنفسهم وتبينهم للهجوم.
وخلال تشييع جنازة اليافعي أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، ما سمّاه "النفير العام"، داعيا ما وصفها "المقاومة الجنوبية" بالتوجه صوب القصر الرئاسي للسيطرة عليه والإطاحة بالحكومة، ليتحول الموقف إلى اشتباكات عنيفة بين الجانبين، سقط خلالها عدد من القتلى والمصابين في الطرفين.
وكانت حصيلة تلك المواجهات مقتل ضابط في الحرس الرئاسي وإصابة ثلاثة جنود، وفقا لقائد لواء في الحرس، بينما ذكرت تقارير صحفية موالية للمجلس الانتقالي إن خمسة من عناصر المجلس قتلوا وأصيب العشرات برصاص قوات الحرس الرئاسي، خلال هذه الاشتباكات، التي امتدت في وقت لاحق، إلى مديرية "خورمكسر"، حين حاولت عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي اقتحام "معسكر بدر" الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي. 
وتعيد هذه الاشتباكات، كما يشير مراقبون، للاذهان ما شهدته عدن من أحداث دامية في أواخر شهر يناير من العام الماضي 2018، حين خاض مسلحون تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي مواجهات عنيفة مع قوات الشرعية اليمنية، وهي المواجهات التي استمرت عدة أيام وشملت أغلب مناطق المدينة، وسقط خلالها نحو 50 قتيلاً وعشرات الجرحى.
وتعليقا على اشتباكات الأمس اعتبرت الحكومة اليمنية على لسان نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، أحمد الميسري، أن الهدف من الأحداث التي شهدتها عدن أمس (الأربعاء) هو "إحداث الفتنة وضرب السكينة والأمن والاستقرار من قبل عناصر معروفة لدى الجميع". وقال الميسري في كلمة بثتها قنوات فضائية يمنية، إن البعض أراد استغلال واقعة استشهاد اللواء منير اليافعي قائد قوات الدعم والإسناد في عدن، بأيادي الحوثيين الإجرامية، "وما تبعتها من أحداث تم الترتيب لها" لأغراض سياسية، مؤكدا أن الحكومة اليمنية مارست "الحلم والحكمة والصبر للحفاظ على السكنية العامة والاستقرار".
ووصف وزير الداخلية اليمني بيان هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي دعا فيه لاقتحام القصر الرئاسي في عدن، بأنه "موتور"، ويهدف إلى إحداث الفتنة و"الحرب على مؤسسات الشرعية"، وطالب بعدم الاستجابة لدعوات "بن بريك" التي وصفها بأنها دعوات قاتلة "هدفها الحرب، وهي لا تخدم إلا الحوثي وحده".
وكان هاني بن بريك قد قال إن قوات الحماية الرئاسية التي يقودها نجل الرئيس عبد ربه منصور هادي أطلقت النار على مشيّعي الجنازة، معتبرا ذلك سبباً كافياً لإعلان النفير العام واقتحام القصر على حد وصفه.
ويرى مراقبون ومحللون أن هذه الاشتباكات بين مسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات موالية للحكومة اليمنية الشرعية، تظهر أن هناك خلافات قوية في المواقف داخل الائتلاف، المكون من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الائتلاف الذي يخوض حربا ضد جماعة الحوثي. إذ تكشف تلك الاشتباكات والمواجهات - وفق المراقبين - أنه وعلى الرغم من اتفاق الطرفين (الحكومة اليمينة والمجلس الانتقالي) على ضرورة انهاء سيطرة الحوثيين على حكم اليمن، إلا أن لكل منهما تصوره الخاص بشأن مستقبل الأوضاع اليمن في مرحلة ما بعد الحوثيين.
وقد خلّفت اشتباكات عدن حالة من القلق والمخاوف لدى الأوساط الدولية والاقليمية المعنية بتطورات الأزمة اليمنية، والجهود الدبلوماسية التي تبذل للتوصل إلى حل سلمي لها. فعلى صعيد ردود الفعل على ما جرى، عبّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، عن قلقه إزاء التصعيد في عدن وانعكاساته على مؤسسات الدولة اليمنية، وقال إنه يشعر بقلق عميق إزاء التصعيد العسكري في المدينة، خصوصا "في ضوء الخطاب الأخير الذي يشجع على العنف ضد المؤسسات اليمنية"، في إشارة إلى دعوة نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي لاقتحام القصر الرئاسي.
الموقف نفسه عبر عنه السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل أرون، الذي أبدى في تغريدة له على تويتر، قلقه البالغ بخصوص التطورات الأخيرة في عدن، داعيا مختلف الأطراف إلى التهدئة.
ومن جانبه وصف وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش التطورات التي شهدها محيط القصر الرئاسي في عدن بأنها "مقلقة"، مؤكدا ضرورة التهدئة وعدم التصعيد. وقال قرقاش إن الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري لحل أي توترات أو اشكالات.
ويعيش اليمن حاليا على وقع حرب أهلية مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، هي الحرب التي أدت إلى مقتل عشرات الالاف ووضعت ملايين من اليمنيين على حافة المجاعة وفقا لتقديرات منظمات الاغاثة التابعة للامم المتحدة.